في البدء، التحية والتقدير لكل من لا زال يؤمن بأن للثقافة وظيفة ما في هذا الوطن العربي الممتد من الخليج إلى المحيط، كل التقدير للذين لا زالوا يؤمنون بأن المثاقفة والحوار والتعايش والتساكن، من الممكن أن تساهم فيه الثقافة، بشكل كبير جدا. من هذا المنطلق نصر، على أننا كعرب، وكبشر نؤمن بأن للفن وظيفة ما. ليس بالخبز وحده نعيش، بل من اللازم أن نفكر في كيفية جعل لغة الفنون، لغة بناء، وهدم للعنف والتطرف والتعصب الأعمى. لا يمكن أن نجعل، من المقاربة الأمنية، وحدها المقاربة الوحيدة لكل الأفكار المتطرفة وكل أشكال العنف سواء داخل وطننا العربي، أو حتى داخل بقية القارات. بالفن وتقاسم لحظات تفكيرية وتأملية لدى من يشتغل في حقل الثقافة بمفهومها الواسع، من الممكن أيضا أن نبني أوطاننا العربية وكل بقية أوطان هذا العالم. هكذا نشعر في طبيعة ما نقوم به اليوم، في مهرجاننا الدولي للفيلم الوثائقي بمدينة خريبكة، المغربية المعروفة بثروة الفوسفاط وثنائية الهجرة، وكرة القدم وعبيدات الرما كفرجة موسيقية شعبية مستمدة من جغرافيات عربية متنوعة، كما تستمد قوتها من بعدها المحلي. انفتاحنا على العديد من الفضاءات الثقافية الفيلمية الوثائقية، من أوروبا ومن أسيا وأمريكا الخ، دليل على كوننا نريد كمنظمين، وكجمهور وكإعلاميين ومهتمين الخ. أن نتقاسم لحظات تفكيرية ممتعة ومفيدة. فكل الود والتقدير للمركز السينمائي المغربي، الذي رافقنا منذ التجربة/الدورة الأولى والشكر والتقدير لمجموعة المجمع الشريف للفوسفاط، وأيضا لقناة الجزيرة الوثائقية بقطر الشقيقة ولعمالة خريبكة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ولبعض أصدقاء المهرجان وفي مقدمتهم السيد نبيل العتيبي، من قطر الشقيقة، ولكل من مد يده لنا، لخلق فضاءات جغرافية ثقافية، تذوب فيها الحدود الجغرافية، ولو بشكل زمني مؤقت، نجعل من»سلطة» الفنون والإبداع والفكر الخ، لغة التواصل بيننا، لنقول للجميع نحن من «قبيلة» الفيلم الوثائقي، الذي يريد أن يقول شيئا ما لمن بيدهم القرار، فكرة ما لبعضنا البعض، رؤية ما لمن يؤمن بعمق طروحات الصورة الفيلمية الوثائقية، باعتبارها أداة من أدوات إعادة بناء هذا العالم في ظل لغة مستقبلية تتميز باللاحرب واللاعنف. نريد أن نقول للجميع بأن هناك من لازال ينتظر حقه في الحياة/الأمل، سواء تعلق الأمر بالشعب العربي الفلسطيني، أو تعلق الأمر بأطفال سواء في العراق أو في غيره، دمرت أحلامهم الخ. نريد من خلال هذا المهرجان، أن نتقاسم لحظات، هي بالضرورة من اللازم أن تستمر في الزمكان وفي كل الجغرافيات الثقافية. أنشطتنا الثقافية والفنية وكل المسابقات المبرمجة والتكريمات والندوات والأمسيات الشعرية الحميمية ومعارضنا التشكيلية الموازية الخ، ما هي إلا وسيلة لتحقيق جزء من هذه الاستراتيجيات الثقافية العامة. وما دعوتنا واختيارنا لتكريم الفنان العربي والإنساني والعالمي مرسيل خليفة ما هي إلا لغة مفادها أننا نريد أن نقول بلغة الفكر، لنتقاسم لحظات جميلة وممتعة ذات بعد ثقافي/فني/جمالي.