بافتتاح مصنع السيارات (رونو - نيسان طنجة)٬ الخميس 9 فبراير الجاري٬ يؤكد المغرب طموحه في التموقع كأرضية لإنتاج وتصدير السيارات التي تعتبر رائدة القطاع الصناعي الوطني. ووعيا منه بالإمكانات التي يزخر بها القطاع ودوره في الاقتصاد ٬ راهن المغرب على هذه الصناعة٬ إذ كان من ضمن البلدان الأوائل بإفريقيا التي قامت بوضع سياسة صناعية تهم قطاع السيارات والتي توجت بإنشاء في متم الخمسينيات الشركة الوطنية لصناعة وتركيب السيارات (صوماكا). وتقوم شركة صوماكا التي تمتلك الدولة المغربية 38 في المائة من رأسمالها إلى جانب صناع أجانب٬ بتركيب سيارات للخواص والشاحنات. وتواصل مسلسل تطوير صناعة السيارات ببلورة إطار قانوني لهذا القطاع مع دخول حيز التنفيذ في سنة 1970 قانون التثمين لدعم إقامة صناعات تجهيز السيارات بالمغرب وكذا قانون الإدماج بمعدل 60 في المائة بهدف تحفيز تنمية صادرات القطاع. واستمر المغرب في السير على هذا النحو حيث تم التوقيع سنة 1995 على اتفاقية تهم السيارة الاقتصادية مع المجموعة الإيطالية (فيات). وتوخت هذه الاتفاقية إحداث فرع حقيقي للسيارة الوطنية خاصة من خلال تزايد نسبة اقتناء السيارات الجديدة على حساب السيارات المستعملة المستوردة من أوروبا٬ وارتفاع إنتاج قطاع غيار السيارات بفضل ارتفاع حجم البيع المحلي معززا بإقامة مصانع جديدة لإنتاج تجهيزات السيارات الأوروبية واليابانية والأمريكية. ومنذ إطلاق مشاريع السيارات الاقتصادية عرف قطاع صناعة السيارات قفزة جديدة سواء على مستوى الإنتاج أو الاستثمار٬ كما عرف إنتاج السيارات تطورا ملحوظا في الفترة ما بين بين 1996 و2003 بمعدل نمو ناهز 86 في المائة٬ حيث انتقل من 08ر6 مليار درهم إلى 33ر11 مليار درهم. كما ارتفع معدل الاستثمارات بنحو 348 في المائة بمبلغ إجمالي ناهز مليار درهم سنة 2003 ٬ مقابل 223 مليون درهم في 1996 . وشهدت القيمة المضافة التي حققها هذا القطاع نموا فاق 53 في المائة خلال نفس الفترة٬ لينتقل من 96ر1مليار درهم إلى 3 مليار درهم . وعرفت الصادرات بدورها تطورا هاما٬ حيث انتقلت من 59ر1 مليار درهم في 1996 إلى 84ر5 مليار درهم في سنة 2003 ٬ أي بزيادة تمثل 267 في المائة. وتواصلت استراتيجية إعادة تموقع هذا القطاع إلى يوليوز 2003 ببيع حصة الدولة في شركة صوماكا (38 في المائة من رأسمالها) لمصنع السيارات الفرنسي رونو وإبرام اتفاقية معها تهم إطلاق جيل تشكيلة جديدة من السيارات الاقتصادية . وبعد سنتين شرعت شركة (رونو ) في إنتاج (لوغان )٬ وهي سيارة اقتصادية موجهة للسوق المحلية وللتصدير والتي سرعان ما أصبحت السيارة الأكثر مبيعا في المغرب . وتوجت استراتيجية الدولة المتعلقة بقطاع السيارات والتي تندرج في إطار رؤية ترتكز على ثلاثة محاور أساسية تهم استدامة نشاط تركيب السيارات وتأهيل صناعة المناولة وتطوير البحث العلمي في هذا المجال٬ بالتوقيع سنة 2007 على اتفاقية بين الحكومة ومجموعة رونو تتعلق بإقامة مشروع ضخم بطنجة. وسيمكن هذا المصنع الجديد (رونو - نيسان طنجة) الذي تطلب إنجازه غلافا ماليا قدره 600 مليون أورو من إنتاج 400 ألف سيارة في سنة ٬ جزء كبير منها موجه للتصدير ٬ ليصبح بذلك هذا الموقع كأحد أهم مصانع إنتاج السيارات بحوض البحر الأبيض المتوسط. ويعتبر قطاع السيارات بمثابة محرك لنمو الاقتصاد الوطني في إطار رؤية 2009-2015 للتنمية الصناعية بالمغرب (الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي)٬ بالنظر للإمكانات التي يوفرها خاصة إحداث مناصب الشغل . ويعزى الاهتمام الذي يحظى به هذا القطاع في إطار مخطط الإقلاع الصناعي إلى كون صناعة السيارات تبقى إحدى القطاعات التي تتميز بمعدلات نمو سنوية مضاعفة على مستوى الاستثمار والصادرات . فما بين 2005 و2010 ٬ تضاعفت قيمة إنتاج وتصدير السيارات لتنتقل على التوالي من 7ر12 مليار درهم إلى 7ر22 مليار درهم ومن 23ر9 مليار درهم إلى 94ر18 مليار درهم . وخلال نفس الفترة ازدادت الاستثمارات (خارج مصنع رونو -طنجة) بخمسة أضعاف ٬ حيث انتقلت من 59ر1 مليار درهم إلى 4ر7 مليار درهم . وتقدر قيمة مساهمة هذا القطاع في الناتج الداخلي الخام بنحو 12 مليار درهم تتجلى في خلق 70 ألف منصب شغل جديد بهذا القطاع في أفق 2015 . وتلتزم الدولة المغربية باتخاذ إجراءات ملموسة كفيلة بتمكين البلاد من أن تصبح مستقبلا قاعدة صناعية لقطاع السيارات على الصعيد الدولي .