جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    أحمد الشرعي مدافعا عن نتنياهو: قرار المحكمة الجنائية سابقة خطيرة وتد خل في سيادة دولة إسرائيل الديمقراطية    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الاعلام الإيطالي يواكب بقوة قرار بنما تعليق علاقاتها مع البوليساريو: انتصار للدبلوماسية المغربية    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز بوينغ 787-9 دريملاينر    مؤتمر الطب العام بطنجة: تعزيز دور الطبيب العام في إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    السلطات البلجيكية ترحل عشرات المهاجرين إلى المغرب    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    طنجة.. ندوة تناقش قضية الوحدة الترابية بعيون صحراوية    وفاة رجل أعمال بقطاع النسيج بطنجة في حادث مأساوي خلال رحلة صيد بإقليم شفشاون    أزمة ثقة أم قرار متسرع؟.. جدل حول تغيير حارس اتحاد طنجة ريان أزواغ    جماهري يكتب: الجزائر... تحتضن أعوانها في انفصال الريف المفصولين عن الريف.. ينتهي الاستعمار ولا تنتهي الخيانة    موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    استفادة أزيد من 200 شخص من خدمات قافلة طبية متعددة التخصصات    حزب الله يطلق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل وبوريل يدعو من لبنان لوقف النار    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوليفييرو ديليبيرتو، الأمين العام لحزب الشيوعيين الإيطاليين في حوار مع «بيان اليوم»
نشر في بيان اليوم يوم 07 - 02 - 2011

سأدافع عن حقيقة النزاع حول الصحراء المغربية لدى السياسيين والرأي العام بإيطاليا
قال الأمين العام لحزب الشيوعيين الإيطاليين أوليفييرو ديليبيرتو، إنه لن يضيع أي فرصة لشرح حقيقة النزاع حول الصحراء المغربية لدى الطبقة السياسية والرأي العام الإيطالي، وأعلن أنه بصدد مناقشة إطلاق مشروع مع حزب التقدم والاشتراكية، لجمع مختلف مكونات اليسار بحوض البحر الأبيض المتوسط.
وأشاد ديليبرتو، في حوار مع «بيان اليوم»، بالتجربة السياسية المغربية، والتطورات التي عرفها الحقل السياسي بالمغرب، ونوه بتمثيلية النساء بالبرلمان التي تتجاوز ما حققته إيطاليا. وثمن في الوقت ذاته، توفر المغرب على تشريع لتقنين مجال السمعي البصري الذي يعكس التعددية السياسية التي تعرفها البلاد، وهو التشريع الذي تفتقده إيطاليا وإلا لما استطاع سيلفيو برلسكوني الوصول إلى سدة الحكم.
* تعتبر هذه أول زيارة لزعيم سياسي يساري إيطالي إلى المغرب، ما هو انطباعكم الأول عن هذه الزيارة، وإلى أي حد يصل طموحكم في هذا التقارب مع أحزاب اليسار بالمغرب؟
- بكل تأكيد هذه هي الزيارة الأولى من نوعها لي شخصيا إلى المغرب، وأعتقد أن الانطباع الذي تولد لدي إيجابي جدا عن الحياة السياسية بالمغرب. وأنا على علم كبير بالعالم العربي، سواء دول المشرق العربي أو دول شمال إفريقيا، بحكم أنني كنت مكلفا بالعلاقات مع الدول العربية في الحزب. واندهشت كثيرا للتطورات الكبيرة التي عرفها المغرب في العديد من الميادين سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، والمكتسبات التي حققها على مستوى حقوق الإنسان.
ولا يمكن لأي ملاحظ إلا أن ينوه بالتطور على مستوى المؤسسات السياسية، وخصوصا تمثيلية النساء في البرلمان، التي تعد من الجوانب المهمة في الحياة السياسية المغربية، والتي تضاهي ما حققته العديد من الدول حتى في أوربا، وبكل تأكيد أحسن من إيطاليا.
هذه التطورات والمكتسبات يرجع جزء كبير منها لأحزاب اليسار، ومنها حزب التقدم والاشتراكية، وحضورها النوعي والقوي بالبرلمان.
