كشفت تقارير صحافية مصرية استنادًا إلى مصادر وصفتها بأنها وثيقة الصلة بالرئيس محمد مرسي عن السر وراء القرارات الأخيرة التي اتخذها مرسي، رابطةً الأمر ب«اكتشاف مؤامرات بين عدد من فلول النظام السابق وقيادات معارضة، كانت تهدف لقلب نظام الحكم وإفشال العملية الديمقراطية وانتخابات الرئاسة الأخيرة». وأرجعت هذه المصادر التحذيرات التي أطلقها مرسي خلال كلمته، الجمعة الماضية، أمام قصر الاتحادية، ضد بعض الأشخاص، لم يسمهم، من التآمر على أهداف الثورة، تستند إلى اكتشاف هذه المؤامرات. وفجَّرت المصادر مفاجأة بقولها: «إن أحد أسباب تعجيل الرئيس بتعيين نائب عام جديد هو الإسراع في عرض ملفات هذه القضية عليه للتحقيق فيها»، كاشفة أن الملفات مدعومة بتسجيلات فيديو وصوتيات ووثائق أخرى، لكنها رفضت الإفصاح عن هوية الأشخاص المنسوب إليهم الاشتراك في «هذه المؤامرات» بحسب «بوابة الشروق» الإلكترونية المصرية. وأوضحت المصادر ذاتها أن «هذه المؤامرات تم اكتشافها بواسطة جهات سيادية، وتورطت فيها خلايا تضم أسماء وشخصيات بعضها مؤثر في المشهد السياسي، والبعض الآخر من كبار رجال النظام السابق، وأن هذه الخلايا كانت تسعى إلى تأليب قيادات القوات المسلحة على المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بهدف منع إتمام الانتخابات الرئاسية خشية فوز أي مرشح ينتمي للتيار الإسلامي أو الثوري». وأضافت المصادر أنه «في وقت لاحق وبعد فوز الرئيس محمد مرسي في الانتخابات، تحول نشاط هذه الخلايا إلى الدعم المالي واللوجستي لأنشطة ميدانية تسعى لزعزعة نظام الحكم، وتأليب الرأي العام على الرئيس، ومحاولة السيطرة على مفاصل الدولة، وإعاقة تنفيذ أي خطة أو برنامج تنفيذي إيجابي». ولفتت إلى أن هذه الخلايا «اعتمدت على خطة ممنهجة لتهوين مكانة رئيس الجمهورية، والتقليل من حجم الإيجابيات الخاصة بقراراته وقرارات حكومته، والتعظيم من السلبيات، وإيهام الرأي العام بوجود تعارض مصالح بين مؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان من جهة وبين القوى السياسية الثورية من جهة أخرى». وكان مرسي قد أصدر إعلانًا دستوريًّا جديدًا نص على أن الرئيس يعين النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية لمدة أربع سنوات تبدأ من تاريخ شغل المنصب، وألا يقل سنه عن 40 سنة ميلادية، ويسري هذا النص على من يشغل المنصب الحالي بأثر فوري، ليطيح بذلك بالنائب العام عبد المجيد محمود. وعزز الإعلان الدستوري سلطات الرئيس التنفيذية، وحصن قراراته ضد تدخل السلطة القضائية، في الوقت الذي يحتفظ فيه الرئيس أساسًا بالسلطة التشريعية لغياب برلمان منتخب. وأعطى الإعلان الدستوري لرئيس الجمهورية حق اتخاذ أي تدابير أو قرارات «لحماية الثورة» على النحو الذي ينظمه القانون. كما حصن الإعلان الدستوري الجديد الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات الصادرة من الرئيس حتى نفاذ الدستور، بجعلها نهائية ونافذة ولا يجوز الطعن عليها. وشمل الإعلان الدستوري النص على أنه «لا يجوز لأية جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور». ومد الإعلان الدستوري عمل الجمعية التأسيسية للدستور شهرين إضافيين. إلى ذلك، أعلن مجلس الدولة المصري، وهو أحد الأعمدة الثلاث التي تشكل السلطة القضائية في مصر، (المحكمة الدستورية العليا، محكمة النقض، المحكمة الإدارية العليا)، أنه لن يتصدى للإعلان الدستوري الصادر من الرئيس محمد مرسي يوم الخميس الماضي. وقال في بيان، أول أمس، نشرته «وكالة أنباء الشرق الأوسط»، عقب اجتماعه الطارئ لأعضاء أعلى سلطة إدارية برئاسة جبريال جاد عبد الملاك: “إنه استعرض الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 21 نونبر الحالي، وأنه لا يمكن له التعقيب