قال العلامة الدكتور، أحمد الريسوني، إن كثيرا من العلماء يلوذون بالصمت، أو عند تكلمهم يقال حبذا لو سكتوا، في انتقاد واضح من الفقيه، للعلماء والفقهاء المقربين من السلطة في البلدان الإسلامية، مؤكدا أن العالم الإسلامي يعاني من أزمة علماء حقيقية. وأضاف الريسوني، الذي كان يتحدث في مداخلة له على هامش توقيعه كتاب "فقه الثورة مراجعات في الفقه السياسي الإسلامي"، مساء الخميس 27 شتنبر 2012 بالمقر المركزي لحركة التوحيد والإصلاح، أن العلماء المستعدين للتحدث بما ينبغي وتحمل تبعات ذلك هم قلة، ولذلك تتضاعف مسؤوليتهم مع هذا الواقع، داعيا إلى ضرورة مراجعة الفقه السياسي الإسلامي لمواكبة المستجدات التي يفرضها الواقع. وأوضح عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، أن كتاب فقه الثورة، الذي ألفه أثناء إقامته بالسعودية، يعُد من أهم ما كتبه في مساره، مذكرا بأنه جاء استجابة لطلب إستغاثة وجه له من أجل الكتابة في الموضوع، بعد اندلاع ثورات الربيع العربي وما أحدثته فتاوى بعض الشيوخ من ارتباك في صفوف المحتجين، حيث عبر العديد من قرائه عن امتنانهم لما جاء في هذه الصفحات وفي بعض مضمونها الذي ذكره الفقيه المقاصدي في لقاءات تلفزية، "أجد من يقول لي لقد رفعت عنا حرجا وحللت لنا إشكالات" منبها إلى جسامة المسؤولية التي تزيدها مثل هذه التعليقات، منكرا على الكثير من الفقهاء، الذين قال إنهم بدل أن يحلوا المشكلات يضعون الإشكالات أمام الناس، ويكبلونهم بقيود وأغلال ما أنزل الله بها من سلطان، موضحا بالقول "ما كان الله تعالى ليضع حكما يخدم الظالمين، وما كان الله تعالى ليضع حكما يخدم المفسدين، وما كان الله تعالى ليضع حكما يكبل الراغبين في الحرية والكرامة المطالبين بحقوقهم وأرزاقهم، أبدا أبدا". كما أبرز رئيس رابطة علماء أهل السنة والجماعة، أن ما جاء في صفحات كتابه يتضمن ردا على بعض علماء السعودية ممن كانوا يفتون بتحريم المظاهرات والإحتجاجات ويعتبرونها فتنة. وقال الفقيه المقاصدي أن من الفحشاء والمنكر "أن يأتي الإنسان بشيء يمنع الناس من قول كلمة حق أو المطالبة بحق، أو ليقولوا للظالم يا ظالم أو أن يرفعوا أصواتهم بالتظلم إذا ظلموا"، كما شدد الريسوني، على أن كلمة الصدق والحق ينبغي أن تشجع وينوه بها، معتبرا الفتاوى التي تخدم الظالمين والمفسدين افتراء على الله وجرأة عليه، داعيا إلى "أنه إذا وجدنا شيئا فيه الباطل بعينه وفيه الضرر بنفسه وبوضوحه يجب أن نجزم أن دين الله بريء من ذلك"، معتبرا أن القول للظالم يا ظالم وللفاسد إرحل كلمة حق، من أجلها جاء الأنبياء يضيف الريسوني. وطالب الريسوني، بالدفاع عن قيمة الكلمة التي تمثل العلم والفقه والدليل ومقتضى الشرع، مبرزا أن الدور الذي أصبحت تقوم به هذه الكلمة مهم وحاسم، وهي التي تفصل في اختيار الكثير من الناس أمام مسارين أو مسارات يكونون حائرين أمامها، "الكلمة التي ترفع عن الناس الحيرة وقت حيرتهم واضطرابهم وترددهم، فهذه الكلمة تكون لها قيمة كبيرة وواضحة وتكون أهم من العمل". وتجدر الإشارة إلى أن حفل توقيع كتاب "فقه الثورة مراجعات في الفقه السياسي الإسلامي"، نظمه فرع الرباط لحركة التوحيد والإصلاح، في إطار الأبواب المفتوحة التي نظمت بساحة باب الأحد الأسبوع الماضي، حضره العشرات من أعضاء الحركة والمتعاطفين.