أكد عبد العالي حامي الدين، رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان على أن وضعية حقوق الإنسان بالمغرب تتأرجح بين مؤشرات إيجابية وأخرى سلبية، وأشار حامي الدين في حوار مع التجديد، هناك بعض عناصر التقدم بالنظر إلى المعطيات الجديدة، وعلى رأسها الدستور الجديد الذي نص على العديد من المقتضيات ذات العلاقة بحقوق الإنسان، فيما لازالت تطفو على الساحة ممارسات لها علاقة بتركة ثقيلة من الممارسة المحكومة بثقافة سياسية قديمة لازالت تتعاطى مع حقوق الإنسان ببعض الأساليب البعيدة عن ثقافة حقوق الإنسان.. ونفى حامي الدين ابتعاد المنتدى عن ملف «السلفية الجهادية» مشيرا إلى أن المنتدى فضل الاشتغال عليه عليه بدون ضجيج إعلامي..الحوار ● ما هو تقييمكم لوضعية حقوق الإنسان بالمغرب بعد الربيع العربي؟ ●● وضعية حقوق الإنسان بالمغرب تتأرجح بين مؤشرات إيجابية وأخرى سلبية، هناك بعض عناصر التقدم بالنظر إلى المعطيات الجديدة، وعلى رأسها الدستور الجديد الذي نص على العديد من المقتضيات ذات العلاقة بحقوق الإنسان، فعلى مستوى الديباجة نجد بأن الدولة ملزمة بحماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما والإسهام في تطويرهما، ناهيك عن الكثير من المقتضيات التي وردت في الباب الثاني من الدستور التي نصت على العديد من الحقوق الهامة المنسجمة مع الحقوق الأساسية الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالإضافة إلى حقوق أخرى هامة من قبيل الحق في الولوج إلى المعلومة والنصوص التي تمنع التعذيب وعلى ضمانات المحاكمة العادلة. بالإضافة إلى ذلك هناك إرادة سياسية معبر عنها من طرف الحكومة للنهوض بواقع حقوق الإنسان تجلى ذلك في المصادقة على العديد من الاتفاقيات المتعلقة بحماية حقوق الإنسان ومن بينها البروتوكول الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والبرتوكول الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، والبروتوكول الملحق بمناهضة التمييز ضد المرأة، والبروتوكول الملحق باتفاقية جنيف المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني، كل هذه المعطيات تجعلنا نستشعر بأن هناك خطا تصاعديا من ناحية الحماية الدستورية والقانونية سيتجه ببلادنا نحو مصاف الدول التي تلائم أوضاعها مع القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، كما أن المغرب عبر عن استعداده بشكل طوعي لخضوعه للاستعراض الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف كل سنتين عوض أربع سنوات وهو ما يجعله في مواجهة العديد من التوصيات التي تصبح بمثابة التزامات على عاتق الدولة المغربية.. بالمقابل هناك العديد من المؤشرات السلبية التي لها علاقة بتركة ثقيلة من الممارسة المحكومة بثقافة سياسية قديمة لازالت تتعاطى مع حقوق الإنسان ببعض الأساليب البعيدة عن ثقافة حقوق الإنسان، ومن الأمثلة على ذلك تعنيف المتظاهرين واستهداف بعض التجمعات السلمية بطريقة لا تتناسب أحيانا مع إرادة تفريق المتظاهرين، وهو ما يؤدي إلى ضرب الحق في التجمهر، والحق في الاحتجاج وهو حق مشروع وقانوني. أيضا نلاحظ انتهاكا واضحا لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالوضعية العامة داخل السجون بالرغم من الترسانة القانونية المهمة التي نتوفر عليها بهذا الخصوص، ومصادقة المغرب على اتفاقية الحدود الدنيا من معاملة السجناء ..