عليه أو التصدي له". ردود فعل متباينة وخلفت قرارات الرئيس مرسي ردود فعل «عنيفة»، قولا وفعلا، في أوساط «المعارضة» الليبرالية واليسارية المعروفة بعدائها الشديد للإسلاميين، والتي تتهمها بعض القوى السياسية في مصر بأنها «غير بريئة» وتسعى للإطاحة بمرسي بالتنسيق مع فلول نظام «مبارك»، وذلك باللجوء إلى التحريض الإعلامي والتخريب والفوضى. ففي خطوة غير مسبوقة، استقوى الدكتور محمد البرادعي، رئيس حزب الدستور والرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي على الرئيس المصري محمد مرسي بعد إصدار قراراته الأخيرة التي وصفها البعض بال»ثورية». وقال البرادعي: «إنني أنتظر لأرى بيانات إدانة قوية للغاية من الولاياتالمتحدة ومن أوروبا ومن أي شخص يهتم حقًّا بكرامة الإنسان وأتمنى أن يكون ذلك سريعًا». وأضاف في مقابلة أجرتها معه وكالتا «رويترز» و»أسوشيتدبرس» بعد محادثات مع معارضين آخرين: «لا مجال للحوار عندما يقوم «دكتاتور» بفرض أشد الإجراءات قمعًا وبغضًا ثم يقول: دعونا نسوي الخلافات»، معتبرًا أن الإعلان الدستوري الأخير يجعل من الرئيس مرسي ديكتاتورًا ويمنحه سلطات تجعله «فرعونًا». وكان البرادعي قد اجتمع، أول أمس، مع عدد من القوى العلمانية واليسارية وفلول النظام السابق، من بينهم المرشحين الرئاسيين السابقين اليساري حمدين صباحي والأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى، وذلك لتصعيد احتجاجاتهم ضد الرئيس محمد مرسي، بعد إصدار القرارات الأخيرة، التي جاءت في وقت تشهد فيه البلاد خطرًا كبيرًا، والتي قابلتها القوى الثورية والإسلامية بالقبول والترحاب، فيما رفضها فلول النظام السابق وحلفاؤهم من العلمانيين. في المقابل، تقدم محامي مصري ببلاغ عاجل إلى النائب العام الجديد المستشار طلعت عبد الله ضد كل من محمد البرادعى رئيس حزب الدستور السيد البدوى رئيس حزب الوفد وحمدين صباحى المرشح السابق لرئاسة الجمهورية يطالبه فيه بالتحقيق معهم وإصدار قرار بمنعهم من السفر والتحفظ على مقر الوفد. واتهم بلاغ المحامي حامد صديق المشكو في حقهم بأنهم «اتفقوا مع قوى خارجية على إرباك رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى، وافتعال الأزمات الداخلية، وأنهم بالتنسيق بين بعضهم البعض ونفذوا مخططهم بداية من انسحابه من التأسيسية واستقطاب بعض العناصر الأخرى، وذلك لإرباك النظام والتحريض لقلب نظام الحكم، وإجهاض ثورة 25 يناير، بالإضافة إلى اجتماعات المشكو فى حقهم بمقر حزب الوفد»، الذي اعتبره البلاغ «وكرا لتنفيذ المخطط الصهيوني الداعي لإرباك الوضع الداخلي، وإشاعة الفوضى وقلب نظام الحكم»، وفق ما ذكر موقع «إخوان أون لاين». قضاة مصر.. مؤيدون ومعارضون في الأثناء، وضمن ردود الفعل المؤيدة لقرارات مرسي، أكدت حركة «قضاة من أجل مصر»، هيئة مستقلة، دعمها الإعلان الدستوري المؤقت الصادر بتاريخ 21 نونبر الجاري «الذي يدعم استقرار البلاد وتحقيق أمن وسلامة البلاد». وأعلنت الحركة في ختام مؤتمرها الذي عقدته، مساء أول أمس، أنها تابعت الأحداث التي تمر بها مصر والإجراءات الأخيرة التي اتخذتها رئاسة الجمهورية، مؤكدةً أنه يحق لرئيس الجمهورية المنتخب اتخاذ كل التدابير الاستثنائية بما يحقق استقرار البلاد. وعبرت الحركة عن «ثقتها الكاملة في قضاة مصر الشرفاء وأنهم لن يعطلوا أعمال المحاكم وتحقيق العدالة أو أن يكونوا من مؤيدي الفوضى». وأشار البيان إلى أن الإعلانات الدستورية محصنة بذاتها ولا يجوز لسلطة أن تحل سلطة أخرى، داعيًا القضاة إلى الانشغال بتحقيق العدالة. ودعت الحركة الجمعية التأسيسية لوضع الدستور إلى سرعة الانتهاء من وضع الدستور الذي يحقق آمال وطموحات الثورة المصرية. وأكدت الحركة استعدادها التام للإشراف على الاستفتاء على الدستور القادم