عقدت الحكومة خلال الأسبوع الماضي بالدارالبيضاء، لقاء مع رجال الأعمال المنضوين في إطار الاتحاد العام لمقاولات المغرب، خصص لتدارس عدد من القضايا المتعلقة بتحسين مناخ الأعمال ودعم تنافسية المقاولات الوطنية. ويأتي هذا اللقاء في ظل الظرفية الحالية التي تقتضي رفع التحدي الاقتصادي الذي يعتبر عصب عجلة النمو، لاسيما في ظل تراجع الطلب الخارجي على المغرب والمراهنة على الطلب الداخلي. وتبقى قطاعات الفلاحة والبناء والأشغال العمومية وقطاع الخدمات المحركات الأساسية للنمو الاقتصادي، إذ تساهم بنسبة 80 في المائة من القيمة المضافة الإجمالية. ومازالت جهة الدارالبيضاء تحتل الرتبة الأولى من حيث عدد الوحدات الصناعية على الصعيد الوطني وذلك بحوالي 2617 وحدة، متبوعة بطنجة تطوان 716 وحدة و فاس بولمان والرباط سلا زمور زعير وسوس ماسة درعة ومراكش تانسيفت الحوز، حسب أرقام المندوبية لسنة 2008. واعتبر محمد نظيف أستاذ الاقتصاد أن القطاع الخاص بالمغرب يلعب دورا مهما خصوصا على مستوى المقاولات الصغرى والمتوسطة، سواء تعلق الأمر بالقطاع المهيكل أو القطاع غير المهيكل. وقال نظيف في تصريح ل»التجديد»إن أهمية القطاع الخاص تكمن على مستوى انتاج السلع والخدمات. وتبرز أهمية القطاع الخاص في نسبة المناصب التي يوفرها، حيث أكدت المندوبية السامية للتخطيط أن القطاع الخاص (بما في ذلك القطاع غير المنظم) يشغل91,5 في المائة، مقابل 7,7 في المائة في الإدارة العمومية والجماعات المحلية، والمقاولات العمومية والشبه عمومية التي تشغل 0,8 في المائة.وفيما يتعلق ببنية الشغل حسب فروع النشاط الاقتصادي، تأتي الفلاحة على رأس القطاعات المشغلة تليها التجارة والصناعة والبناء والأشغال العمومية والإدارة العمومية.وأكد الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة نجيب بوليف الأسبوع الماضي بالدارالبيضاء أن المغرب يحظى بثقة كبيرة من قبل المستثمرين بفضل ما يتمتع به من استقرار سياسي.وقال بوليف، خلال لقاء نظمته الغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة بالمغر، إنه من الضروري استثمار هذه الثقة للنهوض وتحسين مناخ الأعمال بالمغرب وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني. وقدم بالمناسبة أبرز المحاور التي تضمنتها خطة عمل الحكومة برسم سنة 2012 وتهم تحسين شفافية المساطر الإدارية وتحديث الإطار القانوني للاستثمار وتسهيل الولوج للعقار وتمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة وأيضا المقاولات الصغيرة جدا وتعزيز تنافسية الجهات وتشجيع المبادرة الخاصة وإحداث المقاولات. وأشاد في هذا السياق بإطلاق الحكومة لمسار الحوار الاجتماعي من خلال عقد لقاءات مع خمس نقابات ودخولها في حوار مع أرباب المقاولات لضمان إطار واضح وشفاف يشجع على الاستثمار ويمنح الحكومة متسعا لإنجاز الأوراش الكبرى.وبعد أن استعرض نماذج من هذه الأوراش، والمتمثلة بالخصوص في قانون الإضراب والجهوية والتقاعد وإصلاح القضاء، أوضح الوزير في ما يتعلق بصندوق المقاصة أن إصلاح هذا الصندوق سيتم بشكل تدريجي، مشيرا إلى أن هذه الخطوة ستمكن من ضمان مزيد من الاستقرار الاجتماعي. وذكر بوليف بأهم مرتكزات الحكامة الجيدة والتي تشمل محاربة الرشوة وضمان الشفافية والمقاربة التشاركية وتقاسم المسؤوليات وحماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة. مؤشرات مقلقة واعتبر نظيف أن الإشكالية في القطاع الخاص تتمثل في