وأنا على يقين أن هذه الزيارة ستعزز آفاق التعاون بين حزب الشيوعيين الإيطاليين ورفاقنا في حزب التقدم والاشتراكية المغربي، لأننا نتقاسم نفس الخط السياسي المبني على البراغماتية من جهة، والوفاء للمثل والمبادئ الكبرى للاشتراكية.
وأعتقد أن المشاركة في الحكومة تنبع من اليقين بضرورة الانخراط في المسلسل الديمقراطي، والمساهمة في الإصلاح السياسي. كما أن المشاركة في التدبير تقتضي التحالف مع أحزاب أخرى، ليس من الضروري أن تكون أحزابا يسارية. فأنا كنت وزيرا في إيطاليا لفترتين في حكومة ائتلاف مكونة من أحزاب لم تكن كلها يسارية. لكنها حققت نتائج ملموسة، حيث لم نكتف بالوقوف في وجه العديد من القضايا غير العادلة، ولكننا أيضا اقترحنا حلولا لكثير من المشاكل التي تعيشها إيطاليا.
بالإضافة إلى أهمية هذه التطورات التي يعرفها المجتمع المغربي، وجدت حسن الضيافة والاستقبال الحار المعروفين على الشعب المغربي.
* هل هذا يعني فتح آفاق جديدة للتنسيق بينكم وبين رفاقكم في حزب التقدم و الاشتراكية؟
- بكل تأكيد طبعا، فجانب كبير من المباحثات التي أجريتها وسأجريها مع قيادة الحزب تصب في هذا الاتجاه، وهذا جانب كبير من دواعي زيارتي هذه. وسنواصل جهودنا من أجل الدعوة إلى إطلاق مشروع هام يجمع كل أحزاب اليسار في ضفتي البحر الأبيض المتوسط، واتفقنا على أن نتكلف نحن بالأحزاب المتواجدة في الضفة الشمالية، وسيتكلف رفاقنا في حزب التقدم والاشتراكية بالتنسيق مع أحزاب الضفة الجنوبية للمتوسط.
* كيف تعتزمون تحقيق هذا المشروع؟
- الفكرة تنبني على إقامة جسر للروابط بين مختلف أحزاب اليسار بشمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط. وقد اتفقنا نحن ورفاقنا في التقدم والاشتراكية على نقطة جوهرية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، مفادها أنه لا يكفي بناء أوربا موحدة أو مغرب عربي موحد، بل يحتاج الأمر إلى البحث عن نقط التقاء بين الضفتين الشمالية والجنوبية من المتوسط. وكمثال على ذلك، فأنا أنحدر من جزيرة سردينيا وأشعر أنني أقرب إلى المغاربيين أكثر من الأوربيين. وأملي أن نستطيع أن ننجح في جمع شمل أحزاب اليسار، ليس فقط في المغرب وفي إيطاليا، بل على امتداد حوض البحر الأبيض المتوسط، من المغرب على مشارف المحيط الأطلسي إلى سوريا، ومن فرنسا إلى ليبيا.
* هل هذا المشروع لا يزال في طور المناقشة أم أنكم اتخذتم الإجراءات العملية لتنفيذه؟
- نحن تقدمنا كثيرا في هذا الموضوع، وسنواصل مناقشته بكثير من التفاصيل خلال لقائي عشية اليوم (يقصد أمس) مع الرفيق نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية.
* أطلقتم قبل عدة أشهر، مبادرة من أجل توحيد الأحزاب الشيوعية واليسارية في إيطاليا، ولكن هذه المبادرة لم تؤت النتائج المرجوة منها، هل تعتقدون بأن مبادرة جمع أحزاب اليسار بحوض البحر الأبيض المتوسط سيكتب لها النجاح؟
- فيما يخص إيطاليا صحيح أطلقنا مبادرة توحيد الأحزاب اليسارية، وعى العكس مما قد يعتبره البعض فشلا، فقد حققنا نتيجة جد إيجابية في نونبر من السنة الماضية، واستطعنا إنشاء فدرالية بين الحزبين الشيوعيين، بالإضافة إلى بعض الأحزاب اليسارية الصغيرة. وعينت ناطقا رسميا باسم الفدرالية، ربما لأنني الأكبر سنا (يضحك)، وسنمضي في هذا الاتجاه لتحقيق هدفنا الكبير ألا وهو توحيد كل مكونات اليسار والشيوعيين بالبلاد. فأن تكون شيوعيا معناه أن لا تتحالف مع أحزاب غير شيوعية. أنا أريد أن يجمعني التحالف مع أحزاب لا أتقاسم معها بالضرورة نفس المبادئ السياسية ونفس التوجهات الإيديولوجية، وإلا علي الانخراط في حزب واحد.
