من المؤكد أنه خلال رمضان يزداد إقبال المغاربة على الأعمال الخيرية، وتتحسن الحركة التجارية في جل الأسواق ويكثر الطلب على مواد بعينها لأنها تقدم إلى بعض الفقراء والمحتاجين، وتمتلئ بطون بعض الناس ولو شهرا في السنة، ويتجنب آخرون ذل السؤال في هذا الشهر المبارك.. وإن شهر رمضان في «دار» الحاجة ليس كباقي الشهور، إذ تفتح أبوابها طيلة الشهر لفئات أخرى غير مرضى السرطان من النساء، فكل من يحتاج الإفطار من الذين يعانون قلة الحاجة مرحب به، وتجد «الدار» تمتلئ عن آخرها بالضيوف الجدد، كأن عرسا ضخما يتم إحيائه كل يوم. تضع جمعية جنات لإيواء مرضى السرطان خيمة ضخمة في الحديقة قبالة المقر أي «الدار» الحاجة ، يتم تجهيزها بالكراسي والموائد المطلوبة فضلا عن الأواني التي يطلبها إطعام الزائرين. تقول الحاجة خديجة إنها تجد سنويا دعما من السلطات المحلية التي ترخص لها القيام بأنشطة إفطار يومية ضمن موائد الرحمان، وتقدم لها كل ما تحتاجه من أجل إنجاح العمل الخيري الموجه إلى ذوي الحاجة والفقراء. وتؤكد الحاجة أنه خلال شهر رمضان يزداد إقبال المحسنين على «الدار»، حيث تتوصل بدعم مالي وعيني مستمر، وأحيانا كثيرة يوفر محسنون كل المأكولات في مائدة الإفطار، ولا تخفي أملها في أن تبقى أيدي المحسنين ممدودة إلى المحتاجين طيلة السنة.. تعيش النساء اللواتي تأويهن «دار» الحاجة لحظات جميلة طيلة شهر رمضان كما عبرت كثيرات، إذ يختلف برنامج اليوم في رمضان عن باقي الأيام الأخرى، فبعد الرجوع زوالا من مستشفى مولاي عبد الله تأخذ النساء قسطا من الراحة في انتظار آذان صلاة المغرب، ليجتمعن على مائدة الإفطار، بجانب ضيوفهن من المحتاجين، وأثر البهجة والفرحة بادية على محياهن. بعد الإفطار، تصلي النساء التراويح في الخيمة وراء إمام تطوع للصلاة بهن، ويعشن أجواء من الخشوع والتوجه إلى الله عز وجل بالدعاء، قبل أن ينظمن حفلا دينيا أو يتناوبن على قراءة القرآن.. وقد عاشت النساء أجواء إيمانية في اليوم العاشر من رمضان، بعدما أعلنت فرنسية اعتناقها الإسلام أمامهن، وذلك لدى زيارتها ل «دار» الحاجة من أجل «نقش» الحناء المغربية في يديها، وتحكي الحاجة، أنه بعدما شرعت إحدى المتطوعات في نقش يدي الفرنسية، واصطفت النساء المريضات بالسرطان وراء الإمام لصلاة التراويح، أخذت الفرنسية تعاينهن يؤدون الصلاة وتستمع إلى الآيات التي يتلوها الإمام، وتضيف أن الفرنسية أعلنت إسلامها مباشرة بعد الفروغ من النساء. وكانت لحظة إيمانية قوية لما نطقت الفرنسية بالشهادتين ثلاثة مرات، إذ عمت الفرحة في صفوفهن وتعالت الأصوات بالتهليل والتكبير والتصلية، ودمعت أعين كثير منهن فرحا وحمدا لله.. الحلقة القادمة:نماذج تؤويها «الدار»: أم فقدت ثلاثة أبناء في ليبيا