انتشرت قوات الجيش المصري في محيط قصر الرئاسة المعروف باسم قصر الاتحادية لتأمينه بعد الاشتباكات العنيفة التي وقعت بين مؤيدي الرئيس محمد مرسي ومعارضيه. وكان الجيش نشر قواته في محيط قصر الرئاسة بعد الاشتباكات العنيفة بين الجانبين، فيما قال قائد الحرس الجمهوري اللواء محمد زكي إن القوات المسلحة لن تكون أداة لقمع المتظاهرين، وإن وجودها في محيط قصر الرئاسة هدفه الفصل بين المؤيدين والمعارضين للرئيس والحيلولة دون حدوث إصابات جديدة. وقالت وكالة أنباء الشرق الاوسط المصرية الرسمية، أمس، إن قوات الجيش المصري انتشرت فيمحيط قصر الرئاسة المعروف باسم قصر الاتحادية لتأمينه بعد الاحتجاجات العنيفة، وذلك باعتباره من رموز الدولة ومقرا رسميا للحكم، وباعتبار قوات الحرس الجمهوري مسئولة عن تأمين قصور الرئاسة في جميع أنحاء مصر. وقد أكد بيان لرئاسة الجمهورية أمس احترام مؤسسة الرئاسة لحق التظاهر السلمي وحرية التعبير عن الرأي في إطار القانون والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وأنه تم إصدار تعليمات واضحة لقوات الأمن بالحفاظ على سلامة المتظاهرين وحمايتهم وعدم التصدي حفاظا على أرواحهم. وانسحب مؤيدو الرئيس محمد مرسي من أمام قصر الاتحادية، ظهر أمس الخميس، عقب وصول قوات الحرس الجمهوري وإحكام السيطرة على محيط القصر. يأتي ذلك في ظل الاشتباكات التي وقعت في محيط المقر وأدت الى مقتل 6 أشخاص وإصابة أزيد من 1000 آخرين في المواجهات التي امتدت إلى مدن الاسكندريةالاسماعيليةوالسويس. ففي مدينتي الاسماعيليةوالسويس شرقي مصر، أضرم محتجون معارضون للرئيس مرسي النار، مساء أول أمس، في مقري حزب الحرية والعدالة التابع للاخوان المسلمين. وذكر التلفزيون المصري الرسمي أن النيران التهمت كل محتويات مقر الاسماعيلية بالكامل، عندما هاجمه المحتجون بزجاجات حارقة، كما التهمت النيران مقر حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين في السويس، إثر اشباكات دارت بين اعضاء من حزب الحرية والعدالة ومعارضي الرئيس وأتت النيران على المقر بالكامل. وتراشق الطرفان بالحجارة في محيط المقر وتسببت الاشتباكات في إصابة 8 أشخاص. الثوار بعيدون عن العنف في هذه الاثناء، استنكر الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة وعضو الهيئة الاستشارية للرئيس المصري محمد مرسي ما حدث أمام قصر الاتحادية من خروجٍ عن السلمية واستخدام أسلحة نارية ضد المؤيدين لقرارات الرئيس، قائلاً ما حدث في محيط الاتحادية «ليس بين الثوار والثوار، ولكنها مناوشات بين أنصار الثورة والحفاظ على الشرعية وبين أتباع الثورة المضادة الفوضويين الذين يمارسون بلطجة سياسية وينادون بمجلسٍ رئاسي». وأكد د. عصام العريان في مداخلةٍ هاتفيةٍ له في قناة «مصر 25 «، ليلة أول أمس، أن المستخدمين للعنف ليسوا هم الثوار الحقيقيين، ولكنهم بلطجية النظام السابق (...)