نراهن على الحوار مع الآخر بثقافة الفيلم الوثائقي لا أحد يجادل في كون السينما أداة مهمة تساهم في تنمية الذوق الفني والحس التوعوي لدى المتلقي، وتساعده على اكتساب نهج تثقيفي صحيح، إذ تجعل من المعرفة الثقافية منبعا لها، بل جسرا يربط بين جانبين -السينما والمتلقي- عبر فضاء مشيد على صرح من التراكمات الفنية والإبداعية، ولعل هذا ما دفع بالمسؤولين في المغرب إلى تبني هذا القطاع وخلق مؤسسة عمومية تنهض باحتياجاته وتقوم مساراته تحت ضوء الموارد البشرية والمادية المتوفرة لديها، وقد عاين الجميع كيف تم تحسين المناخ الفني ببلادنا ولو بنسبة معينة، وبلورة اتجاه سينمائي متنوع كي يتفاعل والقيمة النوعية التي قد يضيفها للمشهد الثقافي المغربي، فتم احتضان وتبني مبادرات عدة من أجل التفاعل المباشر مع الجمهور، واحتوائه داخل منظومة ثقافية تربوية منسجمة أتم انسجام، فتم (اقتحام ) المدن الكبرى والصغرى من خلال مهرجانات وأمسيات سينمائية يطبعها الاختلاف والتنوع بين الدولي والوطني، وبين الاحترافي والهاوي، وبين المحلي والجهوي...الخ، إلا أننا للأسف نجد أن هذه المهرجانات رغم اختلافها وتعددها أهملت نوعا من الأفلام السينمائية تعتبر جوهر السينما التثقيفية وهو الفيلم الوثائقي، إذ نجد وسط هذا الزخم الهائل من التظاهرات مهرجانا واحدا يتيما يعقد في مدينة أكادير بمبادرة من "جمعية الثقافة والتربية السمعية البصرية "، الشيء الذي دفع إلى التفكير في تنظيم مهرجان آخر يضمن ملء بعض الفراغ الذي يعيشه هذا الفضاء، فانبثق مهرجان الفيلم الوثائقي الذي ستنعقد دورته الأولى أيام 1 و 2 و 3 من شهر أكتوبر القادم بمدينة خريبكة، وهذا المهرجان من تنظيم جمعية الفيلم الوثائقي بمدينة خريبكة.. ومن أجل معرفة حيثيات هذه المبادرة و معرفة مراميها وغاياتها أجرينا هذا الحوار مع الناقد السينمائي المغربي الدكتور الحبيب الناصري، رئيس الجمعية المنظمة الذي يعتبر ركيزة من ركائز النقد السينمائي ببلادنا، نظرا لكتاباته النقدية المتنوعة، وبحوثه العديدة التي نشرت إما كتبا، وإما مقالات في الصحف والجرائد الوطنية وغيرها. -لكي نقرب القارئ من الصورة أكثر، وبعيدا عن مقدمة الحوار، أريد أن أستهل هذا الحوار معكم بسؤال مؤرق، هل نحن فعلا في حاجة إلى المزيد من المهرجانات؟ ولماذا اخترتم هذا النوع من المهرجانات بالضبط، رغم أننا نعرف أن الفيلم الوثائقي موجه لفئة معينة من الجمهور؟ اولا تحية ود وتقدير واعتراف بهذه الالتفاتة الاتية من مبدع جميل اكن له التقدير ومن اياد لها الفضل الجميل على المشهد الثقافي بشكل عام وخصوصا الحقل السينمائي من خلال مجلة الفوانيس السينمائية المولود الجديد ....اشكرك على هذا السؤال واقول ان فكرة المهرجانات السينمائية قد نعتقد انها كثيرة ولكن لنتامل المشهد السينمائي المغربي دون مهرجانات في زمن بدات تتراجع فيه القاعات السينمائية ان المهرجانات السينمائية مطلب ثقافي حداثي فني وانساني شخصيا طورت تجربتي النقدية من خلال حضوري للعديد من المهرجانات...اما اذا تاملنا الفعل الثقافي المرتبط بالفيلم الوثائقي فهو شبه منعدم فباستثناء تجربة اكادير ليس لنا مهرجان متخصص بالفيلم الوثائقي كاداة لصيانة ذاكرتنا الثقافية والاجتماعية في زمن عولمة موحشة ومخيفة من هنا جاء التفكير في جر انتباه الفاعلين في المشهد الثقافي الفيلمي الى الفيلم الوثائقي كاداة مهمة في تصحيح صورتنا العربية والامازيغية والاسلامية والانسانية ككل سواء لدينا او لدى الاخر الذي يسوق صورة خاطئة عنا من هنا كان التفكير في الفيلم الوثائقي بمدينة خريبكة المغربية -في ظل وجود مهرجان الفيلم الوثائقي في أكادير على ماذا تراهنون لتحقيق إضافة جديدة إلى الساحة الثقافية ؟ نراهن على تقوية الاهتمام بهذا النوع او الجنس الفيلمي الناهض على اليات القول بالصوت والصورة ....نراهن على تقديم افلام وثائقية دالة ومنتجة لمعرفة علمية وابداعية في افق المساهمة في ترويج الفيلم الوثائقي المسجون في العديد من الرفوف ....نراهن ايضا على الحوار مع الاخر بثقافة الفيلم الوثائقي اي بثقافة مبنية على تصحيح صورتنا لدى الاخر ...