صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة العدد27 – شتاء 2008 من مجلة فصول في ملف خاص عن الناقد العربي عز الدين إسماعيل، باعتباره – كما يقول ناصر الأنصاري، رئيس مجلس الإدارة، في كلمته التقديمية للعدد – مؤسس هذه المجلة وأول رئيس تحرير لها وصاحب الدور البارز في الحياة الثقافية في العقدين الأخيرين من القرن العشرين، فقد كان رئيسا لهيئة الكتاب ومعرض القاهرة الدولي للكتاب 1982- 1985، وأمين عام المجلس الأعلى للثقافة 1984، ورئيس أكاديمية الفنون 85-89. الى جانب تأسيسه مجلة إبداع 1983، ومجلة عالم الكتاب 1984، ومجلة القاهرة 1985، ومعرض القاهرة الدولي لكتاب الطفل 1984، والمعرض الدائم للكتاب 1984. وهو ما أكدته د/هدى وصفي (رئيس تحرير المجلة) في افتتاحيتها حينما عبرت عن شهادتها الحميمية والتاريخية في حق الدكتور عز الدين ودوره الثقافي التجديدي والحداثي في النقد العربي. بهذا العدد، تؤكد مجلة فصول أنها رائدة في مسيرة تجديد الدرس النقدي العربي بأصوات عربية من مختلف الأجيال والحقول المعرفية، وتؤكد أيضا على درس ثقافة الاعتراف التي تجعل من بناء النقد العربي بناء صحيحا وحقيقا بأعلامه وحضارته وثقافاته. تم تقسيم ملف العدد إلى ثلاثة محاور: في الأول، جاءت الشهادات والتي شارك فيها كل من صلاح فضل، عبد السلام المسدي، كمال أبو ديب، عبد السلام الشاذلي، سعيد الوكيل وبشير كحيل، عبروا فيها عن ارتباط الفكري والإنساني والعلمي الأكاديمي في شخصية الدكتور عز الدين وأثره الثقافي في النقد العربي خلال مرحلة طويلة، سواء من خلال موقعه كمثقف أو أستاذ باحث في الجامعة أو في المؤسسات الثقافية التي كان مسؤولا فيها. وفي باب الدراسات، افتتح محمد فتوح أحمد الملف بدراسة حول (عز الدين إسماعيل والشعرية الجديدة) دارسا الرؤيا الجمالية الأكثر كثافة، والدلالة الأوفر ثراء وتعقيدا من خلال ديوانين شعريين: «دمعة للأسى.. دمعة للفرح». وديوان «هوامش في القلب»، محللا أبرز ملامح هذه التجربة الجديدة من خلال الميل الغالب لاستبطان التجربة الشعرية باصطياد اللحظة النفسية وتعميقها واستبار أغوارها حتى آخر قرار لها، ومحاولة إشباع النص وإثراء دلالاته الفكرية وتخصيب إيحاءاته. وخلص الباحث إلى أن جميع الملامح التي رصدها تجلو العلاقة الجدلية المتواشجة بها عناصر الحداثة والطبيعة العضوية لعطاءات المبدع عز الدين إسماعيل. وبخصوص التأصيل والتحديث في النقد العربي من خلال نموذج عز الدين إسماعيل، عالج عبد الله أبو هيف الموضوع منطلقا من كون الناقد المدروس أحد أهم الممثلين لتيار التأصيل، وفي تجليات هذه الأصول مع سمات الحداثة النقدية ومعطياتها العصرية الراهنة، وذلك باستحضار التراث النقدي وتمثلاته الأصلية مع منظورات التحديث ومعاييره ومنهجياته وكذلك جوانب الترجمة والتعريب. عبد الواسع الحميري قدم دراسة في موضوع (جدلية الثابت في حركة الفعل النقدي عند عز الدين إسماعيل)، حيث كشف عن ملامح التجربة النقدية من خلال عناصرها الثابتة والأخرى المتحركة، والتفاعل الذي يحكمهما. وهو الموضوع الذي يوسعه برؤية أخرى عبد الناصر حسن حول بنية الجدل الفكري الخلاق المرتبطة بالانسجام والتواشج. وعودة إلى إبداع الدكتور عز الدين قرأ طارق شلبي مسرحية (محاكمة رجل مجهول) عبر تجليات الجدلي والجمالي. ولاستكمال الرؤية حول الدكتور عز الدين اسماعبل جاء باب البيبلوغرافيا ليقدم جردا تفصيليا للحياة العلمية للكاتب ومؤلفاته وإسهاماته عموما. مستتبعا بورقة متممة عن المدرسة العلمية للدكتور عز الدين. المحور الأخير في هذا الملف جاء ضمن: (نص وقراءتان) حول ديوان شعر (دمعة للأسى.. دمعة للفرح). القراءة الأولى (المفارقة والابيغرام) سعى فيها جميل عبد المجيد إلى تحرير المفهومين والعلاقة بينهما والوقوف على التجربتين الرائدتين في الابيغرام العربي: جنة الشوك لطه حسين ودمعة للأسى لعز الدين. الدراسة الثانية قدمها محمد العبد في موضوع (المعنى يبحث عن إنسان: قراءة في ابيغرامات عز الدين إسماعيل الشعرية) دارسا علاقة النصوص الموازية بنصها الأصلي. كما تعزز العدد بتكريم الناقدة نبيلة إبراهيم من خلال دراستين لكل من سامي سليمان أحمد (نبيلة إبراهيم والنقد العربي المعاصر) بالإضافة إلى بيبلوغرافيا بكتاباتها أعدها نفس الدارس. وخالد أبو الليل ( نبيلة إبراهيم ودراسة الأدب الشعبي)، وقد جاءت الدراسة الأولى لتبرز الجوهر النقدي الذي اشتغلت به نبيلة والمناهج وتطويعها من خلال تطبيقاتها المتميزة على الأدب العربي. أما البحث الثاني فكشف عن الوعي المبكر لدى د/ نبيلة بأهمية دراسة الأدب الشعبي. الأبواب الأخرى عرفت تنوعا في الدراسات التي افتتحت ببحث شيق للباحثة باربرا هالو (ترجمة ليلى فؤاد) (مسمار جحا: التحدي العربي للتبعية الثقافية). وفي الدراسات، كتب الزواوي بغورة عن العلوم البينية ودورها في الإصلاح التربوي والتجديد الحضاري، مثلما كتبت وفاء عبد المطلب عن شعرية الجنوسة في شعر بشرى البستاني.