تعيش جمهورية مصر حالة من الترقب والتوتر الشديدين في انتظار بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أمهل الأطراف السياسية 48 ساعة للتوافق انتهت حوالي الساعة الثالثة والنصف مساء أمس دون أن يصدر أي بيان عنها، في الوقت الذي قالت صفحة المتحدث باسم القوات المسلحة على موقع «تويتر» إنه ليست هناك مواعيد محددة لإصدار بيانات. ودعت رئاسة الجمهورية المصرية في بيان رسمي، أمس الأربعاء، كافة القوى الوطنية للحوار حول خارطة طريق تروم إجراء المصالحة الوطنية الشاملة وتلبي مطالب الجماهير وتستوعب كافة القوى الوطنية والشبابية والسياسية وتزيل الاحتقان السياسي الذي تشهده مصر في هذه الأيام. وحذر البيان من أن تجاوز الشرعية الدستورية «يهدد الممارسة الديمقراطية بالانحراف عن مسارها الصحيح ويهدد حرية التعبير التي عاشتها مصر بعد الثورة»، مذكرا بأن «الشرعية هي الضامن الوحيد للاستقرار ولمقاومة أحداث العنف والبلطجة والخروج على القانون». وأبرز البيان الرئاسي أن خارطة طريق رئاسة الجمهورية تتضمن تشكيل حكومة ائتلافية توافقية تدير الانتخابات البرلمانية القادمة وتشكيل لجنة مستقلة للتعديلات الدستورية لتقديمها للبرلمان القادم. وحملت الرئاسة المصرية الجزء الأكبر من المسؤولية عما تعيشه البلاد لعدد من الأحزاب السياسية «التي سبق أن قاطعت كل دعوات الحوار والتوافق وآخرها تلك المبادرة التي تغطي كل ما يطالب به الشارع بتنوعه وتمنع انجرار البلاد إلى سيناريو التطاحن السياسي الذي لا يتمناه أي مصري لوطنه»، داعية القوى السياسية والوطنية لأن تعلي المصلحة الوطنية فوق كل ما عداها. وحذر البيان من أن أي سيناريو غير التوافق «من شأنه أن يربك عملية بناء المؤسسات»، مشددا على أن كل من يعتقد أنه يمكن أن تعود مصر إلى الوراء وتهدم شرعية الدستور والثورة وفرض شرعية القوة على الشعب المصري هو واهم . وطيلة يوم أمس عقد الجيش اجتماعات بقوى سياسية وشخصيات دينية بارزة، في مقدمتها شيخ الأزهر أحمد الطيب وتواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريريك الكرازة المرقسية وأعضاء في حركة «تمرد»وصلوا إلى مقر وزارة الدفاع للقاء عبد الفتاح السيسي تلبية لدعوة القوات المسلحة، كما اجتمع السيسي مع ممثلين عن حزب النور السلفي، فيما أعلنت وكالة «رويترز» أن حزب الحرية والعدالة رفض الاجتماع مع قائد القوات المسلحة. وفي الوقت الذي تشبث الرئيس في خطابه بالشرعية الدستورية والقانونية، عبرت أصوات مختلفة في الداخل عن مخاوفها من حدوث «انقلاب» عسكري ضد الإرادة الشعبية يتزامن وعودة النائب عبد المجيد محمود إلى منصبه، وقال عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين على صفحته على الفايسبوك أمس، «إن الشعب المصري لن يقف ساكنا في وجه تمرد عسكري»، وأضاف «المغامرة الخطيرة بتمرد عسكري ليست مثل أي تمرد مدني لأن نتائجها غير معروفة، وأي مراهنة على هدوء الشعب ستؤدي إلى أن يخسر المراهنون كل الرهانات، والثورة علمت الشعب أن حريته أثمن من حياته والشعب هو السيد وهو الذي يقرر . وأن عهد وزمن الانقلابات العسكرية ذهب إلى غير رجعة». في سياق ذلك، تواصل استهداف المتظاهرين المؤيدين للرئيس المصري محمد مرسي في محيط جامعة القاهرة صباح أمس، وذلك في أعقاب مقتل 16 شخصا وإصابة 200 حسب حصيلة وزارة الصحة. وتحدثت وكالات أنباء عن وجود ست سيارات محترقة ودراجات متفحمة بالمنطقة، مشيرا إلى أن المعتصمين قاموا برص معدات حديدية على شكل جدار يحيط بالميدان للدفاع عن أنفسهم. يشار، إلى أنه في أول رد فعل قانوني على بيان الفريق السيسي وزير الدفاع، تقدم منسق حركة المحامين الثوريين ببلاغ إلى المستشار المحامي العام الأول لنيابة استئناف الإسكندرية يحمله ويتهمه فيه بالتحريض قلب نظام الحكم وتهديد رئيس الجمهورية لإجباره على عمل مما يختص به قانونا.