نراهن ايضا على تشجيع المخرجين المغاربة هواة او محترفين على التعبير عن ذواتهم وعن الاخرين بثقافة الفيلم الوثائقي .....من هذا المنطلق نحاول ما امكن ان نطلع جمهور خريبكة وغيره على ماجد في مجال الفيلم الوثائقي ناهيك عن انشطة متعددة كالمحترفات والندوات العلمية وعرض افلام وثائقية بالعديد من المؤسسات التربوية والاجتماعية والثقافية من اجل التعريف بهذا الجنس الفيلمي الجميل والدال والواعد مستقبلا ان شاء الله -ماذا عن التحضيرات الجارية للمهرجان؟ نحاول ونصارع زمننا من اجل ان نكون في الموعد كل الترتيبات اتخذت من اجل تفعيل البرمجة التي تم تسطيرها ونتواصل بشكل جيد مع كل المخرجين والمشاركين من اجل حضور فاعل ووازن نشكر من خلالك اخي فؤاد كل الايادي التي دعمتنا ماديا ومعنويا واخص بالذكر المبادرة الوطنية البشرية بخريبكة والمجلس البلدي بخريبكة والمركز السينمائي واتمنى ان نكون في الموعد ان شاء الله حتى نستطيع ان نضيف فكرة جميلة الى المشهد الثقافي الفني ببلادنا -هل هناك عراقيل أو مشاكل عرفتها هذه التحضيرات؟ بكل تاكيد ايادينا على قلوبنا لاننا لم نستطع ان نلبي طلبات العديد من الدول والمهتمين ...لا امكاناتنا المادية محدودة واتمنى ان يتم رفع المساهمات المادية خصوصا من طرف القطاع الخاص الذي عليه ان يتحمل مسؤوليته في دعم الحقل الثقافي والفني بشكل خاص والفيلم الوثائقي بشكل اخص ان نحن اردنا ان نجعل الثقافة هي المدخل الحقيقي لتنمية الانسان وان نحن اردنا ان نحارب العنف والتطرف بادوات ثقافية وهي الادوات التي لازلنا لم نعطها الامكانات اللازمة في وطننا العربي ككل لكن هناك بدايات مشجعة وعلينا الالتفاف حولها من اجل تعميقها بشكل كبير في افق جعل الثقافة اداة حوار -لماذا كان اختياركم لمدينة خريبكة بالذات؟ لاننا نؤمن بان صورة المركز الثقافي المغربي المرتبط بمدن كبيرة كالبيضاء او الرباط....صورة ليست في صالحنا نحن المغاربة ككل من الزاوية الثقافية اقصد ان الهامش الجغرافي عليه ان يبادر الى خلق مناسبات ثقافية من اجل توسيع خريطة القول الثقافي والفني وهنا الرابح الاول هو الوطن .....الهامش الجغرافي اليوم بالمغرب بدا يصنع موقعه وبالتالي ستتوسع الروافد الثقافية المغربية ليصب الكل في اتجاه واحد صورة المغرب الثقافية والفنية في افق ان تحاور وان نتكلم بلغة الثقافة بعد ان تكلمنا كثيرا بلغة السياسة -ما هي المعايير التي اعتمدتم عليها في انتقاء الأفلام الوثائقية؟ معايير معمول بها في العديد من المهرجانات كالعنصر الزمني وعنصر جودة الصوت والصورة وطبيعة الموضوعات وقد شكلت لجنة من اجل هذا الغرض واعطتنا لائحة الافلام المقبولة وهو ما سننشره في الايام القليلة المقبلة في كل وسائل الاعلام بما فيها الموقع الذي احببناه بكل صدق الفوانيس السينمائية -يتميز المهرجان ببعده الدولي، هل يمكن لكم استعراض الدول المشاركة فيه؟ نعم مثل سوريا وفرنسا وبلجيكا وفلسطين التي اخترناها ايضا كضيف شرف بمناسبة القدس عاصمة الثقافة العربية والسعودية ومصر والجزائر وموريتانيا ولبنان والمغرب البلد المنظم -وماذا عن لجنة التحكيم؟ اخترنا اسماء لها قيمتها العلمية والثقافية والفنية مثل ادرال من تركيا وهو كاتب سيناريو وعز العرب العلوي مخرج واكاديمي وهالة فؤاد من مصر مخرجة من مصر وعبد السلام لخلوفي من المغرب باحث موسيقي من المغرب ومحمد بلحاج من قناة الجزيرة الوثائقية بالاضافة الى احداثنا للجنة نقد الفيلم الوثائقي وتتضمن الاستاذ ضمير رئيس مهرجان سطات لسينما الهواة والمخرجة المغربية بشرى ايجورك والباحث والروائي عبد الكريم جويطي -كلمة أخيرة؟ اشكرك عزيزي فؤاد على هذه الالتفاتة الاعلامية وعلى دعمك الاعلامي لكل التظاهرات السينمائية بالمغرب ودليلي في ذلك مواكبتك الانية لكل فقرات هذه المهرجانات مما جعل الفوانيس السينمائية مرجعا قاراللمتتبعين وللمنظمين ....تحية ود لك ولكل قراء الفوانيس السينمائية المنبر الجميل والسلام حوار:زويريق فؤاد ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر عند الاستفادة