ولدت مليكة الفاسي سنة 1919 بفاس، في أسرة عالمة، وبعد دراستها الأساسية انتقلت لمتابعة تعليمها على يد جملة من الأساتذة والعلماء وسرعان ما ظهرت نجابتها بكتابة المقالات الصحفية بدءا من 1934 قبل أن تنخرط في العمل السياسي بانضمامها إلى كتلة العمل الوطني سنة 1937 فكانت المرأة الوحيدة الموقعة على وثيقة الاستقلال لسنة 1944 الداعية إلى إعلان استقلال المغرب وفي سنة 1947، قررت تأسيس حركة نسوية... وبعد الاستقلال ساهمت في الحملة الوطنية لمكافحة الأمية وتعليم الفتيات، وفي الاهتمام بالعمل الخيري إلى جانب اهتمامها بالموسيقى الأندلسية، وقد قدمت مذكرة إلى الملك محمد الخامس من أجل منح المرأة حق التصويت، وإعطاء أوامره بفتح فرع خاص للطالبات يكون تابعا للقرويين. ونتيجة هذا التحرك، عينت مليكة الفاسي في بداية الاستقلال ضمن اللجنة المركزية المشرفة على التعاون الوطني، وساهمت في إنشاء العصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية، وأسست مع جماعة من الوطنيات، جمعية المواساة بالرباط لإيواء البنات اليتيمات ومساعدتهن من أجل العيش الكريم، وانتخبت رئيسة لها سنة 1962، وكان من ثمرة تحركها، تتويجها بأحد أوسمة اليونسكو. وتقول مليكة الفاسي في إحدى المقالات لها نشرت بجريدة «العلم» سنة 2006 «.. وقد عملت المرأة كل مجهود لجمع المال وللحصول على السلاح وإن من بينهن من بنت حائطا في غرفتها الخاصة لتخفي فيه السلاح حتى ساعة الاحتياج». ويشار إلى أن أبو بكر القادري، المقاوم المغربي، وأحد مؤسسي الحركة الوطنية، تطرق أكثر من مرة إلى خصائص هذه الشخصية في كتبه حول «مذكراته في الحركة الوطنية المغربية»، إذ أسهب في الحديث عن مليكة الفاسي لدى تعريفه بالشخصيات التي وقعت على وثيقة المطالبة بالاستقلال، إذ تعرف عليها في سنوات الثلاثينات. وذكر القادري أن شخصية مليكة الفاسي، التي لم يكن يعرفها بهذا الاسم، إذ أثارته حين كان يقرأ مقالات ممضاة باسم «باحثة الحاضرة» في ملحق جريدة «المغرب» آنذاك، وتساءل حول من تكون تلك المرأة التي ظهرت فجأة في الميدان الصحافي دون غيرها من النساء، وزاد لديه فضول التعرف عليها حين لمس من خلال كتاباتها كيف كانت تشير إلى»أن ميدان الصحافة يجب أن لا يظل حكرا على الرجال وحدهم، وأن الدعوة إلى الإصلاح والتطور ينبغي أن يشترك فيها الرجل والمرأة على السواء». وبين أبو بكر القادري في مذكراته أنه بعد مرور فترة وجيزة على ذلك، علم أن تلك المرأة «الفريدة هي السيدة مليكة الفاسية، زوجة الأستاذ محمد الفاسي. توفيت يوم السبت 11 ماي 2007 بعد مرض لم يمهلها طويلا، ودفن جثمانها بضريح الحسن الأول بالرباط حيث يرقد زوجها العلامة محمد الفاسي.