قال تاج الدين الحسيني أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، إن سحب المغرب ثقته من المبعوث الشخصي للأمم المتحدة لا يفيد أنه فقد ثقته في الأممالمتحدة، بل لأن «روس» فقد صفته الموضوعية والحيادية كوسيط نزيه بين أطراف النزاع، وأضاف في تصريح ل»التجديد»، أن تمسك الأمين العام بمبعوثه الشخصي وعودة هذا الأخير ليقوم بمهمته، يعني أن تقديمه لأي تقرير ضد مصلحة الوطن سوف يكون من حق المغرب أن ينازع في التقرير لأنه سبق أن سحب ثقته في هذا المبعوث الشخصي. وكان بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة قد أكد تشبثه بمبعوثه الشخصي إلى الصحراء «كريستوفر روس»، وعدم إدخال تغييرات على مهمته في الوساطة الرامية إلى إيجاد حل سياسي للنزاع المفتعل في الأقاليم الجنوبية المعروفة بالساقية الحمراء ووادي الذهب، وذلك رغم إعلان المغرب رسميا عن سحب ثقته من «روس» في ماي الماضي. إذ ذكر بلاغ للديوان الملكي، أن التعبير عن الموقف الأممي من طرف «مون» جاء خلال اتصال هاتفي أول أمس مع الملك محمد السادس، وأفاد البلاغ –حسب وكالة المغرب العربي للأنباء-، أن الأمين العام للأمم المتحدة أكد أن الأمريكي «روس» إلى جانب ممثله الألماني «فولفغانغ فيسبرود فيبر» سيضطلعان بمهامهما ضمن إطارها المحدد من قبل مجلس الأمن الدولي بغية تحقيق تقدم في مسلسل تسوية نزاع الصحراء، وأشار أن الملك جدد التأكيد على المقترحات الجدية والإدارية والمثمرة للمملكة، في مقدمتها مقترح الحكم الذاتي. وفي هذا الصدد، أوضح الحسيني عضو السلك الدبلوماسي المغربي، أن الحوار الذي تم بين الملك محمد السادس وبان كي مون قد يضع حدودا جديدة لأجندة «روس» في البحث عن حل سياسي كما حددته الأممالمتحدة مبني على مقترح الحكم الذاتي ويتجاوز قضايا حقوق الإنسان وقضايا إسناد مهام جديدة إلى المينورسو، مشددا على أن موقف المغرب يبقى مطبوعا بالجدية والمصداقية كما وصف ذلك مجلس الأمن الدولي. وأبرز المتحدث، أنه عادة عندما يسحب أحد الأطراف ثقته من المبعوث الشخصي يبادر الأمين العام إلى تعيين مبعوث جديد وفي حالة لم يتم تعيينه يستحسن أن يبادر المبعوث إلى تقديم استقالته بطريق تلقائية، مشيرا أنه ربما قد أعطيت تطمينات بأن مهمة روس سوف تتحدد في إطار منهجي، ومؤكدا أن ذلك في حد ذاته لا يلغي صفة الانحياز عن «روس» خاصة أنه كان سفيرا للولايات المتحدةالأمريكية في الجزائر ويتعاطف مع كثير من السياسيين في البلد الذي عمل فيه. وكان المغرب، قد أبدى خيبة أمله مؤخرا من عدم حياد روس وتراجعه عن المحددات التفاوضية وسلكه مسلكا منحازا للجانب الآخر، وتهميش المقترح المغربي القاضي بمنح الأقاليم الجنوبية للمملكة حكما ذاتيا لفض النزاع المفتعل، وساهم في ذلك التقرير «السلبي» الذي رفعه روس إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، قبل أن يفشل خصوم الوحدة الترابية في إخراج مهمة «المينورسو» عن وظيفتها بفعل يقظة المغرب ودعم حلفائه، وذلك عقب القرار 2044 لمجلس الأمن الصادر مؤخرا، والذي قرر تمديد بعثة «المينورسو» حتى نهاية شهر أبريل من السنة المقبلة، وحث جميع الأطراف إلى إبداء التعاون مع البعثة واتخاذ خطوات لضمان أمن موظفي الأممالمتحدة وضمان تنقلهم دون عوائق. وفي سياق متصل، تزامن تشبتث «مون» ب»روس» مع قيام وفد حقوقي أمريكي تقوده كيري كينيدي رئيسة مؤسسة روبرت كينيدي لحقوق الإنسان، بزيارة إلى مدن الصحراء وكذا مخيمات تندوف انطلقت منذ الجمعة الماضية وتستمر أسبوعا كاملا، وذلك وسط استياء في صفوف فعاليات مدنية بالعيون بسبب «انحياز» المؤسسة الأمريكية «الواضح» لخصوم الوحدة الترابية للمملكة، إثر عقدها لقاءات معهم وتجاهل باقي مكونات المجتمع المدني الذي يمثل الساكنة، وأعلنت الهيئة المستقلة للدفاع عن حقوق الإنسان بالصحراء مقاطعة لقاءات الوفد. وقال مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، في تصريح صحفي أول أمس، «نحن ننتظر من المنظمات الدولية سواء مؤسسة كينيدي أو غيرها أن تقدم رؤية موضوعية وغير منحازة وتعكس الواقع كما هو، سواء في الأقاليم الجنوبية للمملكة أو في مخيمات تندوف، بما يخدم إيجاد تسوية سياسية دائمة ونهائية للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. وأكد أن زيارة أعضاء «مؤسسة كينيدي « تمر في أجواء عادية، وفند المزاعم التي ادعت أنها تجري «تحت حصار أمني» ،مشددا على أن هذا الادعاء لا أساس له من الصحة . وتعليقا له، اعتبر تاج الدين، أنه من «غير المستحب» منع هذه الجمعيات من الدخول إلى المغرب لأن المنع في حد ذاته يعني عدم احترام حقوق الإنسان وعدم القيام بالواجبات، بالمقابل دعا إلى ضرورة أن تقوم المؤسسة بالاستماع إلى كل الأطراف والمعاينة في عين المكان، وقال إن هناك تقارير وضعتها جمعيات دولية يظهر فيها واضحا أنها تستمع إلى الأقلية التي تنازع مبدأ الوحدة الترابية دون أن تستمع إلى 99 في المائة الأخرى، مشددا أن التعامل مع بعض الجمعيات الحقوقية سلاح ذو حدين وجب على المجتمع المدني أن يكون مستيقظا.