، قائلاً: «الثوار الحقيقيون نستطيع التحاور والتفاهم معهم من أجل مصلحة الوطن، ولكن هؤلاء لا يريدون سوى البلطجة والفوضى والخروج على الشرعية». من جهته، حمل عصام سلطان، نائب رئيس حزب الوسط، الدكتور محمد البرادعي المسئولية عن الاشتباكات الدموية والتي أدت إلى سقوط عدد من الضحايا، مشيرًا إلى أن الدكتور البرادعي هو الذي أدخل فلول الحزب الوطني المعادلة السياسية ليقتلوا أبناء مصر. وأضاف في مداخلة هاتفية مع قناة «الجزيرة مباشر مصر»، ليلة أول أمس، أن الدكتور محمد البرادعي، صرح لصحيفة «فيننشل تايمز»، بأنه وحد الفلول والثوار ليتصدوا للتيار الإسلامي، مشددًا على أن فلول النظام البائد لا يجيدون التحاور إلا بالرصاص والخرطوش والمولوتوف. وأشار إلى «أن على من أدخل أتباع النظام البائد المعادلة السياسية أن يخرجهم منها»، موضحًا أن «فلول النظام السابق يفعلون كل ذلك؛ لأنهم يدركون أنهم سيتم عزلهم من الحياة السياسية بعد عشرة أيام وبعد الاستفتاء على الدستور لمدة 10 سنوات». وشدد سلطان على أن «القوى السياسية تختلف اختلافات شديدة وتتعارك سياسيًّا ولكن تعاركها يكون بالكلام وليس بالسلاح أو الخرطوش أو المولوتوف، مشيرًا إلى أن أذناب نظام مبارك يسعون لإغراق مصر في بحر من الدماء ووجدوا الفرصة سانحة من خلال الدكتور محمد البرادعي». خطة "الفلول" بدوره، كشف السفير محمد رفاعة الطهطاوي رئيس ديوان رئيس الجمهورية أن الفتنة التي حدثت مساء أول أمس أمام قصر الاتحادية ما هي إلا فصل من فصول خطة وضعها فلول مبارك والنظام السابق بإحكام وتدبير. وقال الطهطاوي، خلال مداخلة هاتفية لقناة «الحياة اليوم» المصرية: «لدي معلومات على عهدتي الشخصية تُفيد بأن البعض من مؤيدي النظام السابق (الفلول) اجتمعوا بشخصية صعيدية في فندق سفير، للاتفاق على دس وتمويل بلطجية بين المتظاهرين لإشعال الفتنة بين مؤيدي ومعارضي قرارات الرئيس، والرئاسة ليست مسؤولة عن اشتباكات الاتحادية، وهناك اجتماع آخر قد عُقِدَ اليوم (أول أمس) في مركز إعداد القادة بين الفلول وبعض الشخصيات». في الوقت نفسه أكد الطهطاوي أنه من الطبيعي جدًا أن تأتي تظاهرات مؤيدي الرئيس قرب قصر الاتحادية، مشيرا إلى أن الرئيس مرسي أصدر أوامره بعدم التصدي بالقوة لأيً من معارضيه من المعتصمين والمتظاهرين السلميين حول قصر الاتحادية، وقال: «نرحب بكل مظاهر الاحتجاج السلمي، ولكن هناك من أتى بالمولوتوف وبعض الأسلحة البيضاء وقاموا بالاعتداء على مؤيدي الرئيس، وليس العكس كما ظهر في الإعلام». القتلى من «الإخوان» وفي ظل تعتيم إعلامي مقصود حول هوية ضحايا «موقعة الاتحادية» من وسائل الإعلام المصرية المناوئة للرئيس ولحزب الحرية والعدالة، قتل ستة من أنصار جماعة الإخوان المسلمين المؤيدين للرئيس محمد مرسي أمام قصر الاتحادية بالرصاص. وأفاد شهود عيان أمام قصر الاتحادية لصحيفة «المصريون»، في عدد أمس، أن القتلى الذين وقعوا في موقعة الاتحادية من «الإخوان»، وأغلب الإصابات بين صفوف مؤيدي الرئيس، مما يؤكد نية معارضي مرسي في إراقة الدماء، واستخدام البطجية في الهجوم. وأكد الدكتور أحمد عمر المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة أن عدد الإصابات بمحيط قصر الاتحادية وصل إلى أزيد من 600 مصابا، معظمهم وزعوا على المستشفيات الحكومية والمصحات الخاصة. من جانبه، أعلن الدكتور أحمد الزناتي، مدير المستشفى الميداني، أن عدد المصابين الذين عالجهم المستشفى خلال 16 ليل الأربعاء وصباح الخميس بلغ 1500 مصاب. وأوضح أن المصابين بينهم 650 حالة مصابة بطلق رصاص مطاطي، بينما أصيب 35 برصاص حي من بينهم 7 حالات فارقوا الحياة، مشيرا إلى أن هناك ثلاث حالات بتر للساق جراء الإصابة بالرصاص. وقال وزير العدل المصري أحمد مكي إن جهات التحقيق بدأت في اتخاذ إجراءتها القانونية حيال