شهد قطاع السيارات بالمغرب تطورا ملحوظا خلال السنوات القليلة الماضية، مستفيدا من استثمارات شركات كبرى، وتراكم تجربة الفاعلين الوطنيين في هذا القطاع. وتشير آخر الإحصاءات ارتفاع صادرات القطاع من 13,4 مليار درهم سنة 2008 إلى ما يزيد عن 22,2 مليار درهم سنة 2011 أي بمعدل نمو سنوي يفوق 18%. أكدت وزارة المالية والاقتصاد أنه في إطار التحولات البنيوية التي يعرفها قطاع صناعة السيارات على الصعيد الدولي، أصبح المغرب يحتل مكانة هامة في هذا الميدان بكونه محطة منافسة وجذابة للاستثمار والإنتاج والتصدير على الصعيد الإقليمي والعالمي. واعتبر المصدر ذاته أنه نظرا للتحولات البنيوية التي يعرفها الطلب العالمي في سوق السيارات والذي يطبعه صعود الدول الناشئة، يجري تحول عميق في التوزيع الجغرافي لإنتاج السيارات في اتجاه الترحيل الجهوي ونحو الدول التي تمنح امتيازات مهمة فيما يخص ظروف الإنتاج، واللوجستيك ومناخ الأعمال ، وتركزت 80 % من الإنتاج بالدول المصنعة سنة 1990 مقابل %43 سنة 2010 ، واستفاد قطاع السيارات بالمغرب، خلال العقد الأخير، من الموقع الجيوستراتيجي للبلاد ومن الامتيازات التي يمنحها، حيث عرف تطورا هاما على مستوى كل من صناعة المعدات وصناعة السيارات، كما يدل على ذلك الارتفاع المهم الذي عرفه رقم المعاملات عند التصدير الذي تجاوز 30 % كمعدل سنوي خلال الفترة 2011-2004. وعرف المغرب أكبر إنجاز على مستوى صناعة السيارات بإفريقيا بفضل إنشاء مشروع «رونو» الكبير، الذي من شأنه أن يرفع مداخيل الصادرات بما قدره 3,5 مليار أورو إضافية، تجعل من هذا المشروع مصدرا أساسيا للعملة الصعبة. ويعمل المغرب على تعزيز معدل اندماج صناعة السيارات ليصل إلى حوالي 80 % وجلب مصنع ثاني ذي وزن على الصعيد العالمي، من أجل إرساء صناعة حقيقية ذات مرتبة عالمية في قطاع السيارات، معتمدا في ذلك على المكتسبات التي تم تحقيقها وعلى المشاريع الموجودة قيد الإنجاز(اللوجيستيك عن طريق ميناءطنجة المتوسطي، المنصات الصناعية، التكوين...). واردات سجل قطاع السيارات خلال الثلاث سنوات الماضية، باعتباره من أهم القطاعات المحركة للصناعة الوطنية وللميثاق الوطني للإقلاع الصناعي على وجه الخصوص، إنجازات جد مهمة بالرغم من آثار الأزمة العالمية، وهو ما يزكيه ارتفاع صادرات القطاع من 13,4 مليار درهم سنة 2008 إلى ما يزيد عن 22,2 مليار درهم سنة 2011 أي بمعدل نمو سنوي يفوق 18%.وتعزى هذه الدينامية إلى التطور الإيجابي لبعض القطاعات التي تم تطويرها بالمغرب كالأسلاك 16,5 مليار درهم سنة 2011 بارتفاع بنسبة 12,2 % مقارنة مع سنة 2010 وصناعة السيارات الموجهة سواء للسوق الداخلية أو للتصدير 2,7 مليار درهم سنة 2011 بارتفاع تجاوز نسبة 117 %) وأغطية المقاعد 1,6 مليار درهم بارتفاع بنحو42,4 %، هذا بالإضافة إلى بروز تخصصات جديدة كمعالجة المعادن والبلاستيك، بارتفاع ناهز نسبة 25 % ما بين 2010 و 2011 وقد استفادت هذه الفروع من تفعيل الإستراتيجية الوطنية للسيارات في إطار الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي. وتبقى توقعات تطور القطاع جد واعدة بالنظر إلى تفعيل المشروع الضخم لشركة رونو بطنجة الذي بدأ التصنيع به ابتداء من فبراير 2012 والذي سيمكن قطاع السيارات من التموقع ضمن أهم القطاعات الصناعية من حيث حجم التصدير، متجاوزا بذلك قطاع النسيج والألبسة وذلك ابتداء من سنة 2013. ويطمح هذا المشروع، المقدر حجم استثماراته بمليار أورو، إلى تصنيع 170ألف سيارة سنويا كمرحلة أولية، قبل مضاعفة طاقته الإنتاجية لتصل إلى 400ألف وحدة. ويشغل هذا المصنع حاليا 2500 شخص وسيمكن من توفير 6000 منصب شغل مباشر و 30ألف غير مباشر في أفق 2015. كما سيمكن من تحسين الميزان التجاري بشكل ملموس من خلال الزيادة في الصادرات الصناعية بأكثر من 38,5 مليار درهم كرقم معاملات إضافي عند التصدير . وتجدر الإشارة كذلك إلى إنشاء معهد للتكوين في مهن صناعة السيارات تم تمويله كليا من طرف الحكومة المغربية من أجل تكوين العاملين بمصنع رونو طنجة وكذا معامل تصنيع أجزاء السيارات.وارتفعت صادرات المغرب من السيارات الصناعية والسياحية خلال 9 أشهر من السنة الحالية مسجلة 4,8 مليار درهم مقارنة مع 2 مليادر درهم خلال نفس الفترة من السنة الماضية. صعوبات وبالرغم من هذه الانجازات، تظل تحديات تستوجب معالجتها خاصة تلك المتعلقة بالجانب اللوجيستيكي ومدى توفر الموارد البشرية المؤهلة. ويظل قطاع السيارات حسب تقديرات الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات، ثاني أكبر قطاع من حيث الاحتياجات من اليد العاملة بحوالي 24ألف و986 منصب. وبالرغم من إرساء مخطط لتكوين 70ألف عامل مؤهل داخل ثلاث مؤسسات للتكوين في مهن صناعة السيارات، إلا أنه لا يزال هناك عجز كبير في فئة الأطر المتوسطة، وفي مجال تعزيز الخدمات اللوجيستسة، يبقى تفعيل المحطات الصناعية المندمجة أمرا هاما يستدعي ترسيخ نظام تسيير يمنح ترسانة متكاملة من الخدمات، والتي تستهدف كذلك الفاعلين المحليين. كما يعرف القطاع منافسة كبيرة من لدن الدول الصاعدة، وهو ما يفرض على المغرب اعتماد برنامج يأخذ بعين الاعتبار هذا المعطى. وتجدر الإشارة إلى أن عدد السيارات المتنقلة بالمغرب بلغ سنة 2011، حوالي 2 مليون و954 ألف سيارة، وتبلغ نسبة السيارات السياحية المستورة من إجمالي الواردات المغرب من الاتحاد الأوروبي 19 في المائة سنة 2011.