صدر العدد الأخير من مجلة الفرقان (64)، الذي خصص ملفه، لمسألة ظلت مثار جدل وخلاف بين ألوان الطيف الفقهي والفكري في الساحة الإسلامية (الدين والفن). كتب بصمة العدد رئيس التحرير الدكتور مصطفى بنان وعنونها ب(الدين والفن) وخلص فيها إلى أنالتصور الوعظي الضيق الذي يكبل الفن الإسلامي وضمور المقاييس الجمالية ونقص الدربة والحرفية كلها عوائق تحول دون أن يتبوأ هذا الفن المكانة التي يستحقها ويؤدي الأدوار الطلائعية المنتظرة منه في المدافعة الحضارية وفي الاستجابة للحاجات المتزايدة والمتجددة. وهذا استحقاق ليس للفنان المسلم أن يطمع في كسبه دون إسناد من النقد الفني الذي ينظّر وينحت الرؤى والتصورات ويضع المفاهيم والمقاييس، ويؤسس المدارس والتوجهات ثم يعمل على تتبع الإنتاجات بالقراءة الناقدة التي تصف وتفسر وتقوّم وتوجّه. وهذا عمل استراتيجي لا ينتظر أن ينجزه هواة أفراد لأنه فوق طاقتهم. إنه عمل مفروض أن يكون مؤسسيا يجمع بين البحث العلمي وبين التكوين الأكاديمي وبين التأليف والإنتاج والتتبع والتقييم والتوجيه. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. وقد كتب في ملف العدد ثلة من الأساتذة الباحثين المهتمين بالموضوع، وتم استهلاله بالورقة التصورية حول العمل الفني الصادرة عن المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح بتاريخ 4 رجب 1430 ه الموافق ل 27 يونيو 2009 م، وكتب الدكتور أحمد رزيق حول(المناشط الفنية بين الرسالية وفن الفتنة)، وكتب الأستاذ محمد يتيم عن (القيم الجمالية والفنية من منظور إسلامي). وميز الدكتور مصطفى الحيا من خلال مقالته بين(الجمال الطبيعي والجمال الفني) ووقف الدكتور محمد أفقير في دراسة تطبيقية عن (الأصول الفنية للأغنية الأمازيغية). وفي نفس السياق خصص الدكتور عبد الفتاح فهدي دراسته ل(الالتزام في شعر الملحون) ومن الأقلام المتميزة المشاركة في العدد الدكتور عبد الكريم برشيد الذي كتب عن(التراث في المنظور الاحتفالي: كلمات في الهوية والتراث)، وضمن نفس المنشط الفني الذي هو المسرح كتب الدكتور جميل حمداوي (من أجل نظرية مسرحية إسلامية جديدة)، وعن منشط السينما رصد الأستاذ مصطفى الطالب ما عرفته السينما المغربية من تحولات خلال العشر سنوات الماضية (السينما المغربية في العشرية الأخيرة: تقدم في الإنتاج وتراجع في المضامين)، وفي نفس السياق كتب الأستاذ محمد السموري عن الصورة (خطاب الصورة وجماليات الخطاب البصري)، واختتم الملف بمقالة الدكتور الحسين زروق التي خصصها لمنشط جمالي آخر هو فن الحكي مركزا على(القصة في سياق التدافع الحضاري). وتضمن ركن ثقافة شرعية في هذا العدد مقالة واحدة للدكتور أحمد كافي الذي كتب حول الفوائد المنتقاة من آخر ترجمة خاتمة صحيح البخاري (الجزء الأول). وتضمن ركن قضايا راهنة تقريرا عن الجدار الفولاذي العازل للقطاع عن مصر، وكتب الأستاذ سلمان بونعمان في باب ائتلاف واختلاف عن (الرؤية المعرفية بين العلمانية والإمبريالية). وتم تخصيص ركن ذاكرة أمة لرحيل الأستاذ الدكتور فريد الأنصاري: رائد مشروع مجالس القرآن، والتقرير من إنجاز الأستاذ حازم ناظم فاضل، وكتب في ركن أدب وفن كل من الأدباء؛ خالد بودريف وفريد الأنصاري وإيمان فهدي وعبد المجيد بطالي. وتضمن العدد تعريفا ببعض الإصدارات الجديدة. وخصص أحمد رزيق الصفحة الأخيرة للتأمل في الأغنية الملتزمة (كان يا ما كان غناء الغيوان).