الوضعية الراهنة لازالت تعكس الكثير من المظاهر المخلة بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، مثل المعاملة القاسية وأشكال التعذيب التي يتعرض إليها بعض المعتقلين، والحرمان من الفسحة ومن التغذية السليمة ومن شروط النظافة ومن التطبيب، وسيادة الاكتظاظ الذي يعصف بالكثير من الحقوق ..، هذه كلها معطيات تجعلنا بقدر ما نتقدم على مستوى القوانين والإرادة السياسية، بقدر ما توجد بعض المعوقات التي تتطلب مجهودات بيداغوجية ونضالية من أجل الانتقال إلى مصاف الدول التي تحترم حقوق الإنسان في كونيتها وفي عدم قابليتها للتجزيء. ● هذا على مستوى القوانين، لكن على مستوى الواقع، هل اتسعت فعليا رقعة احترام حقوق الإنسان؟ ●● بدون شك هناك تطور مضطرد على مستوى احترام حقوق الإنسان، خاصة مع التحولات الكبرى التي عرفها العالم العربي، وأيضا بالنظر للتقدم الحاصل على مستوى الوثيقة الأساسية المتمثلة في الدستور، وبالنظر إلى الإرادة السياسية المعبر عنها من طرف الحكومة الحالية. بدون شك، كل هذه المعطيات تجعلنا نرصد الكثير من مظاهر التطور التي تجعلنا على مسافة واضحة مع عدد من الانتهاكات التي كانت قبل الربيع العربي، من قبيل الاختطاف والتعذيب الممنهج والاعتقالات العشوائية والمعتقلات السرية.. لكن حقوق الإنسان هي مسار تراكمي، ولا يمكن للتغيير أن يحصل في وقت قصير. فأنا أتصور أن التوقيع على البروتوكول الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب مثلا سيفرض على الدولة في ظرف سنة بلورة آلية وطنية لمراقبة مراكز الاحتجاز، وسيصبح بإمكان المجتمع المدني القيام بزيارات منتظمة لجميع مراكز الاحتجاز سواء تعلق الأمر بالسجون أو بمراكز الأمراض العقلية أو بمخافر الشرطة وبإمكانه أن يقدم تقارير للمنتظم الدولي وبإمكان المقرر العام للجنة مناهضة التعذيب أن يقوم بالزيارة في أي وقت. من جهة أخرى، نشدد على ضرورة فتح ورش الحكامة الأمنية وإصلاح المجال الأمني، فلا يمكن تصور تطور في حقوق الإنسان إذا لم تخضع جميع السلطات التي تمتلك القوة العمومية إلى التدريب والتأهيل، فهذا التأهيل ضروري للتعامل مع الاحتجاجات، والتعامل مع المعتقلين، وكيفية التعاطي مع المظاهرات. أيضا من المؤشرات التي تجعلنا نستشعر ضرورة تطوير حقوق الإنسان على مستوى الواقع، ورش الإصلاح العميق لمنظومة العدالة من خلال الحوار الوطني الجاري، على اعتبار أن إصلاح القضاء هو لبنة أساسية من اللبنات التي سوف تجعلنا نتقدم في مجال حقوق الإنسان، لأن الانتهاكات التي كانت ترتكب في السر أو في جنح الظلام كان القضاء يضفي عليها الشرعية في واضحة النهار، وذلك عن طريق المحاكمات التي تنعدم فيها شروط المحاكمة العادلة..فإذا حققنا التقدم على مستوى إصلاح المنظومة القضائية، وأصبحت العدالة هي الجهة التي يلجأ إليها المواطنون لتصحيح الاختلالات الحقوقية سنساهم في تطوير منظومة حقوق الإنسان. أيضا الحوار الجاري حول إصلاح منظومة الإعلام وحق الولوج إلى المعلومة ورفع الحصانة عن الأخبار..