وجه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان انتقادات حادة إلى مجلس الأمن الدولي، أول أمس، بسبب فشله في التوصل إلى قرارات حاسمة لوضع حد للجرائم التي يرتكبها النظام السوري في حق السوريين المطالبين البحرية والديمقراطية وإنهاء الحكم الديكتاتوري لبشار الأسد. واتهم أردوغان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ب»العجز» في مواجهة الأزمة السورية، ودعا إلى إصلاح المجلس الذي يضم القوى العالمية الكبرى وإعادة هيكلته. وأشار إلى أن المجلس يكرر الأخطاء التي أدت إلى مذابح البوسنة في تسعينيات القرن الماضي. وقال أردوغان خلال مؤتمر دولي تستضيفه إسطنبول حضره الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي إن العالم شاهد على «مأساة إنسانية» في سوريا. وأضاف «إذا كان يلزم الأمر انتظار معرفة ما سيقوله عضو أو عضوان دائمان في مجلس الأمن، فحينئذ يكون مصير سوريا فعليا في خطر كبير»، وذلك في إشارة ضمنية إلى روسيا والصين. جدير بالذكر أن موسكو وبكين، وهما دولتان دائمتا العضوية في مجلس الأمن تتمتعان بحق النقض، استخدمتا «الفيتو» ثلاث مرات ضد مشاريع قرارات ساعية للضغط على نظام الرئيس بشار الأسد من أجل وقف إراقة الدماء في سورية والموافقة على بدء انتقال سياسي. وتابع أردوغان أن فشل المجلس في تطبيق سياسة فعالة إزاء الأحداث السورية، يفقد سريعا مشروعيته في نظر المضطهدين في المناطق الأخرى من العالم، حسب تعبيره. ودعا رئيس وزراء تركيا إلى إصلاح مجلس الأمن الذي وصفه بأنه «نظام غير متكافئ وغير عادل»، مضيفا أن الوقت قد حان لتغيير هيكلية مؤسسات دولية نحو «تمثيل أوسع وأكثر عدلا وأكثر فاعلية». قوى جديدة وبشأن تصوره للإصلاح اللازم إتمامه بالمجلس الذي يضم القوى العالمية الكبرى، دعا أردوغان إلى الأخذ في الاعتبار تصاعد قوة دول مثل تركيا والبرازيل والهند وإندونيسيا، وأن يكرس الواقع الذي يؤكد أن «الغرب لم يعد المركز الوحيد للعالم». واعتبر أن تباطؤ مجلس الأمن في التدخل لمنع «المأساة الإنسانية» المستمرة بسوريا منذ 20 شهرا يعطي الضوء الأخضر للرئيس السوري بشار الأسد لكي يقتل عشرات أو مئات الأشخاص كل يوم. وأضاف رئيس الوزراء التركي «إنه لأمر محزن أن تكون الأممالمتحدة عاجزة اليوم مثلما كانت قبل 20 عاما عندما كانت تشهد ذبح مئات الآلاف في البلقان والبوسنة وسربرنيتشا». ووقعت مذبحة سربرنيتشا في يوليوز 1995، وتعد أسوأ مذبحة تقع على الأراضي الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، حين انسحبت قوات حفظ السلام الهولندية التابعة للأمم المتحدة من منطقة حددت ملاذا آمنا من أمام قوات صرب البوسنة، مما أدى إلى مقتل 8000 مسلم بينهم أطفال وقيام جرافات بإلقاء جثثهم في حفر. مطالب بتسليح المعارضة في سياق منفصل، استبعد نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، أن يتم التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، مطالبا المجتمع الدولي بتزويد الثوار بالسلاح. وقال علي صدر الدين البيانوني المراقب العام السابق ونائب المراقب الحالي : «إن المعارضة السورية لديها خارطة طريق للمرحلة الانتقالية بعد سقوط نظام بشار الأسد»، وأضاف «الثورة السورية تزداد يوما بعد يوم إصرارا وتصميما وانتشارا وهي في تقدم». واتهم البيانوني، في حوار مع «الجزيرة نت»، نظام الأسد بمحاولة جر البلاد إلى حرب طائفية، مضيفا أن الشعب السوري أوعى من