وعلى الإشراف على الانتخابات دون مقبل مادي. وكشفت حركة «قضاة من أجل مصر» أن أغلب حضور الجمعية العمومية الطارئة ل"نادي القضاة"، أول أمس، هم من غير رجال القضاء، ولكنهم محامون وأعضاء سابقون من الحزب الوطني المنحل ومتهمون بقتل الثوار في موقعة الجمل وفي غيرها. وأوضحت أن الجمعية الطارئة التي دعا إليها المستشار أحمد الزند، المعروف بمواقفه المعادية للرئيس مرسي ولجماعة «الإخوان المسلمين»، لا تبغي مصلحة الوطن ولكنها تسعى وراء مصالح شخصية، وقالت: إن تصريحات أحمد الزند رئيس نادي القضاة «لا تصح أن تخرج من قاضٍ». وقال المستشار وليد شرابي: «إن الجمعية العمومية لنادي القضاة لم تضم إلا مجموعة من المحامين والمتهمين في قضايا النظام السابق، وبالتالي فإن كل الإعلانات والقرارات ليست شرعية»، مضيفًا «أننا لسنا بصدد صراع سياسي فنحن قضاة نتصرف بحيادية». وأكد شرابي أن المحكمة الدستورية العليا أصبحت طرفًا سياسيًّا في الصراع الدائر في البلاد، وأن المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة يشعل الحرب في جميع أنحاء مصر، وفق ما نقلت عنه صحيفة «المصريون». وأعلنت الحركة أثناء اجتماعها تأييد الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، وقال القاضي محمد عوض عضو الحركة: «إننا نؤيد كل قرارات الرئيس التي أصدرها مؤخرًا»، وأضاف: «إننا حركة تضم الهيئات القضائية فقط ولا نستعين بالممثلين والممثلات ولا الشخصيات العامة ولا رجال الإعلام». يشار إلى أن الجمعية العمومية لنادي القضاة المشار إليها قررت تعليق العمل بالمحاكم والنيابات، لحين تراجع الرئيس عن قراراته، كما شهدت سبًّا وقذفًا للرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين. من جهته، أكد المستشار محمد عوض رئيس محكمة باستئناف الإسكندرية ومنسق عام الحركة أن القرارات التي تصدر من رئيس الجمهورية سيادية ومحصنة والرئيس مارس سلطته التشريعية وحركة قضاة من أجل مصر تؤيد قرارات الرئيس محمد مرسي في كل ما جاء به. وأضاف أن الثورة أخطأت؛ لأنها قبلت الاستفتاء قبل أن تقتلع كل جذور النظام السابق محذرًا من المخططات التي تحاك البلاد الداخلية منها والخارجية والداخلية تتمثل في فلول النظام السابق وحرصهم على إفشال الثورة. وتساءل: كيف يتم التخلص من فلول النظام السابق بالقوانين التي وضعها مبارك؟! واستنكر تصرفات المستشار أحمد الزند قائلاً: إنه كان من أعداء الثورة ووصف الثوار بالغوغاء، كما أنه معروف علاقته بجمال وعلاء مبارك وفلول النظام السابق واستطرد قائلاً: سأتقدم ببلاغ ضد المستشار الزند بتهمة ممارسة السياسة. “الحرية والعدالة".. مع التوافق إلى ذلك، شدد حزب “الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، على ضرورة أن يكون هناك حوار وطني جاد في ما يتعلق بتحصين قرارات الرئيس مرسي اللاحقة لتحقيق التوازن بين حق الرئيس في أن يتحمل مسؤوليته أمام الشعب لتحقيق الأمن والاستقرار، دون تعطيل لصلاحياته وقراراته، وبين حق كل القوى السياسية والمجتمعية في ضمانات عدم الانفراد بالقرارات المصيرية للوطن في غياب البرلمان . وجدد الحزب تأكيده على أنه يتطلع للحوار مع جميع الأحزاب والقوى السياسية والمجتمعية فيما يتعلق بالأوضاع الراهنة أو بمشروع الدستور، الذي أصبحت أمامه الآن فرصة الوقت لإحداث التوافق المنشود، بما يحقق تطلعات وآمال الشعب المصري بمختلف مكوناته. كما شدد على أحقية القوى السياسية كافة في التعبير عن مواقفها المختلفة إزاء الإعلان الدستوري. مناشداً إياهم بسلمية التعبير واستمرار الإجماع الوطني على إدانة ورفض كل صور الاعتداء والحرق والإضرار بمؤسسات الوطن كافة، واعتبار ذلك جريمة يجب رفع الغطاء عن أصحابها ليتحملوا مسؤوليتهم الجنائية عن هذه الجرائم المرفوضة من الجميع.