رئيس جمعية البخاري يستفسر ومدير دار الحديث الحسنية يوضح أثارت جملة الأفكار التي ضمنهاالأستاذ أحمد الخمليشي، مدير دار الحديث الحسنية، حواره مع جريدة الاتحاد الاشتراكي خلال شهر رمضان المنصرم تساؤلات عديدة لدى المهتمين بالفقه والسنة النبوية. ونظرا لكون الأفكار الواردة في حوار "سيرة وفكر" كانت مجرد خطرات وأجوبة لأسئلة موجهة ولم تتخذ شكل مقالات علمية فقد تولد عنها تشويش بخصوص الاستشهادات التي استدل بها الأستاذ الخمليشي ومنهاالاستشهاد الذي قدمه في معرض حديثه عن الاختلاف المذهبي بأن جمع الأرجل وتفريقها في المساجد والقبض والسدل في الصلاة وعدها من "التفاهات". في هذا السياق توصلت "التجديد" بمقال من الدكتور يوسف الكتاني، رئيس جمعية الإمام البخاري يستوضح فيه الأستاذ الخمليشي مراد استدلاله وما وصف به بعض الأحكام الواردة في السنة النبوية. وخدمة للقارئ اتصلت التجديد بالأستاذ أحمد الخمليشي وقدم الاستيضاحات الآتية على ما جاء في بيان الدكتور يوسف الكتاني والمقصد من استشهاده السالف الذكر. الدكتور يوسف الكتاني، رئيس جمعية الإمام البخاري: ننتظر نفيا أو تكذيبا أو تحملا للمسؤولية فيما قيل نشرت جريدة الاتحاد الاشتراكي في عددها 7031 الصادر بتاريخ الإثنين 13 رمضان الموافق 18 نونبر الحلقة الثامنة من سلسلة حوار "سيرة وفكر" مع الأستاذ أحمد الخمليشي مدير دار الحديث الحسنية. وقد أجاب عن سؤال محاوره حول الذين يؤاخذون بعض الأساتذة بمؤسسات الدراسات الإسلامية عن ترويجهم لأفكار ومذاهب لا علاقة لها بالمذهب المالكي قائلا بالحرف: "إن الانشغال بالاختلاف المذهبي في تلك التفاهات التي نراها في بعض الأحيان حتى في المساجد كجمع الأرجل أو تفريقها والسدل أو القبض شيء مؤسف يضر ولا ينفع". ولعل جوابه أثار المحرر فعمد إلى إخراجه من النص ونشره بالخط العريض داخل الإطار للتنبيه وإثارة الاهتمام. إن هذا الجواب هجوم واضح وتعريض بالسنة النبوية بوصفها من التفاهات والتمثيل عليها واضح بأن من بينها الأمور المذكورة كالقبض والسدل، وهو سنة صحيحة ثابتة عن الرسول الأكرم، وقد واظب عليها، ووجه المسلمين إليها في كثير من الأحاديث الصريحة الواضحة، وسار عليه الخلفاء الراشدون ومن تبعهم بإحسان، فكيف يجرؤ مسؤول عن أعلى مؤسسة إسلامية في المغرب أن يهاجم السنة، ويصفها بأبشع النعوت، ولا يتورع عن نبزها بهذا الوصف الذميم، والنعت الشنيع، إن أمام مدير دار الحديث الحسنية أحد أمرين: إما أن ينفي ويكذب ما جاء في حواره المنشور والمذكور مرتين تأكيدا ولفتا للنظر. أو يتحمل مسؤوليته تجاه مصدر من مصادر الإسلام الأساسية في بلاد على رأسها أمير المؤمنين، وشعب يعتز بإسلامه وبسنة نبيه، ويحافظ عليها ويتمسك بها، ويغار عليها، ويقف بكل قواه في وجه كل من يسيء إلى ديننا أو إلى أصوله، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. الأستاذ أحمد الخمليشي، مدير دار الحديث الحسنية يوضح: موضوع كلامي التركيز على ترسيخ الأحكام الأساسية للشريعة وعدم الاشتغال بالخلافات الجانبية ما أقوله ليس جوابا عما كتبه رئيس جمعية الإمام البخاري لأن الأسلوب الذي وردت به كتابته بعيد عن المناقشة العلمية المفيدة. وما أريد أن أبينه هو: 1 أن لفظ "تافه" أو جذر (التاء والفاء والهاء) كما يقول ابن فارس في مقاييس اللغة هو "القليل" من حيث الكمية والأهمية. 2 أن السياق الذي وردت فيه العبارة يتعلق بنقد الاشتغال بالموضوعات الأقل أهمية وإغفال الأهم والمهم منها. ففريضة الصلاة لها حكمتها التي بينها القرآن في قوله تعالى: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) فيا ليتنا ركزنا علي هذا الجانب وأبلغنا المسلم أن صلاته تظهر أو تنعكس في سلوكه اليومي مع الآخرين، فالمشاهد أن أغلبية الناس يؤدون هذه الشعيرة ولا نرى لها أثرا في سلوكهم الأسري والاجتماعي والوظيفي إلا قليلا ممن رحمهم الله. 3 إن القبض والسدل لم ترد بهما سنة صحيحة كما يذهب إليه البيان، فالذي يعلمه الجميع هو وجود روايات تصف صلاة الرسول صلى الله عليه. وبعض الرواة لم يتعرضوا لوصف صلاته عليه السلام لا بالقبض ولا بالسدل وبعضهم الآخر أورد من بين الأ وصاف وضع اليد اليمنى على اليسرى وهذه الروايات اختلفت فيما بينها: فمنها ما يرى وضعهما على الصدر أو تحت السرة. وبسبب اختلاف هذه الروايات، اعتبر الإمام مالك القبض مكروها في الصلاة الواجبة، ولو ورد فيه حديث صحيح واحد ما أمكن للإمام مالك القول بالكراهة. والسدل الذي يقول به الإمام مالك لا يقول به أغلب الأئمة الآخرين، فنحن بعيدون إذن عن السنة الصحيحة الصريحة. 4 إن موضوع كلامي هو الاشتغال المبالغ فيه في الخلاف بين المذاهب، وطبعا هذا الخلاف لا وجود له في الأحكام الأساسية في الشريعة وإنما في الأحكام الثانوية التي وردت بها أخبار آحاد متعارضة أو تحتمل أكثر من تفسير طبقا للقواعد الأصولية. فالأمر الأساسي الذي ركزت عليه هو عدم الاشتغال بهذه الخلافات الجانبية، والتركيز علي ترسيخ الأحكام الأساسية للشريعة التي لا اختلاف فيها بين المسلمين جميعا. 5 الأفكار التي أدليت بها كنت وما أزال أنتظر أن أقرأ نقدها، لكن بالأسلوب العلمي ولغاية تقديم الجديد للقارئ الذي هو في أمس الحاجة إليه، لأن الرأي لا يصقل إلا بالنقد والمناقشة، وأخيرا آمل أن نعي واقعنا وأن نتنافس في الخير والبناء، وأن نتجنب الكلام المعاد، (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون). عبد لاوي لخلافة