هذه المعطيات كلها تجعلنا نستشعر بأن المجتمع يتحرك ويسعى لتطوير منظومته التشريعية ويتقدم في الاتجاه الذي يضمن احترام أوضاع حقوق الإنسان.. خلاصة هذه المعطيات تجعلنا نؤكد أن هناك تطور، وأن هناك تركة ثقيلة تتطلب جهد بيداغوجيا وسياسيا وتشريعيا لابد أن تتحمل فيه الحكومة وجميع المتدخلين المسؤولية اللازمة. ● كتبت في إحدى مقالاتك عن معوقات التطبيق الديمقراطي للدستور، وقلت إنه في السياق المغربي لا تكفي الوثيقة الدستورية حتى نطمئن على المسار الديمقراطي..عمليا وبعد مرور كل هذا الوقت، هل لمستم تنزيل مقتضيات الدستور على أرض الواقع؟ ●● في مجال حقوق الإنسان هناك دائما جهات لا تروقها القرارات الكبرى التي تضمن شفافية المعلومة، واستقلالية السلطة القضائية، والتي تضمن استعادة المجتمع لكرامته، وحريته الكاملة.. لكن دون شك هناك معوقات موضوعية، بالمقابل نلاحظ أن هناك إرادة لتجاوز هذه المعوقات ينبغي دعمها وتعزيزها من خلال المجتمع المدني بواسطة يقظته وقوته الاقتراحية التي لها دور أساسي في هذه المرحلة خصوصا ونحن في مرحلة تأسيسية نناقش فيها العديد القوانين التنظيمية ذات الطابع الحقوقي، والعديد من القوانين المهمة التي سيكون لها دور حاسم في المرحلة القادمة. ● من تقصد بهذه الجهات؟ ●● نقصد بها جهات إدارية وأمنية، وجزء من الثقافة الموجودة داخل بعض المؤسسات الإدارية التي اعتادت عدم احترام القوانين الجاري بها العمل، واعتادت أن تشتغل بعيدا عن منطق المحاسبة والمراقبة.. ● ما هي أهم قضايا حقوق الإنسان التي تشغل منتدى الكرامة لحقوق الإنسان في اللحظة الراهنة؟ ●● منتدى الكرامة لحقوق الإنسان يشتغل بالدرجة الأولى على الحقوق المدنية والسياسية، الحق في التنظيم، الحق في التظاهر، الحق في تأسيس الجمعيات، الحق في تأسيس الأحزاب السياسية، ورصد الانتهاكات الماسة بشروط المحاكمة العادلة بدءا بمرحلة البحث التمهيدي وما يمكن أن يكتنفها من تعذيب وانتزاع للاعترافات عن طريق استخدام العنف.. أيضا نشتغل على بعض الملفات التي اكتسبت أهمية خاصة في المرحلة الأخيرة ومنها ملف الأوضاع داخل السجون، ونشتغل على الملف المتعلق بمخلفات التعامل مع أحداث 16 ماي وما أفرزه من ضحايا، وكنا قد بلورنا بهذا الصدد، في فترات سابقة ما اصطلحنا عليه ب»المقاربة التصالحية» التي نعتبرها هي المدخل لتسوية هذا الملف، أيضا نشتغل على حماية حقوق الإنسان عن طريق التفاعل مع شكايات المواطنين سواء في علاقتهم مع الإدارات أو القضاء. ونشتغل على واجهة أخرى مرتبطة بالعلاقة مع المجتمع المدني الحقوقي، ولدينا بعض البرامج المشتركة مع بعض الجمعيات، سواء فيما يتعلق بالانخراط في الحوار حول الإعلام، أو ما يتعلق بالانخراط في الحوار الدائر حول إصلاح منظومة العدالة، فنحن جزء من نسيج مدني حقوقي لكن تركيزنا الأساسي حول الحقوق المدنية والسياسية، وطبعا نتفاعل مع البرامج والمشاريع التي تطرحها بعض المؤسسات الرسمية في مجال حقوق الإنسان مثل المشاركة في المشاورات التي تجريها المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان على خلفية الاستعراضات الدورية لحقوق الإنسان، كما سبق لنا أن شاركنا في الملاحظة الانتخابية بتنسيق مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان. ● كنتم متخصصين بشكل كبير في ملف «السلفية الجهادية» لكن نلاحظ بعض التراجع ما تعليقكم؟ ●● فعلا نحن نشتغل على هذا الملف منذ سنة 2005 في الوقت الذي كان فيه الاقتراب من هذا الملف يمثل مصدر إزعاج للكثيرين، وفي الوقت الذي لم ينتبه الكثيرون إلى أن هناك العديد من مظاهر الظلم و التعسف التي همت طريقة تعاطي الدولة مع أحداث 16 ماي وقلنا آنذاك أن هناك محاكمات اختل فيها ميزان العدالة وأن هناك اعترافات انتزعت تحت التعذيب وأن الاختطافات تمت بالجملة وأن هناك معتقلات سرية موجودة وطالبنا آنذاك بتصحيح هذه الأوضاع، وطرحنا مقاربة مندمجة تتكون من ثلاثة أركان أساسية: الركن القانوني الحقوقي يهم الكشف عن الاختلالات التي شهدتها الأحكام القضائية، و المحاكمات التي لم تكن عادلة، والكشف عن جملة الانتهاكات التي رافقت هذا الملف بدءا بالاختطاف والوضع في أماكن خارج الرقابة القضائية أو معتقلات سرية، مرورا بالمحاكمات غير العادلة وانتهاء بالأوضاع داخل السجون. الركن الاجتماعي، أكدنا من خلاله على أن هذه الأحداث لم تخلف فقط معتقلين، بل خلفت ضحايا آخرين ممثلين في الأسر والأبناء وطالبنا بضرورة العناية بالمحيط الأسري، ونبهنا إلى ضرورة الاهتمام بالأبناء وضرورة إدماج السجناء بعد خروجهم من السجن حتى نضيق الخناق على إنتاج أي أفكار تتجه نحو الغلو. الركن الفكري، ويتعلق بالحوار، شددنا على ضرورة التمييز بين المعتقلين، فهناك فئة تؤمن بالعنف ولا تخفي ذلك، وتكفر المجتمع ولا تخفي ذلك، ومنها من كان متورطا في أحداث عنف باعترافه، وبإقرار من القضاء..قلنا بأن هذا الصنف لا حل معه إلا الحوار. وهناك صنف، كانت له أفكار من العنف، لكنه لم يتورط في أي اعتدءات..هذا الصنف قام بمراجعات مهمة لأفكاره يجب الإفراج عنه بواسطة آلية العفو. وهناك صنف ثالث تعرض لانتهاكات واضحة، و لم يتورط في جرائم دم يجب العفو عنه. هذه المقاربة طرحناها منذ عدة سنوات، وبعثنا بمذكرة مفصلة إلى الوزير الأول السابق إلا أننا - للأسف- لم نجد أي تجاوب من طرف الدولة في هذا الصدد.. وفي إطار هذه المقاربة قمنا بطبع ونشر رسالة «أنصفونا» للشيخ عبد الوهاب رفيقي أبو حفص للتعريف ببعض أفكار الصنف الثالث ومراجعات الصنف الثاني ونظمنا ندوة صحافية في الموضوع. ومع مجيء الحكومة الجديدة قمنا بإرسال نفس المذكرة السابقة إلى السيد رئيس الحكومة ونحن في حوار متواصل حول هذا الملف..كما نلاحظ أن هذا الملف أصبح محل اهتمام العديد من الجمعويين والسياسيين وهو ما نعتبره مؤشرا هاما على نجاح المقاربة التصالحية في الإقناع بضرورتها وأهميتها.. ● بم تبرر غيابكم كمنتدى عن هذا الملف؟ ●● ليس هناك أي غياب للمنتدى عن هذا الملف، لكن نفضل أن نشتغل عليه بدون ضجيج إعلامي، وأؤكد لك أن هذا الملف حاضر في اهتماماتنا باستمرار ونحن في تواصل مع العديد من الجهات داخل الحكومة وعلى مستوى المعتقلين وعائلاتهم بالإضافة إلى الشيوخ..