عما قريب، ومن رؤية انفتاحية على قضايانا العربية والإنسانية ككل، ستقدم قناة الجزيرة الوثائقية فيلما وثائقيا متميزا للمخرج والمنتج بنفس القناة، ابن مدينة وجدة، عروسة شرق المغرب، وأحد مهندسي الوثائقيات العربية، محمد بلحاج، فيلما وثائقيا، تحت عنوان المهدي بن بركة اللغز. فيلم سيساهم في تفكيك وتحليل العديد من العناصر المتعلقة بهذا الموضوع، الذي يشكل ملفا جوهريا بالنسبة للمجتمع المغربي، وكل القوى الحية والإنسانية في العالم. محمد بلحاج وهو يقترب من هذا الملف، يؤكد أهمية صناعة الفيلم الوثائقي ودوره في المعالجة الخلاقة لقضايا المجتمع، في زمن تعيش فيه قنواتنا التلفزية المغربية شبه طلاق وانفصال مع الفيلم الوثائقي، دون نسيان مبادرات دوزيم القليلة والمعنونة بقصص انسانية. وللتذكير فهذا المخرج/المنتج المغربي، يتميز بمنهجية علمية وتفكيكية للقضايا التي يتناولها كموضوعات لأعماله الإبداعية/الوثائقية، فقد سبق له أن اقتحم العديد من الموضوعات الوطنية والعربية والإنسانية ككل، ودائما من زاوية اخراجية وفنية وجمالية وثقافية تجر المشاهد إلى تحقيق جزء مهم من انتظاراته الفرجوية، لاسيما وأنه حريص في كل أعماله على تتبع رؤية إخراجية مرهونة ما أمكن بحس موضوعي إنساني. كتب وأخرج العديد من الأفلام الوثائقية المتعلقة بتأسيس القضية الفلسطينية في شقها التأسيسي المرتبط بمنظمة التحرير الفلسطينية، وفتح ملف عبد الكريم الخطابي من المغرب، القائد المغربي الذي كسر شوكة الاستعمار الاسباني في جبال الريف المغربية، كما تابع قضايا استغلال الاطفال جنسيا من خلال بعض المحطات الاسيوية، وقد راكم المخرج تجربة اعلامية ومهنية مهمة فيها ما هو وطني، إذ اشتغل محمد بلحاج في قناة دوزيم المغربية، وترك بصمته الفنية هنا بهذه القناة، ويكفي ان نذكر ببرنامج تحقيق الذي لازال حاضرا بقوة في مشهدنا الإعلامي المغربي، كما وسع تجربته المهنية من خلال تنقله بين العديد من الدول العربية والأوربية والأمريكية والأسيوية، كل هذا جعل رؤيته للعالم من زاوية فنية وإنسانية، تتميز بالخبرة والنضج وعدم التقوقع في الايديولوجيات السطحية المباشرة. ودون شك وبعد فيلم المهدي بن بركة، ستقدم قناة الجزيرة الوثائقية عمله الجديد، الذي اشتغل عليه والمتعلق بالحسن الثاني، هذه نتف قليلة أردنا أن نذكر بها القارئ الكريم، بمن هو وراء فيلم المهدي بن بركة اللغز، باعتباره اليوم واحد من مهندسي الافلام الوثائقية العربية الناهضة على خبرة انسانية بامتياز. عمل استغرق من المخرج مدة زمنية طويلة، تتبع فيها مسارات هذا الزعيم السياسي، وكل تقلبات اللعبة السياسية ورياحها المتعددة والمتنوعة والتي كانت وراء بلورة شخصية هذا الرجل السياسي المغربي، والعربي والعالمي. من خلال هذا الملف سنقترب دون شك الى حقبة سياسية مغربية مهمة ونوعية، لا زالت ترخي بظلالها على مغرب القرن العشرين والواحد والعشرين. عنونة الفيلم باللغز، دليل على وعي المخرج بالمنعرجات التي تميز ملف المهدي بن بركة. منعرجات يتداخل فيها المحلي المغربي بما هو دولي، نظرا لمكانة المهدي، وما توحي به شخصيته المتعددة الاهتمامات والأدوار. كل هذا سيجعلنا نعيش لحظات تشويقية وممتعة من شانها،إغناء رصيدنا الفرجوي الوثائقي السياسي والثقافي والإنساني. نذكر هنا أن الفيلم من توقيع إنتاجي لقناة الجزيرة الوثائقية، التي تستثمر اليوم في تحقيق العديد من التراكمات الكمية والكيفية لهويتنا العربية والإسلامية والإنسانية، في ضوء العديد من المناحي الاجتماعية والثقافية والسياسية والعلمية والفنية الخ، وهو استثمار إنساني، سيشكل لا محالة/ دورا بارزا في توثيق ذاكرتنا العربية وغيرها، حتى لا تصاب بآفة المحو والنسيان. على أن نتابع وبشكل تحليلي لكل المكونات والعناصر التي نهض عليها الفيلم، في أفق خلق نوع من المتابعة النقدية للخطاب الفيلمي الوثائقي.