يعرف الوطن العربي منذ ما يزيد عن السنة تحولات سياسية واجتماعية عميقة، دشنتها ثورة الياسمين في تونس بإسقاط قلعة الفساد هناك، لتتوالى حبات عقد الاستبداد في التهاوي والسقوط، الواحدة تلو الأخرى، بدءا بمصر فليبيا فاليمن والبقية تأتي، ولتنجلي عقدة الخوف الجمعي التي كبلت انطلاقة الشعوب لعقود عديدة ورسخت حضور أنظمة الاستبداد في خريطة الوطن أداة استقوت بكل الوسائل والجهات لإدامة إرهابها النفسي للشعوب، انطلق الربيع الديمقراطي لينفتح أمام الشعوب الظامئة إلى الحرية والعيش الكريم أفق جديد رصعته بدماء شهدائها الذين سقطوا في ساحات مواجهة آلة الاستبداد والظلم، وكللته باستماتة شبابها في النضال ضد الفساد. في سياق هذه التحولات التي يشهدها الوطن العربي، والتي ما تزال تتفاعل إلى اليوم، خصصت مجلة الفرقان ملف عددها الجديد للإجابة عن الأسئلة التي يطرحها الربيع الديمقراطي. وقد كتب بصمة العدد، الأستاذ امحمد طلابي وعنونها ب(الربيع الديمقراطي العربي ، بداية عصر النهضة) حيث وقف على المكونات الأربعة للصحوة الديمقراطية العربية كسنة تاريخية معتبرا أن»الربيع الديمقراطي العربي هو الوعي الحاد لشعبنا العربي العظيم بفشل الرأس المسلح في الإطاحة بحكامنا المستبدين وتحرير مجتمعاتنا من القهر السياسي والاجتماعي. فقدم العلاج الناجع والناجح في التحرر من الاستبداد السياسي: إنها الثورة الشعبية السلمية، تحت شعار ((سلمية... سلمية)). الربيع الديمقراطي العربي هو في الوعي السياسي استبدال الرأس المسلح بالرأس المدني في التدافع من أجل العزة والحرية والديمقراطية والعيش الكريم للشعوب العربية. إنه تحول استراتيجي في أسلوب التدافع بمنطقتنا العربية، سيساعد هذا التحول الجذري في المقاومة على انهيار سريع لتنظيم القاعدة والتيارات المتطرفة في المنطقة.» لينتقل بعدها للوقوف على مقاصد الربيع العربي وثماره. وقد كتب في ملف العدد ثلة من الأساتذة الباحثين المهتمين بالموضوع، وتم استهلاله بمقال الأستاذ فهمي هويدي(عالم عربي جديد في سنة فارقة)، وكتب الدكتور عزمي بشارة حول (أفكار ميثاقية لأي ثورة ديمقراطية). وكتب الدكتور إدريس جنداري حول(الربيع العربي وتحديات الوسيط الإمبريالي)، وخصص رئيس التحرير الدكتور مصطفى بنان مقالته ل(المغرب في الربيع الديمقراطي)، ووقف الدكتور أحمد كافي على موقع العلماء من الحراك الشعبي من خلال مقالته (العلماء و الربيع العربي الديمقراطي)، وكتب الدكتور علي القاسمي عن(العوامل التعليمية في الثورات الشعبية في الوطن العربي) ، وكتب الدكتور عبد الإله بلقزيز عن(عوامل ساعدت على نجاح التغيير) وسعى الدكتور محمد همام من خلال مقالته إلى ضبط(الأصول الفكرية والعملية للربيع العربي)، وكتب الأستاذ مصطفى الطالب فقد خصص مقالته للبحث في التجليات الفنية للربيع الديمقراطي (إبداعات الربيع العربي). وخصص العدد ركن قراءة في كتاب لتقديم كتاب (الإسلاميون والربيع العربي) للأستاذ بلال التليدي ، وقد أنجز القراءة الدكتور أحمد رزيق. وتضمن ركن ثقافة شرعية في هذا العدد مقالة الدكتور رضوان غنيمي (الوسطية في المعاملات المالية)، ومقالة ثانية للدكتور عبد القادر بطار (موقف الإسلام من الغلو). وركز ركن حوار على شخصية الفيلسوف المسلم روجيه جارودي رحمه الله من خلال حوار أجراه الأستاذ عبد الرحيم بلقشمار مع الأستاذ المقرئ الإدريسي أبوزيد. وكتب الدكتور يحيى اليحياوي في ركن قضايا راهنة محددا (التحديات التي تقف أمام الحكومة المغربية الجديدة)، كما كتب الدكتور عبد الله القفاري حول(الجمهورية المصرية الثانية)، ووقف الأستاذ محمد الصباني في ركن ائتلاف واختلاف على(استطيقا الجمال بين الجميل والقبيح)، أما ذاكرة أمة فتم تخصيصها للعلامة عبد العزيز بنعبد الله رحمه الله، ، وكتب في ركن الأدب والفن كل من المبدعين مصطفى الشليح(سيأخذون اسمك العالي) وعبد المجيد بطالي(رسالة نثرية إلى أبابيل الحجارة) ومعاذ الديوري(ولأنت نور الله يا رمضان)، وتم التعريف بمجموعة من الإصدارات الجديدة بركن إصدارات، وخصص الدكتور يحيى اليحياوي لتأمل جميل في السحر الذي يجلل كلمة إرحل والتي مثلت أيقونة من أيقونات الربيع الديموقراطي (سحر كلمة إرحل).