ذلك، وسيفوت الفرصة على هذه المحاولات، وأنه سيدافع عن نفسه بعد تخاذل المجتمع الدولي عن تقديم الدعم له وحمايته. وأوضح أن الإخوان المسلمين وقفوا مع الثورة منذ بدايتها وناصروها وشكلوا لجانا لدعمها بكل ما يستطيعون من إمكانات، وحاولوا إيجاد إطار وطني للتعامل مع الثورة وتوحيد الجهود، باعتبارها ثورة شعبية وطنية متنوعة، مشيرا إلى نجاحهم مع غيرهم في إيجاد المجلس الوطني السوري. وقال «إن الحديث عن خلافات وعدم توحد المعارضة السورية فيه قدر كبير من المبالغة، لأن المجلس الوطني السوري يجمع أكثر من 80 % من الأحزاب والمعارضين»، مضيفا أنهم بصدد إعادة هيكلته وضم عناصر معارضة جديدة, مشيرا إلى صعوبة اتفاق المعارضة بنسبة 100 %، وهناك بعض الدول تتذرع بعدم توحد المعارضة من أجل التنصل من دعم الشعب السوري. ورفض البيانوني الحديث عن أي مبادرة سياسية يكون النظام طرفا فيها، مشيرا إلى أن الحل هو أن يقوم المجتمع الدولي بتزويد الشعب السوري بأسلحة نوعية مضادة للطيران حتى يتمكن من الدفاع عن نفسه وحماية المدن والبلدات التي يقصفها النظام بالطائرات والدبابات. حصيلة القتلى وعلى الأرض، كشف المرصد السوري لحقوق الانسان أن أزيد من 33 ألف قتيل سقطوا خلال النزاع السوري المسلح المستمر منذ أكثر من 18 شهرا. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن ل»وكالة فرانس برس» إن حصيلة عدد القتلى وصل إلى 33 ألفا و82 شخصا، منذ اندلاع الاحتجاجات المطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الاسد في منتصف مارس 2011. وأوضح أن الضحايا «هم 23 ألفا و630 مدنيا، و1241 مقاتلا منشقا وثمانية آلاف و211 من القوات النظامية». وتشمل حصيلة المدنيين أولئك الذين حملوا السلاح لقتال القوات النظامية من غير الجنود المنشقين. ولفت عبد الرحمن إلى أن قرابة ألف شخص قتلوا في الأيام الخمسة الأخيرة، معتبرا أن «ما يجري حاليا في سوريا هو حرب رسمية»، موضحا أن عدد الضحايا «قد يكون مضاعفا» في حال إجراء تحقيق جدي بعد انتهاء النزاع. ولا تشمل الحصيلة المئات من الجثث مجهولة الهوية، أو «الشبيحة» من الميليشيات الموالية للنظام، أو العدد الكبير من المفقودين الذين لا يعرف مصيرهم. وقال المرصد إن المعدل اليومي للقتلى في أكتوبر بلغ 189 شخصا. وفي شأن آخر له علاقة بما يجري على الأرض، قال ناشطون سوريون إن مقاتلي الجيش الحر أسقطوا، صباح أمس، طائرة ميغ فوق بلدة كفر ناها بريف حلب. وأضاف الناشطون أن عناصر الجيش الحر أسقطوا الطائرة بأسلحة خفيفة بينما كانت تغير على الريف الغربي للمحافظة. ويعد ذلك الهجوم هو الأخير ضمن سلسلة من إسقاط طائرات حربية أعلن عنها الجيش الحر في الأيام الماضية. وبذلك يصل عدد الطائرات التابعة للقوات بشار الأسد التي تم تدميرها إلى 62 مقاتلة ومروحية منذ بدء الأزمة في منتصف مارس 2011. وكانت الهيئة العامة للثورة السورية قدمت في وقت سابق ملفاً قالت: إنه يحدد عدد الطائرات المقاتلة والمروحيات العائدة للقوات النظامية التي جرى تدميرها منذ بداية المواجهات مع قوات الجيش السوري الحر. وذكرت الهيئة أن الجيش الحر أسقط ودمر 61 طائرة بين مروحية ومقاتلة تابعة لقوات الأسد في 7 أشهر، مشيرة إلى أن الطائرات المدمرة والتي تم إسقاطها هي 37 مروحية عسكرية و24 طائرة مقاتلة، ما بين «ميج» و»سوخوي». وأوضحت الهيئة أنه عناصر الجيش الحر نجحوا في إسقاط 40 طائرة في الجو، مقابل تدمير 21 وهي رابضة في مطاراتها.