رغم التحذير الواضح من خلال النصوص الشرعية من الإقدام على الخلق الذميم، ورغم علمهم بالعواقب الوخيمة التي يعيشها كل من عرف بالكذب في دنياه، لا يتورع كثير من المغاربة في الكذب واحتراف هذه الخصلة القبيحة، ويجمع عمر جدية أستاذ أصول الفقه ومقاصد الشريعة الإسلامية بكلية الآداب سايس بفاس، أسباب “الظاهرة" في ضعف التوعية الدينية التي تذكر الناس بالحكم الشرعي الخاص بهذا الخلق الذميم، وعدم تصوير عاقبته تصويرا دقيقا حتى يحصل الابتعاد عنه والنفور منه، ورفقة الذين ألفوا الكذب واستسهلوه وجعلوا منه الوسيلة الفعالة في الوصول إلى المآرب وقضاء المصالح، إضافة إلى ضعف الشخصية وانعدام الثقة بالنفس، والطمع فيما في أيدي الناس.. وأكد المتحدث، أن الكذب خلاف الصدق وضده، وقال في تصريح ل"التجديد"، إنه لما كان يهدي في نهاية المطاف إلى النار والعياذ بالله اعتبر من المنهيات، وكان حكمه الشرعي الحرمة، عكس خلق الصدق الذي يهدي إلى الجنة، فهو دائما مرغوبا فيه مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم “ عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق، ويتحرى الصدق، حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب، ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا"، مضيفا أنه إن كان الصدق من علامات التقوى لقوله تعالى" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"، ولقوله عز وجل “والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون"، فإن الكذب آيات النفاق لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث متفق عليه “آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أوتمن خان". وأوضح جدية، أن للكذب آثار سيئة على حياة كل كاذب؛ فهو محروم دائما من راحة البال، وطمأنينة النفس، ويظل دائما خائفا من أن يفتضح أمره وإن تظاهر بعكس ما يشعر به. وصدق الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم القائل في حديث رواه الترمذي “ دع ما يريبك إلى ما يريبك فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة"، إضافة إلى ذلك –يشير المتحدث- أن الكاذب لا يثق فيه الناس، ولا يأمنون جانبه، بل ويبتعدون عنه، ولا يشركونه في أمورهم، سواء تعلق الأمر بالبيع أو الشراء أو غير ذلك لعلمهم بمحق البركة مع وجوده كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث رواه البخاري “ البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعها، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعها".