تذكر قبل أن تعصي أن الله يراك، ويعلم ما تخفي وما تعلن : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي لْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْم الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) تذكر قبل أن تعصي ... الملائكه تحصي عليك جميع أقوالك وأعمالك، وتكتب ذلك في صحيفتك، لا تترك من ذلك ذرة أو أقل، قال تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عَتِيدٌ). وأن تكون ممن يقول يوم الحسلب حين يوضع الكتاب (ياويلتنا مالهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا) تذكر قبل أن تعصي .. ملك الموت وهو يتوفى نفسك، وتتمنى حينها أن تسبح تسبيحة واحدة فلا تقدر، أو تكبر تكبيرة واحدة فلا تقدر، أو تهلل تهليلة واحدة فلا تقدر، أو تصلي ولو ركعتين خفيفتين فلا تقدر، أو تقرأ ولو آيه واحدة من القرآن فلا تقدر، فقد ألجم اللسان، وشخصت العينان، ويبست اليدان والرجلان.. تذكر قبل أن تعصي.. وقوفك بين يدي الله تعالى يوم القيامة، ليس بينك وبينه حجاب أو ترجمان، فأحذر أن يشدّد عليك في الحساب، وتفضح على رؤوس الأشهاد. تذكر قبل أن تعصي.. شهادة أعضاء العصاة عليهم، كما قال سبحانه: (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُم وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُم عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوخَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) تذكر قبل أن تعصي ... أن لذة المعصية مهما بلغت فإنها سريعة الزوال، مع ما يعقبها من ألم وحسرة وندم وضيق عيش في الدنيا، وتعرض للعذاب في النار يوم القيامة تذكر قبل أن تعصي أن المعاصي ظلمات بعضها فوق بعض، وأن القلب يمرض ويضعف ويظلم بسبب الذنوب والمعاصي، وقد يموت بالكلية، وإذا مات القلب تحتم الهلاك وتأكد الخسران. وأخيراً تذكر قبل أن تعصي .... أن الذنوب تؤدي إلى قلة التوفيق، وحرمان العلم، وضيق الصدر وتعسير الأمور، ووهن البدن، وذهاب الحياء والغيرة والأنفة والمروءة من القلب. والمعاصي تزيل النعم، وتحل النقم، وتمحق بركة العمر وبركة الرزق، وبركة العلم وبركة العمل وبركة الطاعة، وتعرض العبد لأنواع العقوبات في الدنيا والآخرة وتخرج العبد من دائرة الإحسان، وتمنعه من ثواب المحسنين. ومن أعظم عقوباتها أنها تورث القطيعة بين العبد وربه، وإذا وقعت القطيعة انقطعت عنه أسباب الخير، واتصلت به أسباب الشر.