بدأت أوراق حزب السلطة تتساقط، في عز ربيع المغرب، حيث أجمعت مصادر اعلامية متعددة، و صوت قراء مواقع اخبارية، على ضرورة الفصل بين العلاقات الشخصية و المؤسساتية، و تنقية محيط المؤسسة الملكية من الانتهازيينن، الذين يستغلون مواقعهم الرسمي، للاغتناء الشخصي، و من هنا وجب أن تكون بطانة ملك البلاد ممن يسعون إلى السياسة المنزهة عن المنفعة. و أصابت ريح يناير و فبراير العربي، كل الأعمدة و المفاهيم و الشعارات التي قام عليها زمن التناوب، بضربات قوية، كان أولها أن المغرب سيكون أفضل بدون محمد منير الماجيدي، مدير الكتابة الخاصة وفؤاد عالي الهمة، صديق الملك ومؤسس حزب "الأصالة والمعاصرة"، فقد صدحت أصوات مسيرات ثلاثة و خمسون مدينة مغربية، بأهمية فصل الغنيمة عن السياسية، فالملكية يجب أن تأخذ مسافة من عالم المال والأعمال، و الهولدينغ الملكي يجب أن يرفع يده عن المواد الغدائية الأساسية للقوت اليومي للمغاربة، و محاربة الفساد السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي الذي اغتنى أصحابه، بطرق ملتوية، بعيدا عن المحاسبة القانونية. مما أعطى الضوء الأخضر للعديد من المسؤولين بالتمادي في إهانة المؤسسات العمومية بتحويلها لضيعات خاصة، و سرقت أموالها، و تمرير الصفقات العمومية للأقارب و المحظوظين.مما يشكل ضربة قوية لدولة المؤسسات، و المساواة و الانصاف كماهي منصوص عليها دستوريا. فالحراك السياسي الذي صاحب حركة 20فبراير، و ما يوازيه من تسونامي لا يرفض فقط، استمرار الماجيدي في التحكم في الاقتصاد والسياسة والثقافة في المغرب واستمرار الهمة في إفساد الحقل السياسي، بل يذهب لما هو أبعد، أي تفعيل دولة المؤسسات بدل شخصنتها، من خلال المطالبة بإصلاحات مؤسساتية حتى لا يتكرر أمثال "طرابلسي تونس"، و "عز مصر"، في تجارب مغربية مستقبلية. لقد عكس المناخ العام الأخير، أن زمن المراجعة و التصحيح، قد حان بوضع حد لهيمنة مقربين من الملك على الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية، وأن الوقت مناسب للقيام بإصلاحات دستورية تحدد مهام كل مؤسسة في المغرب بشكل واضح ودقيق. و هذا ما أثبتته الخرجات الاعلامية لبعض رجال الأعمال، و عرائض المثقفين، و دعوات المحامين، و العلماء.. فالملاحظ للأصوات التي تعالت في الآونة الأخيرة تطالب بمسألة الفصل بين المؤسسات، مما يعطي لكل واحدة استقلالها. و تطالب بالفصل بين السلطة والثروة، وترفض الاحتكار الذي تمارسه الشركات التابعة الملك ووقوفها في وجه المستثمرين ورجال الأعمال الخارجين عن دائرة مصالح القصر والمحيطين به الاقتصادية. و لهذا نادى فاعلون سياسيون ومتظاهرون من مختلف الأطياف بأن يرفع منير الماجدي، مدير الكتابة الخاصة للملك، يده عن الاقتصاد والتحكم فيه، لأن ذلك في نظرهم لا يساهم في الشفافية ولا يساعد على المنافسة ويكرس المؤسسة الملكية كمهيمن أوحد يعيق بذلك فرص الاستثمار والنمو ويحد من طموح الراغبين في دخول مجال المال والأعمال. فاذا" كان الملك فاعلا اقتصاديا سيصبح في منافسة مع أبناء شعبه، وهذه ليست مسألة صحية من وجهة نظري(كريم التازي)، كما أنها ليست في صالحه، أظن أنه لا يمكن للملك أن يكون منافسا وحكما". إن مناخ التغيير بلغت نسماته، الاتحاد العام للمقاولات بالمغرب، الذي تميز اجتماعه الأخير، بنبرة حادة للملياردير ميلود الشعبي تميزت بحس نقدي، عبرت بها الباطرونا عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب والتضامن الذي عبر عنه أقطاب المال والأعمال تجاه المطالب والشعارات التي رفعها شباب حركات 20 فبراير حول توفير الشغل ومحاربة الفساد واقتصاد الريع. فدولة اليوم لا يمكن أن تبقى عنها فئة الاقتصاد بمنأى عن تحليل عقلاني للفهم الدقيق لما يحيط بها من و ضع مركب، فمن واجب "الاتحاد العام للمقاولات بالمغرب تحليل الوضع، وفك شفرات الاحتجاجات التي عرفها المغرب، واتخاذ موقف مما جرى". وأوضح أن "إشكالية التشغيل مرتبطة بمستوى النمو، الذي يظل، بدوره، متوقفا على إشكالية المنافسة ومناخ الأعمال".(رئيس الاتحاد محمد حوراني). فالقول يعالج وضعا يفتقر إلى أدنى أبجديات الحكامة في المنافسة، مما يساهم في تكوين قطاط سمان، تأتي على الأخضر و اليابس، من خلال مشاريع تتنازل فيها الدولة عن حقوقها، بعيدا عن المراقبة و المحاسبة(مشروع السكن الاقتصادي)...مما يساهم في تكوين فئة تهيمن على عالم المال والأعمال. و تجدر الاشارة إلى أن الملكية، بما هي مؤسسة منفتحة، لم تتقاعس عن التحرك على هذا المستوى و غيره، حيث قررت "الشركة الوطنية للاستثمار" التي كانت تحمل سابقا اسم "أمنيوم أفريقيا" (أونا)، طرح ما بين 15 حتى 20 من أسهمها في "التجاري وفا بنك" للبيع. وهو ما يمكن تفسيره ببداية انسحاب "المؤسسة المحسوبة على الملك من عالم المال والأعمال"، تماشيا مع الخط الاصلاحي للقضاء و الاقتصاد، و في هذا الاطار يمكن فهم قرار المجموعة التي توصف في المغرب ب"الهولدينغ الملكي"، بالانسحاب من البورصة ، وطرح أسهم أربع شركات في ملكيتها للبيع، وهي "لوسيور كريستال"، و"كوزيمار"، و"سنترال ليتيير"، قبل أن تقدم على خطور بيع أسهمها في "التجاري وفابنك" الذي تملك الشركة 47 في المائة من رأسماله لتصح صاحبة أقلية في أول بنك في المغرب. إن المجال السياسي و الاجتماعي هو الآخر يكشف عن استغلال النفود، من طرف الراكبين على علاقات صداقة الملك، فقد أجمعت المصادر الاعلامية، و السياسية و النقابية و الحقوقية، و تقرير لجنة التقصي البرلمانية، على دور الياس العماري، بخصوص ما عرفته مدينة العيون و الحسيمة. الشيء الذي ستدعمه تصريحات مصدر مقرب من ضابط الشرطة "ع.ع"، والذي كان رئيسا لمفوضية شرطة ميناء الحسيمة، والمدان بثماني(8 )سنوات من السجن النافذ، بأن جميع المعتقلين هم ضحايا لأحد" النافذين من أبناء الحسيمة مقدم لنفسه بأنه صديق للملك".. مما توضح أن الملف مفبرك بالكامل من قبل "المتحدث باسم الملك بالمنطقة". و قد سبق لعبد الاله بن كيران أن صرح بذلك في لقائه الأخير بمراكش. فالحكم على "ع.ع" جاء "في ظل الغياب التام لأدلة مادية تدينه، وهو يتهم الهيئة القضائية بعدم دراسة الملف وعدم الأخذ بإفادات 13 شاهدا شهدوا لصالحه". و أن "رئيس الجلسة القضائية قام بالضغط على الشاهد الرئيس، من ذوي السوابق الحبسية، ودفعه يوم 23 فبراير للتراجع عن تصريحاته التي أدلى بها في وقت سابق أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية". و ذهبت تقارير اعلامية، إلى أن العماري كانت له اليد الطولى في تركيبة عمودية طنجة، الشيء الذي ستكشفه استقالة سمير عبد المولى من حزب الأصالة و المعاصرة، و التحاقه مباشرة بعذ ذلك بحزب العدالة و التنمية، رغم أن هذا الأخير كان قد دخل في صراع قوي ضده أثناء تكوين مكتب المجلس الجماعي لطنجة. مما يعني أن هذا الفاعل الاقتصادي، في جبة السياسي، يملك الكثير من الأوراق على طريقة تحرك حزب السلطة.