* مع كل الانقسام الذي عرفه اليسار الإيطالي، والشيوعيين على وجه التحديد، هناك من ينتقدكم من خلال مبادرة التوحيد بالعودة عشر سنوات إلى الوراء أي قبل 98، ولماذا مع هذه المبادرة لم يستطع اليسار الإيطالي أن يجد لنفسه موقعا داخل المجتمع؟
- اليسار الإيطالي عرف انقاسامات على مدى التاريخ، ففي سنة 1921 حدث أول انقسام بين الشيوعيين والاشتراكيين، وبعد الحرب العالمية الثانية حدث انقسام بين الاشتراكيين أدى إلى إنشاء الاشتراكيين الديمقراطيين، ثم في منتصف السبعينيات شارك الحزب الاشتراكي في الحكومة، فحدث انقسام آخر تولد عنه اليسار الاشتراكي. وقبل نهاية السبعينيات، خرجت التنظيمات اليسارية المتطرفة إلى حيز الوجود. وخلال كل هذه المراحل ظل الحزب الشيوعي موحدا متماسكا وقويا، وكان يحصل على قرابة 30 في المائة من أصوات الإيطاليين. إلى غاية 1989 مع انهيار حائط برلين. أياما بعد ذلك، سيقوم الأمين العام للحزب الشيوعي بتغيير شعار الحزب (المنجل والمطرقة)، وبعد سنتين من الصراع داخل الحزب انقسم الشيوعيون إلى حزبين، الأول حزب اليسار الديمقراطي، والثاني الحزب الشيوعي وكان حزبا كبيرا. بحيث استطاع الحصول على 8.6 من الأصوات في انتخابات 1996، واحتل المرتبة الرابعة. واستطاع المساهمة في إسقاط حكومة الوسط رغم أنه كان مشاركا فيها. وكنت رئيس الفريق بالبرلمان حين فضلت بعض مكونات الشيوعيين البقاء في الحكومة، حينها وقع الانقسام داخل الحزب الشيوعي، وتم إنشاء حزب الشيوعيين الإيطاليين الذي أتشرف بأمانته العامة.
والمبادرة لا تتوخى إعادة تأسيس اليسار أو الشيوعيين، وإنما هدفنا الوصول إلى الحكم ومواجهة الرأسمالية، وتغيير أحوال البلاد.
* ألا تلاحظون وجود تشابه كبير بين التجربة الإيطالية والمغربية؟
- في الواقع التجربة الإيطالية تميزت دائما بأن العديد من التشكيلات السياسية تولد من رحم أخرى، وأعتقد أن نفس الأمر ينطبق على التجربة المغربية، وانطلاقا من هذا المنظور أرى أن هناك تشابها بين التجربتين السياسيتين بالمغرب وإيطاليا. ولكن لسوء الحظ أن اليمين هو الذي يحكم في إيطاليا، على العكس في المغرب فالتحالف الذي يدير الشأن العام يضم أيضا أحزاب اليسار.
وما أثار انتباهي أكثر أن المغرب يتوفر على تشريع قانوني جد متقدم لتقنين مجال السمعي البصري لا تتوفر إيطاليا على نظير له، وهذا من بين الأسباب التي ساعدت سيلفيو برلسكوني في الوصول إلى الحكم.
