يشكل الأشخاص المعتقلون على خلفية قضايا المخدرات ربع نزلاء السجون (حوالي 17 ألف معتقلا في دجنبر 2011)، مع العلم أن مصالح الشرطة القضائية توقف ما يزيد عن ثلاثين ألف شخص وهو ما يشكل نسبة 40 في المائة من عدد الأشخاص الذين يدخلون السجن كل سنة (حوالي 80 ألف وافد جديد)، بينما يظل كل سنة حوالي 3 آلاف شخص في حالة فرار، وهو ما نتج عنه نشر مذكرات بحث في حق حوالي 12 ألف شخص خلال السنوات الأربع الأخيرة(11787 شخصا مبحوثا عنه ما بين 2008 و2011)-حسب إحصائيات لوزارة العدل والحريات. وكشف التقرير السنوي للهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، شهر فبراير 2012 ، أنه رغم المجهودات التي قامت بها السلطات المغربية في سبيل مكافحة زراعة وإنتاج القنب والاتجار به، فإن المغرب ما يزال يشكل مصدرا هاما للأسواق الأوروبية ومعبرا للتخزين والتهريب وأكبر منتجي دول العالم من الحشيش، بناء على ما كشفته بيانات الأسعار والحجز في أوروبا التي تشير إلى انخفاض طفيف في تدفق القنب من المغرب السنة الماضية. الملاحظ إذن أنه بالرغم من كثرة توقيفات والاعتقالات في صفوف مروجي ومتعاطي المخدرات(25 في المائة من الساكنة القارة بالسجون هم متهمون أو محكومون في قضايا المخدرات)، إلا أن الظاهرة في ارتفاع أو على الأقل -قارة- مما يؤكد ضرورة معالجتها بشكل شمولي. المعتقلون يشكل المعتقلون من أجل قضايا المخدرات حوالي 25 في المائة من الساكنة السجنية(كانوا في متم دجنبر 2011 في حدود 16923 سجينا من بين 64 ألف و833 معتقلا بالسجون المغربية، أي 26,10 في المائة. وأصبحوا في نهاية شهر فبراير 2012، 16551 من بين 65254 معتقلا أي في حدود 25,36 في المائة). ويتم سنويا توقيف ما يزيد عن ثلاثين ألف شخصا من أجل قضايا المخدرات، وفي سنة 2011 أوقفت مصالح الدرك الملكي 4768 شخصا، وأوقفت مصالح الأمن الوطني 29.420 شخصا، أي ما مجموعه 34.188 شخصا من أجل جرائم المخدرات-حسب إحصائيات لوزارة العدل و الحريات-. وفيما يتعلق بالاشخاص الذين يبقى البحث جار عنهم كل سنة بسبب فرارهم فيناهز ثلاثة آلاف شخصا مبحوثا عليهم، وقد بلغ هذا العدد ما بين سنتي 2008 و2011، 11ألف و787 مبحوثا عنه أي بمعدل يناهز 3 آلاف مبحوث كل سنة)، من بينهم 5694 مبحوثا عنه من طرف مصالح الدرك الملكي (بمعدل 1424 سنويا)، و5093 مبحوثا عنه من طرف مصالح الأمن الوطني (بمعدل 1273 مبحوثا عنه سنويا). مقاربة تشاركية يرى عبد الصمد الإدريسي، محامي ونائب برلماني عن حزب العدالة و التنمية أن المقاربة الأمنية والعقوبات السجنية الزجرية لن تحد من ظاهرة المتاجرة في المخدرات ولا التعاطي لها واستهلاكها، موضحا ل»التجديد»، أم المقاربة التشاركية بالعديد من الدول أظهرت نتائجها الإيجابية في العديد من الظواهر السلبية المتفشية بها. وأشار الإدريسي إلى ضرورة القيام بحملات توعوية للتذكير بالمشاكل الكبيرة التي تكون المخدرات سببا لها، وإشراك المؤسسات التعليمية وجمعيات المجتمع المدني والمؤسسات الدعوية من أجل القيام بدورها التوعوي. من جهة أخرى، أثار الإدريسي مسألة الزج بصغار التجار والمتعاطين للمخدرات بالسجون، فيما يظل الأباطرة ومساعديهم خارج الاسوار، وهو ما سيجعل الظاهرة مستمرة على اعتبار أن المقاربة النوعية للحد منها هي المعالجة الجذرية من خلال قطع الفساد من مصدره أي من خلال الوصول إلى المزودين الحقيقيين لسوق المخدرات. ومن خلال عدد كبير من الملفات المتعلقة بقضايا المخدرات والاتجار الدولي بها، يؤكد الإدريسي أن التحريات تتبث دائما وجود شبكات قائمة بذاتها، تتضمن أشخاصا أو موظفين بالجمارك وأمنيين ...