عبر رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، عن عدم رضاه عن واقع الإدارة المغربية والخدمات التي تقدمها للمواطنين على الرغم من المجهودات المبذولة لتحسين خدماتها وعلاقتها بالمواطن، وقال ابن كيران إن المواطن المغربي أصبح لديه وعي بأنه صاحب السيادة في البلاد، وبالتالي على الإدارة أن «تقدم إليه الخدمات «بلا جْميل»، مؤكدا في هذا السياق أن «الحكومة اتخذت عدد من الإجراءات وبسطت الكثير من المساطر، ورغم ذلك لم يشعر المواطن بالصداقة مع هذه الإدارة إلى اليوم. وأضاف رئيس الحكومة في جلسة السياسة العامة بمجلس النواب أول أمس حول موضوع خدمات الإدارة اتجاه المواطن والمقاولة والتي استمرت المعارضة في الهروب منها بمقاطعتها للمرة الثانية بعد مقاطعتها لجلسة 31 ماي الماضية، (أضاف) أن الإدارة العمومية شأن عام وليست وسيلة للرشوة، وعلى من أراد الاغتناء التوجه للتجارة أو السياحة أو الصناعة مجالات العمل الحر»،. وشدد بنكيران على ضرورة بناء الثقة بين المواطن والإدارة «التي يجب أن تصغي للمواطنين الضعفاء منهم تحديدا، والذين غالبا ما تضيع حقوقهم»، منبها إلى أن «الإدارة لا يجب أن تكون عدوانية في تعاطيها مع المواطنين، وأن المشاكل الإدارية يجب أن تحل لكن ليس على حساب صحة المواطنين. واستغرب ابن كيران، ممن قال إنهم يدافعون على المرتشين والمفسدين وقال عليهم أن يعلموا أن الغلبة ستكون للإصلاح، وانتقد المتحدث تواطؤ البعض في المجتمع مع التصرفات غير المسؤولة، مشيرا إلى أنه آلمه كثيرا كيف أن يتابع شخص بتهمة الرشوة، والتهمة ثابتة في حقه، وعندما قال القضاء كلمته يتم استقباله من طرف رفاقه في المهنة استقبال الأبطال على حد تعبير ابن كيران». وعن غياب المعارضة عن الجلسة قال عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية، بمجلس النواب موجها كلامه لرئيس المجلس كريم غلاب «قوموا بدوركم السيد الرئيس في إيجاد حل لهذا الإشكال الذي لا يمكن أن يستمر»، داعيا إياه إلى «ضرورة عقد ندوة الرؤساء من أجل البحث عن أسباب المقاطعة». وأكد بوانو، على أن المعارضة عمليا تعرقل الفصل 10 من الدستور وأنها لا تقوم بأدوارها المنصوص عليها، قبل أن يضيف على المعارضة أن تفهم بأنها ليست وحدها من ستحدد شكل وطريقة مرور هذه الجلسة. استغرب بوانو قبل كل ذلك من غياب أمين المجلس وديع بنعبد الله عن فريق التجمع الوطني للأحرار من منصة المجلس إلى جانب رئيس المجلس، مسجلا أن المجلس انتخبه أمينا وعليه أن يقوم بأداء وظيفته اتجاه المؤسسة، مؤكدا أن الاحتجاج بهذه الطريقة إخلال بالواجبات المرتبطة بالمؤسسة التشريعية لأن ممارسة المعارضة يجب أن يكون مؤسساتيا. عن خطوة المعارضة هذه قال أحد المهتمين ل «التجديد» إن المتضرر الأول مما يحصل ليس رئيس الحكومة بل المتضرر هو تنزيل الدستور والصورة السياسية للمغرب والتواصل مع المواطنين ووظيفة تمثيلهم من طرف النواب. وبالعودة إلى مداخلة رئيس الحكومة فقد أقر هذا الأخير بأن «الإدارة لازالت بعيدة عن تطلعات المواطنين بسبب تراجع المنظومة التعليمية، فضلا عن تسرب مجموعة من الاختلالات إليها، على مدى عقود خلت، مما نتج عنه يضيف ابن كيران، وجود ظواهر غير صحية، من قبيل الرشوة وتوالي الإضرابات وتفشي المحسوبية، وتوظيفها سياسيا، مما أدى إلى نقصان فعالية الإدارة. ابن كيران، خاطب الأغلبية بمجلس النواب والمواطنين بالقول إن زمن الإصلاح الذي دخله المغرب لم يعد مسموحا بالتراجع عنه إلى الوراء، وأنه على الموظف بالمرفق العمومي أن يحترم المواطنين ويحن عليهم ويحل مشاكلهم، لأن أساس المغاربة أنهم إخوة فيما بينهم، وهذه الأخوة هي التي تميزهم عن الكثير من دول العالم. وشدد رئيس الحكومة، على أن تبسيط المساطر الإدارية، بالإضافة إلى كونه مطلبا للمواطنين، من مداخل تحفيز الاقتصاد الوطني، وتقوية جاذبيته». ولهذه الأسباب، يؤكد ابن كيران « نُولي في الحكومة أولية كبيرة للإصلاح الإداري، في أفق أن تكون لنا إدارة تُواكب حاجيات المواطنين، من خلال جمعها بين بساطة المساطر وتحري الشفافية، والحكامة الجيدة». ومن أجل معاجلة اختلالات الإدارة المغربية يؤكد رئيس الحكومة، بأنه تم اعتماد مقاربة جديدة من طرف الحكومة تتلخص في تخليق الإدارة العمومية، من خلال ملائمة إطارها القانونية مع الحكامة الجيدة، فضلا عن تبسيط المساطر، وتأهيل الموارد البشرية.وهكذا يتابع رئيس الحكومة، أعدت الحكومة مشروع قانون للولوج إلى المعلومة، وفتحت حوارا وطنيا في الموضوع، ستعمل على تضمين توصياته، للمشروع المذكور قبل عرض صيغته النهائية. وتابع ابن كيران « كما عملنا على إطلاق برنامج تحسيسي للوقاية من الرشوة ومحاربتها، كما أنها بصدد إعداد أرضية مشروع ميثاق وطني في موضوع اللاتمركز من أجل مواكبة الجهوية المتقدمة المرتقبة». إلى ذالك قال سليمان العمراني في تعقيبه باسم فريق العدالة والتنمية خلال نفس الجلسة أن من أهم إنجازات، الحكومة الحالية « أنه اليوم السلطة أصبحت للقانون والمؤسسات، فالقانون اليوم لا يعلو عليه أي شيء»، موضحا في هذا الشأن، بأن الحكومة شرعت في تطبيق قاعدة الأجر مقابل العمل، فخفتت بذلك الإضرابات العبثية، التي كانت تعطل مصالح المواطنين، كما أخرجت الحكومة مرسوم الصفقات العمومية، وقطعت مع التوظيف المباشر، ولم يعد مجال للتوظيف إلا بالاستحقاق». وواصل نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية خلال ذات التعقيب تعداد إنجازات الحكومية في مجال أصلاح الإدارة العمومية، من قبيل تبسيط المساطر، واعتماد الشبابيك الموحدة، وتقليص آجال إعداد الوثائق. وأردف أنه ‘'الآن بدأت ملامح مرحلة جديدة، تتعلق بإعادة بناء أسس الدولة، حيث تصبح الإدارة خادمة للمجتمع، سيما أن المواطنين يتوقون إلى إصلاحات كبرى من قبيل صندوق المقاصة، وأنظمة التقاعد وغيرها»..