* برزتم كإحدى الشخصيات المدافعة عن القضايا العادلة للشعوب، والساعية إلى إقرار السلم في العالم، من خلال تصريحاتكم المؤيدة للقضية الفلسطينية والدعوة إلى سحب مشاركة الجنود الإيطاليين من التحالف الدولي، هل هذه المواقف كفيلة بإقرار السلم والاستقرار في المنطقة؟
- بالطبع كانت لنا في الحزب قرارات متميزة وشجاعة، وكنا من المناهضين للسياسة الخارجية الإيطالية في كثير من المجالات. وهذا ما جعلنا في شبه عزلة عن باقي التشكيلات السياسية. وهذا ينطبق على مواقفنا بخصوص القضية الفلسطينية، وانسحاب القوات الإيطالية من التحالف الدولي. ومع ذلك نجحنا في سحب القوات الإيطالية من العراق وفشلنا في فرض سحبها من أفغانستان. والسبب يعود إلى انسياق الرأي العام الإيطالي مع ما تبثه وسائل الإعلام، وخصوصا القنوات التلفزية. وأنتم تعرفون أن القنوات الإيطالية تروج فقط لوجهة نظر من يحكمون. وفي أغلب الأحيان تكون مخالفة للحقيقة، لأن قول الحقيقة في إيطاليا اليوم أضحى شبه مستحيل، ولم يعد يجدي نفعا في تهدئة الرأي العام. ولا أدل على ذلك، في كل البرامج التي أشارك فيها في التلفزيون، أجد نفسي وحيدا معزولا حتى بوجود شخصيات من اليسار، بخصوص السياسة الخارجية. والسبب يرجع كذلك إلى جهل العديد من الشخصيات اليسارية بالسياسة الخارجية الإيطالية، خصوصا مع العالم العربي.
* يتضح من هذا أن العديد من القادة السياسيين بأوربا لا يحسنون التعامل مع القضايا العربية وذلك راجع إلى غياب الدبلوماسية الموازية، مثلما هو موجود بالمغرب، كيف ستقومون بهذا الدور؟
- بالنسبة لي هذه مسألة أساسية، فالسياسة الخارجية لا تقتصر فقط على الدبلوماسيين الرسميين، بل يجب أن يمارسها الجميع. وعندما سأعود إلى إيطاليا، سأتباحث مع زعماء الأحزاب اليسارية لإطلاعهم على نتائج زيارتي للمغرب، وعلى الحقائق التي توصلت إليها وعاينتها بأم عيني، وهذا ما سيؤدي إلى تغيير نظرة ومواقف العديد منهم. ولا أقول إنه عمل سهل، ولكن يتطلب كثيرا من التروي. ومع كامل الأسف فالعالم اليوم ينساق بسهولة مع ما تقدمه وسائل الإعلام المتطورة. وسأستغل أي فرصة لشرح الحقائق التي توصلت إليها، ولن يثنيني أي شيء عن هذا.
* هل تعنون بهذا محاولة التأثير على الجمعيات المساندة للانفصاليين التي تنشط كثيرا بإيطاليا؟
- نعم هذا ما أقصده بالفعل. وأعتقد أن هذا الأمر مرتبط بشكل أساسي بجهل الكثيرين بالعالم العربي والقضية المغربية، والتباس الأمر لدى البعض الآخر واكتفائهم بالأشياء السطحية دون الخوض في عمقها. صحيح أن اليسار، ليس فقط في إيطاليا بل في جميع أنحاء المعمور، لا يمكنه إلا أن يناصر حق أي طرف يطالب بالاستقلال، في حين أن الحقيقة الموضوعية مخالفة تماما لذلك.
وحتى أوضح أكثر، فمع نهاية فترة الاستعمار تكونت العديد من الدول القومية بالعالم العربي، من بينها المغرب، لها جميع مقومات الدولة، لها قواتها العسكرية وهياكلها الإدارية وهويتها الوطنية، ولها أيضا سيادتها الوطنية. والهدف الأساسي للدول الإمبريالية حاليا، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، هو إحداث انقسام بهذه الدول القومية وخلق كيانات صغيرة بجانبها على أساس قبلي أو عرقي أو ديني. وهو ما أدى إلى نشوب نزاعات بين الدول والكيانات حتى يسهل السيطرة عليها. فالدول القومية تشكل خطرا أكبر على الولايات المتحدة الأمريكية إذا تبنت النهج العلماني، في حين أن التطرف الديني يشكل خطرا على جميع الدول وليس على أمريكا وحدها، وبالتالي فمن مصلحة أمريكا أن يكون لها عدو من هذا النوع الأخير.
ويجب وضع قضية الصحراء داخل هذا السياق العالمي، للدفاع عن السيادة المغربية، ومساندة المبادرة المغربية لمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا، والتأكيد على أنه من الضروري ربط النزاع بما يجري في العالم الآن.