و نريد أن نسجل في هذا الإطار أن الأوضاع داخل السجون جعلتنا نستشعر أن هناك جهات تريد دفع المعتقلين إلى ارتكاب بعض الحماقات، والتجاوزات داخل السجون حتى لا يتم تحريك الملف بطريقة سليمة، وللأسف يقع المعتقلون ضحية لهذه الاستفزازات في بعض الأحيان.. كما وجدنا أنفسنا أمام مندوبية عامة لإدارة السجون تشتغل بطريقة فيها الكثير من التشدد وعدم التفهم والإمعان في استفزاز المعتقلين وجرهم إلى بعض المعارك الهامشية... كل هذه الأمور جعلت الملف يرواح مكانه. لكن بالطبع لازال المنتدى متشبت بدور الوساطة في هذا الملف ولازال التفكير جاريا حول إنضاج الشروط والضمانات اللازمة للعفو على من يستحق العفو من المعتقلين. ● وجهت مجموعة من الانتقادات على بعض التصريحات الصادرة عن «مصطفى الرميد» بخصوص هذا الملف، وقد كان رئيسا لمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان. ما تعليقكم؟ ●● الأستاذ مصطفى الرميد لم يعد رئيسا لمنظمة حقوقية، ولم يعد محاميا يدافع على شريحة معينة من المواطنين، بل صار وزيرا للعدل والحريات لجميع المغاربة، هذا المنصب الجديد يفرض عليه أن يتحلى بمسافة واحدة اتجاه الجميع، وهو رجل صارم في هذه المسألة ولا يتعامل بالمحاباة لا مع السلفيين ولا مع غيرهم، طبعا نحن نحترم هذه المقاربة، كما نحترم برنامج الأولويات التي سطرها، حيث منح الأولوية للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، وقال بأن الملف الثاني سيكون هو ملف ما يعرف ب»السلفية الجهادية»، ونحن نثمن هذا الوضوح ونعتبر هذا التصريح بمثابة التزام حكومي للحل النهائي لهذا الملف ولا نرى فيه أي تراجع في التعامل مع هذا الملف. ● وماذا عن نفيه لصفة الاعتقال السياسي عن هؤلاء المعتقلين؟ ●● أعتقد أن وزارة العدل والحريات قدمت رؤيتها للموضوع، لكن بالنسبة إلينا فأؤكد أن هذا الموضوع مرتبط بمفهوم الاعتقال السياسي، فليس كل المعتقلين على خلفية ملفات «الإرهاب» معتقلون سياسيون، هناك فرق بين الانتهاكات الجسيمة وبين الاعتقال السياسي، بمعنى هناك فرق بين اعتقال شخص ومتابعته بسبب الأفكار و الآراء التي يحملها، وبين الاعتقال العشوائي الذي تم على خلفية مكافحة الإرهاب..هناك فرق كبير بين الجريمة السياسية وبين الاعتقال بسبب التعبير عن الرأي..وعلى العموم فنحن ليس لدينا في منتدى الكرامة تصنيفا علميا دقيقا للوائح المعتقلين وكنا قد اكتفينا باعتبار كل من الشيخ أبو حفص وحسن الكتاني معتقلا رأي كما اعتبرنا المعتقلين في ملف حزب التحرير معتقلي رأي كذلك، أما الباقي فقد تعاملنا معهم على أساس أنهم معتقلين في أحداث خاصة وجرت محاكماتهم في غياب شروط المحاكمة العادلة. ● ما تعليقكم عن السياسة المنتهجة داخل السجون؟ ●● الأوضاع داخل السجون تحكمها عوامل موضوعية وأخرى ذاتية..