تبرز قصة الهدهد مع نبي الله سليمان عليه السلام الإيجابية بشكل واضح وبين حيث سار الهدهد بمفرده دون تكليف مسبّق، أو سعيا لتنفيذ أمر صادر، فجلب خبرا مهما ومفيدا للقيادة أدّى إلى دخول أمّة كاملة في الإسلام. ومما يمكن أخذه من عبر ودروس: أننا نحن المكلفين أولى من الهدهد بالعمل الإيجابي والسعي وراء المصالح النافعة في الدارين والبحث عن الخير ونشره في العالمين. والعمل المثمر دون انتظار أوامر أو تعليمات من الآخرين مع المشورة في الأمور التي فيها تبعات ومسؤولية جماعية . والمبادرة إلى الاعتذار في حال الخطأ وما قد يفهم كذلك مع التسلح بالعلم و الفعل الإيجابي: فالهدهد كان علمه نافعا للقائد واعتذر إليه لأن طاعة القائد واجبة (أحطت بما لم تحط به) وهذا الخطاب القوي من الهدهد تمكن منه بسبب علمه ، وهذا يوضح أهمية سلطان العلم والإيجابية وأنهما سبيل والنجاة. وقد بينت السنة النبوية أهمية هذه القيمة الإسلامية العظيمة، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: «إن قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها»(الامام أحمد) فبين كيف يكون المسلم إيجابيًا حتى والساعة قائمة. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ ...» ليبين أن المسلم يكون إيجابيًا على الفور، حيث الفاء هنا في « فليغيره» للسرعة، حيث الإسراع في تغيير المنكر واجب كما أن تغيير المنكر نفسه واجب آخر . وعن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَبَعْضُهُمْ أسْفَلَهَا، وَكَانَ الَّذِينَ فِي أسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا! فَإنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أرَادُوا هَلَكُوا، وَهَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجُوا جَمِيعًا»(البخاري). فهذا الحديث الكريم رسالة واضحة إلى هؤلاء الذين اتخذوا من كلمة «وأنا مالي» شعارًا لهم، حيث ناموا عن الحق، وتركوا الباطل يكبر حتى أوشك على إهلاك الجميع . من دواعي الإيجابية طاعة الله عز وجل الذي يأمرنا بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والمداومة على العبادات، والمعاملات الجيدة والأخلاق الحسنة. وأن نكون الرجل الذي «يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم» سورة النحل: 76، وليس العبد الكَل الذي لا يأتي بخير، كلما كنا إيجابيين كنا أكثر طاعة لله. ومن الدواعي أيضا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول المرشد للإيجابية بأن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وأن اليد العليا خير من اليد السفلى، ومن الدواعي تكوين مفهوم إيجابي عن الذات. وهى من دعائم الصحة النفسية. وتحقيق النجاح في الحياة. فالإيجابي يرغب في أن يكون أنجح طالب، وأفضل موظف، وأحسن داعية، وخير معلم، وطبيبا متميزا، ومهندسا بارعا... الخ . ومن ذلك أيضا اكتشاف الذات واكتشاف الجوانب الإيجابية ونقاط القوة، والقدرات والإمكانيات. والفوز برضوان الله ودخول الجنة..