وبالتالي من الضروري أن تقوم الجهات المعنية بحملات واسعة في صفوف التجار الكبار، وعدم الاقتصار على الموزعين بالأحياء من أجل الحد من ظاهرة صارت تشكل خطرا على المجتمع، مشددا على ضرورة تشديد العقوبات في صفوف هؤلاء من جهة، والتفكير في زراعات بديلة لاجتثات حقوق القنب الهندي المنتشر في مجموعة من المدن. استثمار الطاقات الدعوية شدد مولاي عمر بنحماد، أستاذ الدراسات القرآنية على ضرورة إشراك كل الأطراف القادرة على الإسهام في تحليل مجموعة من الظواهر من ضمنها «المخدرات»، من أجل أن يتحمل الجميع المسؤولية، موضحا في تصريح ل»التجديد» أن المعطيات الرسمية المتعلقة بقضايا المخدرات والتي تحيل إلى أن ربع المعتقلين بالسجون هم معتقلون على خلفية قضايا المخدرات دليل على أن المقاربة القضائية التي تنهجها الجهات الأمنية غير كافية، على اعتبار أن هذه الأرقام المهولة لا ينبغي أن تكون عابرة. وأضاف بنحماد، أن معالجة آفة الإدمان والتعاطي له والمتاجرة فيه تحتاج إلى نهج مقاربة شمولية، زجرية، تربوية ووقائية قبل وبعد الوقوع فيها، من خلال استثمار الطاقات التربوية الدعوية في وسائل الإعلام المرئية والسمعية والمكتوبة، والمركبات السجنية..، موضحا أن زيارة المرشدين والموجهين الروتينة من شأنها أن تعمل على تركيز الجهود لمحاصرة هذا الموضوع بالذات من خلال تشكيل خلايا لمعالجة الإدمان وتعاطيه والاتجار فيه أيضا.من جهة أخرى، توقف بنحماد عند مشكل العود، مشيرا إلى خطورة هذه المسألة والتي توحي -بحسبه- إلى أن المركبات السجنية صارت أماكن للتكوين في الإجرام وليست مكانا لإعادة التأهيل و الإدماج مما يستوجب تدخل الجميع من أجل نهج مقاربة شمولية، كل واحد حسب المسؤوليات المنوطة به (رجال الأمن، التربوين، الإعلام، الدعاة، المربون، المجتمع المدني...). وخلص بنحماد إلى أن المعالجة الشمولية لهذه الظاهرة تحول أيضا دون الانتقائية في معالجة الآفات لأنها لن تعطي النتائج المرجوة، وذلك في إشارة منه إلى معظلة الخمور التي يحفل بتذوقها علنا. المستفيدون من العفو أكد تقرير عن وزارة العدل أن لجنة العفو لم تقترح أي سجين للعفو من بين المحكوم عليهم في قضايا المخدرات منذ سنة 1996. بيد أن العديد من المحكوم عليهم في هذا النوع من القضايا قد استفادوا من العفو في المناسبات الخاصة، ومن بينهم 721 مستفيدا بتاريخ 18 نونبر 2005 بمناسبة الذكرى الخمسين للاستقلال (410 العفو مما تبقى من العقوبة و311 تخفيض العقوبة)، و8577 مستفيدا بمناسبة الذكرى العاشرة لعيد المجيد (30 يوليوز 2009)،(من بينهم 5919 العفو مما تبقى من العقوبة و2658 التخفيض من العقوبة السالبة للحرية). تقليص مساحات القنب الهندي أكد وزير الداخلية، امحند العنصر، بمجلس النواب مساء يوم الإثنين 20 نونبر2012 أن المجهودات المبذولة في مجال محاربة زراعة القنب الهندي مكنت من تقليص المساحات المزروعة بحوالي 60 بالمئة مقارنة مع سنة 2003 باعتبارها سنة مرجعية لإنجاز أول دراسة ميدانية في هذا المجال. وجاء في التقرير السنوي للهيئة الدولية لمراقبة المخدرات للسنة الجارية أن المغرب استطاع القضاء على 9400 هكتار من زراعة القنب غير المشروعة سنة 2010، مما ساهم في انخفاض المساحة الإجمالية لزراعة القنب من 134 ألف هكتار سنة 2003 إلى 47 ألف و500 هكتار سنة 2010، وتابع التقرير، أن المغرب قام بنهج سياسة بديلة تروم استبدال المحاصيل بقيمة 116 مليون دولار، حيث نفذت الدولة في هذا الإطار مشاريع للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية استهدفت 74 بلدية في المناطق الريفية. إلا أن ارتفاع عدد المعتقلين على خلفية قضايا تتعلق بالمخدرات يشير إلى أن المغرب يواجه خطر ظاهرة المخدرات سواء من ناحية تعاطيها أو الاتجار فيها أو زراعتها، ويؤكد بالأرقام محدودية المعالجة الزجرية على احتواء الظاهرة، خاصة وأن العقوبات الصادرة عن المحاكم تغيب عنها زراعة القنب الهندي خريطة زراعة المخدرات تستأتر مدينة الحسيمةوشفشاونوالعرائش وتاونات وتطوان زراعة القنب الهندي وأن 46 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة بإقليمشفشاون تستغل لزراعة القنب، مقابل 4 في المائة في إقليم تاونات، و6 في المائة في إقليمالحسيمة، و10 في المائة بإقليمتطوان، و7 في المائة بإقليمالعرائش.