العوامل الموضوعية مرتبطة بالسياسة الجنائية المتبعة والتي تنتج عن واقع الاكتظاظ داخل السجون مما ينعكس على العديد من الحقوق الأساسية للمعتقلين،ومرتبطة أيضا بالميزانية المرصودة لتدبير المجتمع السجني وهي ميزانية لا تفي بالحقوق الأساسية للمعتقلين ، أما العوامل الذاتية فهي مرتبطة بالعقلية الزجرية السائدة في أذهان القائمين على المؤسسات السجنية وفي الطريقة الأمنية المتبعة داخل السجون، خاصة مع معتقلي ملف «السلفية الجهادية»، خاصة بعد حادثة الهروب من سجن القنيطرة.. المفروض أن المؤسسات السجنية تعمل على إعادة تأهيل المعتقلين والعمل على إعادة إدماجهم داخل المجتمع، للأسف ما هو حاصل حاليا أنها مؤسسات للعقاب وللردع فقط، بل ولنشر الإجرام، والاتجار في المخدرات والاستغلال الجنسي والرشوة..هذا التشخيص موجود لدى المنظمات الحقوقية ولدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهو ما يدعو إلى ضرورة إعادة النظر في وضعية المندوبية العامة لإدارة السجون التي تشتغل حاليا خارج منطق المحاسبة والمراقبة وهو ما يستدعي ضرورة إرجاعها إلى حظيرة العمل الحكومي وإعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. ● أسس أخيرا المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أي إضافة حقوقية قدمها هذا المجلس؟ ●● لدينا ملاحظة على تركيبة المجلس، على طريقة إعداده لهذه التركيبة التي خلت من شخصيات لها رصيدها في مجال حقوق الإنسان، ولها غيرة على هذا البلد، وإن كنا لا نبخس من القيمة الحقوقية لأسماء معينة، ونعتبرها طريقة تعارضت مع ميثاق باريز الذي يحدد مواصفات تشكيل المجالس الوطنية وفي نفس الوقت لدينا ملاحظات على طريقة اشتغاله، فهو يركز على تنظيم الندوات والأيام الدراسية، وهذا مهم لأن المجلس في مرحلة تأسيسية يتطلب هذا النقاش العمومي، إلا أنه غير معني بهذا الأمر بالدرجة الأولى. من جهة أخرى، يضع المجلس في المرتبة الثانية حقوق وحريات المواطنين، إذا استثنينا التقرير الأخير الخاص بأوضاع السجون، ونعتبره مهما، إلا أنه كان مفتقرا إلى الحالات، خاصة وأنه كان للجنة التي قامت بالتقرير إمكانية كبيرة في تحديد حالات بأسماء أصحابها للمزيد من التوثيق. نخلص إلى أن إنجازات المجلس نحدودة، ونعتقد أنه الآن محكوم بمقتضيات الدستور الجديد، وننتظر أن تقوم الحكومة بإصدار القانون المنظم له وإعادة تشكيله من جديد على مقتضيات جديدة بما ينسجم مع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا. ● ما تعليقكم على الحظر الذي تعرض له حزب البديل الحضاري؟ ●● نحن سبق أن عبرنا في بيان للمنتدى عن حق أعضاء البديل الحضاري في التنظيم السياسي. هذا الحزب تعرض للحظر بواسطة مرسوم صادر عن الوزير الأول السابق عباس الفاسي على خلفية المتابعة التي تعرض لها مسؤولو الحزب في قضية بليرج، وقد سبق لنا في منتدى الكرامة أن استنكرنا هذا القرار في إبانه، وعبرت شخصيا عن هذا الاستنكار في القناة الثانية في عز الحملة ضد البديل الحضاري وضد ما سمي بخلية بليرج. هذا المرسوم لم ينشر في الجريدة الرسمية ولذلك كان من حق مسؤولي الحزب أن يشككوا في وجوده أصلا، رغم إعلان قرار الحل في وسائل الإعلام المختلفة وتشميع مقرات الحزب. الآن مع إعلان رئيس الحكومة وإقراره في مجلس النواب أن وزارة الداخلية قامت بتسليم مرسوم الحل إلى رئيس الحزب المذكور فقد أصبح بإمكان مسؤولي الحزب الطعن في مشروعية المرسوم أمام القضاء أو اللجوء إلى مسطرة إعادة التأسيس..