كثيرة هي الدول التي تسعى إلى سباق التسلح الباليستيكي أو النووي، و لأجل ذلك تصنع صواريخ تمتاز بالسرعة الفائقة التي تفوق سرعتُها سرعة الصوت أضعافا مضاعفة. و لا يجاوز الصواريخ في سرعتها إلا الضوء أو الكهرباء. و في مدينة الحسيمة نلمس سرعة الصواريخ أيضا، و لكن ليس في نقلها لرؤوس نووية أو باليستيكية، بل نراها في أثمان جل المواد الغذائية من خضر و فواكه و أسماك. فهل يُعقل أن يصل ثمن السردين مثلا عشرين درهما للكيلو في المدينة الشاطئية، و في عز الصيف؟ أما الأنواع الأخرى من الرخويات و القشريات و غيرها من الأسماك البيضاء، فتتجاوز أحيانا مائة و سبعين درهما للكيلوغرام الواحد. هناك من يتبجح بأن سمك المنطقة شديد اللذة. نعم، صحيح، و لكنه حقٌ يُراد به باطل. فإذا زاد الثمن عن حدٌه، تصير اللذة مرارة. نفس الشيء يمكن قوله في الخضر و الفواكه، خاصة الموسمية. فالكرز يصل ثمنه أحيانا أربعين درهما، و عندما يكون وافرا جدا يهبط إلى خمسة و عشرين درهما، لا أقل. أما بواكير التين البيضاء فتطلٌ علينا في البداية بأربعين درهما، و السوداء بسبعين درهما للكيلو، لا غير. حبٌذا لو كان الفلاح الفقير الذي يقضي عامه الكامل في الكد و الجهد في خدمة أرضه، هو المستفيد الأكبر من ارتفاع الأسعار، بل ذلك يؤول إلى مجموعة من المضاربين و قناصي الفرص. فعندما يأتي المزارع المسكين إلى السوق بسلٌة من الفاكهة، ينهال عليه المضاربون بالمساومة كي يغادر المكان في أسرع وقت بعد أن يبيع سلعته بأبخس الأثمان، ليفعلوا بها ما يشاءون. و إنصافا للحقيقة نقول بأن اللحوم الحمراء بالحسيمة تساوي أثمنتها نظيرتها في جل المدن المغربية، إن لم تكن أقل أحيانا، و لكن السؤال هو: كم مرة في الأسبوع يستطيع الفقير اقتناء اللحوم؟