وتتركز 62 في المائة من مزروعات القنب الهندي بإقليمشفشاون، مقابل 12 في المائة بإقليمالعرائش و9 في المائة بإقليمالحسيمة و7 في المائة بإقليمتطوان. وأفادت دراسة أنجزتها وكالة تنمية الأقاليم الشمالية ومكتب الأممالمتحدة لكافحة المخدرات خلال سنة 2004 أن المساحة المزروعة بالقنب الهندي بالأقاليم الشالية للمغرب تناهز 120.500 هكتارا وهو ما يمثل 88 في المائة من الأراضي البورية المزروعة بالمنطقة. وقدرت الدراسة عدد الأسر التي تعيش من مدخول هذه الزراعة ب96.600 أسرة، أي حوالي 804 ألف نسمة (بمعدل 8 أفراد في كل عائلة).ويستعمل القنب الهندي (الكيف أو الحشيش) خاما ومصنعا مخدر من المخدرات اللينة(عكس المخدرات القوية كالكوكايين والهيروين). ويقدر القنب الهندي بالمغرب بناء على ذات الدراسة ب 98 ألف طن بالإضافة إلى 2.760 طن من الشيرا سنويا.وأن مداخيل الفلاحين من بيع القنب ب2.9 مليار درهم، وهو يدر دخلا سنويا يقدر ب30 ألف درهم لكل عائلة في المعدل(أو 3600 درهم لكل فرد). حجز 127 طنا من مخدر الشيرا خلال 10 أشهر أبرز وزير الداخلية في عرض له أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، بمناسبة تقديم مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الداخلية برسم سنة 2013 أنه تم خلال الأشهر العشر الأولى من سنة 2012 حجز 127 طنا من مخدر الشيرا، و117 طنا من الكيف، و19 كيلوغرام من الكوكايين، و6 كيلوغرام من الهيروين، وحوالي 48 ألف وحدة من الحبوب المخدرة، وتفكيك العديد من الشبكات الاجرامية الوطنية والدولية، فيما بلغت (سنة 2011) الكميات المحجوزة بالمغرب من مخدر القنب الهندي الخام و المصنع على شكل شيرا بالإضافة إلى التبغ (275 طن و594 كلغراما منها 228 طن و494 حجزت بمقتضى محاضر أنجزها الدرك الملكي، و47 طنا و100 كلغرام بمقتضى محاضر أنجزتها مصالح الأمن الوطني). حلول وزارة العدل اعترفت وزارة العدل والحريات بمحدودية المعالجة الزجرية لزراعة القنب الهندي وترويج المخدرات، وجاء في تقرير لها بمجلة الشؤون الجنائية أنه بالرغم من الجهود المبذولة على الصعيد القضائي و الأمني لمحاصرة ظاهرة زراعة القنب الهندي، و ترويج المخدرات عموما، والمتجلية في كثرة التوقيفات وشدة العقوبات و الصرامة في التعامل التي أدت إلى كون حوالي 40 في المائة من الأشخاص الذين يطبق عليهم الاعتقال الاحتياطي كل سنة، وأكثر من 25 في المائة من الساكنة السجنية القارة هم من المتهمين أو المحكوم عليهم من أجل قضايا المخدرات، فإن الظاهرة لم تنخفض وإن كانت السلطات المغربية قد نجحت في محاصرتها لمنع توسعها. وأكد التقرير على ضرورة معالجة الظاهرة بالموازاة بين السياسة الجنائية(الزجر والعقاب)، وسياسات عمومية أخرى، مقترحة كحلول لذلك: القضاء على زراعة القنب بشكل نهائي. تعويض هذه الزراعة بزراعات بديلة، ومساهمة الدولة في تمويل هذه الزراعات البديلة، وفي أداء تعويضات للفلاحين الذين ينخرطون في البرنامج تعوض لهم الكسب الضائع من زراعة القنب إلى حين اكتمال نمو الزراعة البديلة. البحث عن تمويلات أجنبية-كمساعدات- من الدول المستهلكة للقنب المغربي توازي الفائدة التي ستحققها من انقطاع هذه المادة. التفكير في حل مشكلة تفاقم عدد السجناء المعتقلين من أجل المخدرات بالسجون المغربية عن طريق وضع آلية قانونية تسمح بالإفراج عنهم مقابل إقلاعهم عن زراعة القنب أو ترويج المواد المشتقة منه.