أفادت مصادر مطلعة أن السلطات المغربية تسلمت شخصا يدعى "عبد الله عدنان" أو"عدنان قريشلة" من السلطات البريطانية، وسط الأسبوع الماضي، عبر طائرة خاصة أقلته من مطار " بيو كاسطل ابون تاين" بانجلترا، في اتجاه المغرب. وفي تصريح للمحامي توفيق مساعف قال إن المحامي الذي كان مكلفا بالدفاع عن "عبد الله عدنان" أمام القضاء البريطاني، والمسمى " برول سميث"، كلفه بمتابعة ملف هذا الشخص والدفاع عنه أمام السلطات المغربية. وحسب المصدر نفسه فإن "عبد الله عدنان" قد توبع في انجلترا بانتمائه للقاعدة والقيام بأعمال إرهابية، لكن المحاكم الإنجليزية قضت ببراءته من التهم المنسوبة إليه، في حين تقدمت السلطات المغربية بطلب تسليمه إليها، في إطار الاتفاقية المصادق عليها من طرف المغرب وبريطانيا والقاضية بتبادل تسليم المجرمين فيما بينهما، وأن عملية ترحيل هذا المتهم جرت وسط إجراءات سرية، من طرف السلطات البريطانية التي تكتمت على المسألة. واستغرب المحامي توفيق مساعف، من تصرف السلطات البريطانية التي التجأت إلى تسليم "عبد الله عدنان" إلى السلطات المغربية دون إخبار أو إشعار عائلة المعتقل، وقال إن " بريطانيا لم تكلف نفسها عناء إشعار مكتب المحامي "براول سميث" بنيول كاسطل، وتكتمت على كافة التدابير المتعلقة بالترحيل". وعن طبيعة هذه التدابير التي تمت فيها عملية التسليم وملابسات الترحيل، صرح الأستاذ توفيق مساعف أن المتهم نقل عبر طائرة خاصة دون الاعتماد على الإجراءات الإدارية العادية الجاري بها العمل، وذلك بتغيير هوية المتهم وإرساله باسم آخر، والمناورة من أجل إخفاء حقيقة التسليم ومكانه والجهة المسلم إليها وزمن التسليم. وعن الأسباب التي يمكن أن تدفع المغرب إلى التواطؤ مع بريطانيا من أجل تسليم هذا المتهم، قال توفيق مساعف " إن التفسير الوحيد لهذا التصرف الغريب هو التملص من تطبيق القانون وتمكين الجهات المهتمة بهذا الموضوع من إجراء التحقيق بحرية والتصرف في المتهم بما يخدم مصالحها". وحسب المصدر نفسه فإن السلطات المغربية ربما تكون قد تواطأت مع نظيرتها البريطانية من أجل إلقاء القبض على "عدنان عبد الله" من أجل التحقيق معه في ملف المتهمين بانتمائهم لتنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن، وذلك في إطار الحملة العالمية التي تقودها الولاياتالمتحدةالأمريكية في محاربتها لما تسميه "الإرهاب العالمي"، خاصة ملاحقة أعضاء القاعدة ومحاصرتهم في بلدانهم الأصلية. وهذا ما تم طيلة هذه السنة التي نودعها، حيث لجأت العديد من الدول العربية والإسلامية إلى شن حملة اختطافات ومحاكمات طالت العناصر التي سبق لها أن زارت أفغانستان أو شاركت في الجهاد الأفغاني. ولحد الساعة مازال الغموض يكتنف هوية "عدنان عبد الله"، الذي تمت متابعته قضائيا من طرف السلطات البريطانية وقامت بتبرئته فيما بعد، والذي تسلمته السلطات الأمنية المغربية على أساس أنه " عدنان قريشلة". وحسب جواز هذا الأخير فإنه من مواليد مدينة فاس، سنة 1980 ، ويعمل أجيرا بإسبانيا. ولحد كتابة هذه السطور، مازال مصير هذا المواطن مجهولا، ولم نتوصل بأي معلومات عن مكان وجوده بالمغرب، والذي من المحتمل أن تكون الأجهزة المغربية ماتزال تحقق معه بخصوص علاقته بتنظيم القاعدة، على غرار الاختطافات التي طالت العديد من المغاربة هذه السنة، خاصة أولئك الذين تعتقد الأجهزة أن لهم علاقات مع تنظيمات جهادية عالمية، والذين مازال بعضهم رهن الاختطاف، فيما أطلق سراح البعض الآخر. وحسب البيانات التي توصل بها المحامي توفيق مساعف، من دفاع "عبد الله عدنان" بانجلترا، فإن السلطات المغربية تسلمته على أساس أن اسمه " عدنان قريشلة"، وهو الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات حول هوية هذا الشخص ومكان وجوده بالمغرب والجهة المجهولة التي تسلمته والتهم المنسوبة إليه، وهو ما يستدعي أيضا من السلطات المغربية الكشف عن هوية هذا المعتقل والملابسات التي أدت إلى اعتقاله. وللتذكير فإن الأجهزة السرية المغربية قامت طيلة هذه السنة بأعمال مماثلة، تركزت في اختطاف العديد من الأشخاص وإخضاعهم للتعذيب، وثم تقديم بعضهم للمحاكمة القانونية، بعد أن تكون قد احتجزتهم تحت الاعتقال القسري مدة من الزمن، دون أن تخضعهم للإجراءات والمساطر القانونية المعمول بها في المغرب، كما حصل على سبيل المثال للمعتقلين السعوديين الذين يتابعون حاليا أمام القضاء المغربي بتكوين خلية لتنظيم القاعدة بالمغرب والاستعداد للقيام بأعمال إرهابية في حق دول أجنبية ومنشآت مغربية، وكما هو الشأن أيضا بالنسبة للمختطفين نورالدين الغرباوي ومحمد الشاذلي، وكمال ومحمد الشطبي. وفي الأيام الأخيرة أثير ملف الاختطاف مرة أخرى بالمغرب من طرف الجرائد الوطنية والمنظمات الحقوقية، وعاد الحديث عن ارتداد حقوق الإنسان بالمغرب، ونظمت وقفات احتجاجية ومسيرات منددة، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، بتجاهل الحكومة المغربية لهذه الاحتجاجات، والكف النهائي عن الممارسات الماسة بحقوق الإنسان. وقد أقدم المغرب بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان على تجديد أعضاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وإخراجه في صيغة جديدة، مع الإشارة إلى أن هذا المجلس ما زالت تواجهه تحديات صعبة في حسم مخلفات انتهاكات حقوق الإنسان في العهد السابق، لتنضاف إليها ملفات أخرى سجلت في العهد الراهن. وفي حالة ما إذا كشفت السلطات المغربية عن مصير "عدنان عبد الله" أو "عدنان قريشلة"، فإنه يطرح سؤال عريض عن أي أساس قامت انجلترا بتسليم هذا المتهم إلى المغرب وقد برأت محاكمها ساحته من تهمة الإرهاب، كما أن تساؤلات أخرى تطرح حول التنسيق على الصعيد الدولي، لمحاربة ما تسميه الولاياتالمتحدة "الإرهاب العالمي"، وإن أدى ذلك إلى خرق القوانين والاتفاقيات التي وقعت عليها تلك الدول نفسها، والتضييق من حرية الأشخاص. عمر العمري