النظام الجبائي غير محفز، وهو ما يجعل العديد من الأفراد لا يأخذون المبادرة، بالإضافة إلى ضعف شروط المنافسة. وطالب نظيف بتقديم تحفيزات للقطاع الخاص، وانخراط المؤسسات في تشجيع المستثمرين من أجل تكون منافسة شريفة، ولتهيئ الفضاء الأمثل للإستثمار، مشيرا في الوقت نفسه إلى بعض مجالس البلديات بدول أوروبية التي تعمل على جلب الاستثمارات انطلاقا من التحفيزات. وحسب المصدر ذاته، فإن تنافسية القطاع تقتضي توفره على الجودة وعلى تلبية حاجات المواطن، مشيرا إلى أن غياب الجودة تسهم في توجه المستهلك المغربي إلى المنتوجات الخارجية. وشدد نظيف على حماية المنتوج الوطني، خصوصا أن المنتوجات الخارجية استعمرت الأسواق ووصلت إلى جميع البيوت. بالإضافة إلى إعادة الاعتبار للموارد البشرية بالقطاع الخاص حتى يتحسن مدخوله، وبالتالي تطوير إنتاجيته.اعتبرت المندوبية السامية للتخطيط أن هيمنة العمالة الضعيفة التأهيل تعكس بنية الاقتصاد الوطني ومستوى إنتاجية قطاعاته. وبالتالي فإن التحسن في النمو لم يصاحبه تغيير ملموس للبنيات الاقتصادية لصالح الأنشطة ذات التكنولوجيا العالية. غير أن قطاعات الفلاحة والبناء والأشغال العمومية وقطاع الخدمات تتميز بضعف في مضاعف العمالة خاصة العمالة المؤهلة، إذ أنه بإنشاء 10 وظائف مباشرة في كل قطاع فالفلاحة لا توفر سوى فرصتي عمل بشكل غير مباشر. أما قطاع البناء والأشغال العمومية فلا يوفر سوى 1,2 وظيفة ولا يتعدى هذا العدد 3 بالنسبة لقطاع الخدمات. وبذلك تبقى مساهمة هذه القطاعات في توظيف العمالة المؤهلة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ضعيفة رغم توظيفها المكثف للعمالة. ومال زال الفساد أبرز معيق لتطور عجلة القطاع الخاص، وهو ما اكدته بعض الدراسات، إذ كشفت دراسة جديدة لمنظمة الشفافية الدولية ضمن تقريرها السنوي لعام 2012 الذي يرصد مستوى الفساد والرشاوي بالشركات الأجنبية في دول العالم، أن 31 بالمائة من المستثمرين المستجوبين يعتقدون أنه خلال ال12 شهرا الماضية، أنهم فشلوا في الفوز بعقد أو الحصول على أعمال جديدة في المغرب لأن منافس لهم دفع الرشوة، بينما يرى 69 بالمائة من المستجوبين أن المنافسة من أجل الظفر بعقد جديد أو الحصول على أعمال جديدة بالمغرب لم تعتريها مظاهر الرشوة. وتعتبر المؤشرات في قطاع الموارد البشرية من بين المظاهر السلبية التي تؤثر على الإنتاجية وبالتالي على التنافسية والقيمة المضافة، إذ يعيش سوق الشغل بالمغرب أزمة كبيرة على اعتبار أن ثلثي الأجراء بالمغرب يعملون بدون عقدة عمل، و80 في المائة من الأجراء لا يتوفرون على التغطية الصحية، بالإضافة إلى أن التشغيل الذي يتكون في مجمله من العمالة غير المؤهلة، يبقى حكرا على فئة غير حاملي الشهادات التي تشغل منصبين من ثلات. وتبين نتائج بحوث الظرفية الاقتصادية أن قطاع البناء والأشغال العمومية قد عرف ارتفاعا طفيفا في الإنتاج خلال الفصل الثاني لسنة 2012 مقارنة مع الفصل السابق، حيث أن 22% من مسؤولي المقاولات صرحوا بتحسن الإنتاج، %70 منهم أكدوا استقراره فيما صرح % 8 منهم بانخفاضه. ويعزى هذا الارتفاع الطفيف إلى التأثير المزدوج للتحسن الذي تكون قد سجلته أنشطة الأشغال العمومية (%25 من مسؤولي المقاولات صرحوا بارتفاع الإنتاج و% 3 بانخفاضه ) من جهة، وإلى الاستقرار الذي تكون قد سجلته أنشطة البناء %) 66 صرحوا باستقرار الإنتاج، و%34 منهم موزعين بالتساوي مابين الارتفاع والانخفاض) من جهة أخرى.