* بحكم مواقفكم الداعمة للأمن والاستقرار، ونظرا لما تشكله منطقة الساحل والصحراء باعتبارها بؤرة لأنواع شتى من الإرهاب الذي يهدد منطقة البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا بالتحديد، ما هي المقاربة التي ستنهجونها في قضية الصحراء المغربية؟
- أعتقد أن المقاربة التي يجب نهجها، هي تجنب العودة إلى مرحلة ما قبل قيام الدولة القومية، فالقول بوجود شعب صحراوي، لا يعني المغرب فقط، بل يعني أربعة دول، ثم لماذا يثير مشكلا للمغرب فقط، أليس من حق الطوارق أيضا المطالبة بدولتهم. أعتقد أن قوة أي دولة في تنوعها العرقي والثقافي، وقدرتها على استيعاب مختلف الفئات المكونة لها.
* تعرف إيطاليا تواجد جالية أجنبية مهمة، من بينها الجالية المغربية، استطاعت الاندماج في النسيج الاجتماعي للبلاد، ما هي مبادراتكم تحسن أوضاعهم؟
- صحيح، توجد في إيطاليا جالية أجنبية تقدر بحوالي أربعة ملايين نسمة، من أصل حوالي 68 مليون من مجموع السكان. ومن الطبيعي في مثل حالتنا ظهور تناقضات اجتماعية كثيرة، ومن الطبيعي كذلك أن ينعكس ذلك على الواقع المجتمعي. وكمثال فقط، فالأسر الإيطالية تكتفي بطفل واحد، في حين أن معظم المهاجرين يتوفرون على معدل أربعة إلى خمسة أطفال، وهذا يدل على ثقافتين مختلفتين تماما. فأطفال المهاجرين يتحدثون الإيطالية وأصبحوا يدرسون جنبا إلى جنب مع أطفال الإيطاليين، ويشجعون الفرق الإيطالية، رغم أنهم ينحدرون من أصول مختلفة ويحملون ثقافة مختلفة، وقد يكونون من أجناس وأعراق مختلفة. وبما أنهم ترعرعوا وكبروا في بيئة واحد فقد يتزوجون فيما بينهم، وسيخلفون جيلا جديدا. وهذا واقع محتوم سينعكس على تركيبة المجتمع، ولن يكون هناك مجتمع إيطالي فقط، بل مجتمع متعدد الثقافات يتعاش فيه الجميع، يقتضي نهج أساليب جديدة تختلف عما سبق في حكم هذا المجتمع ومقاومة كل الصور النمطية الحالية. مع الأسف، فإن اليمين الإيطالي يغذي الخوف في المجتمع، ومعالجة المشاكل المترتبة عن هذه الوضعية لا تكمن في تهييج الرأي العام ولكن في البحث عن وضع بنيات استقبال واحترام الآخر.
في أوساط المهاجرين أيضا أقلية من المنحرفين والمجرمين، ولكن مشكل الانحراف والإجرام في إيطاليا، خصوصا في الجنوب، ليس بسبب المهاجرين بل بسبب المافيا الإيطالية.
لذلك، فإن قضية اليسار اليوم في إيطاليا هي البحث عن تنظيم العمال والمهاجرين، والتوفيق بين ثنائية العمل والرأسمال، من جهة وبين الشمال والجنوب من جهة أخرى.
* أجريتم لقاءات مع العديد من المسؤولين السياسيين المغاربة، هل يمكن لنا الحديث من الآن عن عهد جديد من العلاقات سواء بين حزبكم والأحزاب اليسارية المغربية، وبين البلدين؟
- لحسن الحظ أن إيطاليا تربطها علاقات متميزة مع المغرب على المستوى الرسمي، مع أنه ظهرت في إيطاليا قضايا عنصرية لم تعرفها من قبل. ورغم أن العلاقات بين البلدين في حال جيدة جدا، إلا أن الحكومة الإيطالية لا تقوم بأي شيء لمحاربة مظاهر العنصرية. وسنسعى لتحسين هذه الوضعية إذا حالفنا الحظ وكان الفوز من نصيبنا في الانتخابات المقبلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.