الأحزاب الشيوعية العربية مواقفها الوطنية والقومية كانت مرتبط بمواقف الحزب الشيوعي السوفياتي.فالأحزاب الشيوعية العربية كان موقفها من إعلان قيام الكيان الصهيوني مرتبطا بموقف الحزب الشيوعي السوفياتي الذي كان يرى ضرورة قيام دولة إسرائيل ، لتكون نقطة انطلاق شيوع الفكر الاشتراكي في المنطقة العربية، لأنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي سمحت بوجود حزب شيوعي علني، على عكس الأنظمة العربية التي كانت تحظر نشاط الشيوعيين العرب، وكان عملهم يتم في إطار من السرية، كما أن نظرة الشيوعيين في الاتحاد السوفياتي ، كانت ترى في النهوض القومي العربي، دعوة إلى شيوع الفكر الشوفيني العنصري خصوصا وأن العالم كان قد خرج لتوه من حرب عالمية مدمرة كانت منطلقاتها بداية، قومية جرمانية شوفينية تعلي من شأن الجنس الأري عامة والألماني خاصة، وما عداها من الأجناس ، مجرد حثالات بشرية.من هنا كان انتفاء البعد الوحدوي القومي من أبيات الشيوعيين في العالم العربي، وموقف الحزب الشيوعي المغربي الذي كان فرنسي المنشأ في البداية، حيث لم تبدأ مغربته إلا في حدود سنة 1944، وكان وقتها بداية نهوض وطني فعلي، حيث قدم الوطنيون في 11 يناير 1944 وثيقة المطالبة بالاستقلال في الوقت الذي كان يعارضها الشيوعيون المغاربة لأنهم كانوا يعتقدون أن تحرير الوطن المغربي والبروليتارية المغربية، مرهون بتحرير البروليتارية الفرنسية، وهذه الرؤية هي التي جعلت الحزب الشيوعي المغربي يدخل إلى المقاومة متأخرا حيث تم تأسيس منظمة اليد السوداء بعد انتشار المقاومة في كل مناطق المغرب، وأصبح الشيوعيون المغاربة معزولين عن الحركة الوطنية. كان دخولهم للمقاومة لأجل مواكبة الزخم الجماهيري الذي أصبحت تتمتع به المقاومة وجيش التحرير والحركة الوطنية .بعد الاستقلال طرحت المسألة الموريتانية ، وكان موقف الأحزاب الشيوعية العالمية مساندة انفصال موريتانيا عن المغرب ، إلا أن الحزب الشيوعي المغربي اتخذ موقفا مستقلا عن الحركة الشيوعية العالمية . وقد تزامن هذا الحدث مع حظر نشاط الشيوعيين المغاربة ، كما أننا لا نتوفر على أي وثيقة من أدبيات الحزب الشيوعي المغربي حول المسألة الوطنية باستثناء الموقف من انفصال إقليم موريتانيا.وأثناء تغيير اسم الحزب الشيوعي المغربي إلى اسم " حزب التحرر والاشتراكية" كانت جريدتي " المكافح" و " الكفاح الوطني" الناطقتين باسمه ، حيث لم نعثر على أي موقف فيما يخص أقاليمنا الجنوبية ، وكان هم الجريدتين الوضع الداخلي لمغرب ما قبل اتفاقية مدريد 1975، كانت الجريدتان تدعوان إلى وحدة القوى الوطنية التقدمية في مواجهة الوضع السياسي المتردي في عهد الحسن الثاني الذي اتسم بحالة الاستثناء التي فرضها الأخير على المغرب بعد حله للبرلمان الأول المزور وفشل تمرير سياسته المرتبطة بالرأسمال العالمي، وفرض ديكاتاتورية عن طريق أجهزة المخابرات التي تكلفت بتصفية المعارضين واختطافهم وتعذيبهم وتقديمهم لمحاكمات صورية وبعد محاكمة الفقيد علي يعته بعد عودته من موسكو في سنة 1969 وبعد الإعلان عن مواقف وطروحات ، عارضها شباب الحزب، دخل الأخير في صراع مع شبابه حول توجهاته الرسمية ، والتي باتت في نظر الشباب توجهات إصلاحية ، الشيء الذي أدى إلى انقسام الحزب ، وتشكيل تنظيم "أ" الذي أصبح فيما بعد منظمة إلى " الأمام ".لم تظهر أدبيات حزبية للحزب الشيوعي المغربي إلا بعد أن أعلن النظام عزمه على استرجاع المناطق الجنوبية ، وقد سمي الحزب آنذاك بحزب التقدم والاشتراكية لم تكن لحزب التقدم والاشتراكية استراتيجية خاصة بتحرير المناطق الجنوبية للمغرب، وإنما كانت سياسته ذيلية وتابعة للسياسة الرسمية للقصر وموافقة كليا على جميع تفاصيلها ، رغم أنه تبنى لاحقا موقف الاتحاد الاشتراكي الداعي إلى خوض حرب تحريرية ضد المحتل الإسباني.لقد كان موقف الحزب بعيدا عن أية اسراتيجية خاصة به اتجاه تحرير أقاليم الجنوبية ، بل كانت مواقفه متذبذبة ، تارة يرفض موقف الجزائر وموريتانيا كما جاء في منشور الحزب بتاريخ يوليوز 1974، بعد أن كان قد أعلن عن تأييده لموقف تقرير المصير عام 1966، ثم يعود ليساند النظام المغربي في المساومات التي طرحها في أواخر 1975 بشأن تقسيم الأراضي المغربية الصحراوية مع النظام الموريتاني.إن الحزب الشيوعي المغربي تاريخيا لم تكن له سياسة مستقلة ، فتارة يوالي الحزب الشيوعي السوفياتي والفرنسي والإسباني ، وتارة أخرى يساند طروحات النظام المغربي، إن تاريخه ، تاريخ تبعية، فبعد أن كان يخدم استراتيجية النظام السوفياتي الخارجية، أصبح يخدم استراتيجية القصر المغربي، من خلال تبنيه الطروحات النظام المغربي ليس على مستوى القضية الوطنية فقط ، بل حتى على مستوى قضايا داخلية ، كما هو الشأن بالنسبة للموقف من المعتقلين السياسيين المغاربة حيث اعتبر مناضلي الاتحاد الاشتراكي المعتقلين آنذاك " عملاء للنظام الليبي" ومعتقلي الحركة المراكسية اللينينية " عملاء للنظام الصيني " وذاك ما عبر عنه كاتبه العام علي يعتة في سنة 1974 بالسينما الملكي بالرباط.