أحداث القصر الرئاسي، التي اندلعت أول أمس بين مؤيدين ومعارضين للرئس. وفي تصريحات خاصة لوكالة الأناضول للأنباء، شدد مكي على أن "الإجراءات ستراعى فيها الحيادية التامة، وسيعاقب المذنب أي كان انتمائه وتوجهه". واختتم مكي تصريحاته المقتضبة بقوله "لن تهدر دماء مصري دون تحقيق ينال فيه المذنب عقابه". إلى ذلك، قام محامون مصريون بتوثيق حالات الإصابة لتقديم بلاغات للنائب العام ضد الفاعلين والمحرضين ومنهم محمد البرادعي وعمرو موسى وحمدين صباحي. في سياق ذي صلة، تعرض صبحي صالح، القيادي بحزب الحرية والعدالة وعضو الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور لاعتداء عنيف مما وصفهم بالبلطجية. واستنكر ما حدث له من اعتداءات من قبل «بلطجية يطلقون على أنفسهم ثوارا يحمون مصر»، متسائلا: هل من يحمي مصر هم البلطجية ورموز الحزب الوطني، مؤكدا أنه لا يحزنه ما حدث له لأنه صاحب مشروع إسلامي وعلى استعداد كامل أن يدفع ضريبة انتمائه له». وأضاف صالح في مقطع فيديو بثته صفحة حزب الحرية والعدالة على موقع «فيس بوك» أنه سيواصل عمله بمجرد الخروج من المستشفى، واصفا ما حدث له بأنه عار على من يعمل بالسياسة أن يعبر عن اعتراضه بالبلطجة والعنف، متسائلا: «إذا كانت هذه السياسة فما هي البلطجة؟ وما هو الإجرام؟. وأكد أن من قاموا بالاعتداء عليه تابعين لحزب سياسي اشتهر بالعنف واستخدام آلات العنف. وقال إن هناك بعض الأشخاص قاموا بتخليصه من أيدي البلطجية الذين كانوا يريدون أن يلقوه تحت القطار القادم من القاهرة وقاموا على الفور بالذهاب به إلى المستشفي. وكان القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين قد تعرض لاعتداءات من بعض متظاهري الإسكندرية حيث قاموا بضربه وإحراق سيارته، وفق رواية الصفحة الرسمية لحزب الحرية والعدالة. «النخبة» وصية إلى ذلك، وفي سياق له علاقة بجوهر المشكلة «المفتعلة» من المعارضين للرئيس مرسي، استنكر الدكتور جمال جبريل، أستاذ القانون الدستوري، إصرار «النخبة» المصرية على فرض وصايتها على الشعب المصري، وطالبها بالتراجع عن هذا التفكير. وأبدى جبريل وهو مقرر لجنة نظام الحكم بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور عبر مداخلته، أول أمس، خلال مؤتمر دساتير الربيع العربي الذي تنظمه الجامعة العربية استغرابه من مطالبات بعض قوى المعارضة من الرئيس محمد مرسي بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، في الوقت الذي يرفضون فيه الجمعية المنتخبة من قبل البرلمان. وقال: «إنه يجب أن يكون هناك استفتاء ليقول الشعب المصري نعم أم لا، ولا يجب أن نستمر في أن نكون أوصياء على الشعب المصري وتحدد «النخبة» في القاهرة مصير مصر، مؤكدا أن هذا نفس فكر الرئيس السابق حسنى مبارك، الذي كان يقول إنه كان يفهم مصلحة الشعب، وثبت في النهاية أنه لم يكن يفهم مصلحته»، وفق ما نقل عنه موقع «بوابة الحرية والعدالة». وأشار إلى أن نظام الحكم في مشروع الدستور نظام مختلط يقترب من النظام الفرنسي، حيث يحدد مدة حكم الرئيس بأربعة أعوام، وينتخب مرتين فقط، وهومن يختار رئيس الحكومة، وإذا لم يحصل اختياره على موافقة البرلمان اختار أحد زعماء الكتل الحاصلة على الأغلبية لتشكيل الحكومة، كما أنه يتشابه فيما يتعلق بحل البرلمان بالدستور الألماني، ولكن في الدستور الألماني يحصل على فرصتين.