ملحمة العرش والشعب من أجل الحرية والاستقلال والوحدة يخلد المغرب، اليوم الأربعاء، الذكرى 54 للاستقلال، أو نهاية عهد الحجر والحماية، وبزوغ فجر الحرية والاستقلال والوحدة. وتمثل ذكرى الحرية، التي أعقبت عودة بطل التحرير، جلالة المغفور له محمد الخامس، وأسرته الشريفة، من المنفى السحيق إلى أرض الوطن، معلنا نهاية معركة الجهاد الأصغر، وبداية معركة الجهاد الأكبر، الذي تمثل في بناء الدولة المغربية الحديثة، على عهد المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، وتثبيت دعائم هذه الدولة، بإطلاق مجموعة من الأوراش الإصلاحية، وصيانة الوحدة الترابية. وشكلت عودة الملك الراحل وأسرته الشريفة إلى البلاد، في نونبر 1955، والإعلان عن عودة الشرعية، نصرا مبينا وحدثا تاريخيا حاسما، توج بالمجد مراحل الكفاح المرير، الذي تلاحقت أطواره وتعددت صوره وأشكاله في مواجهة الوجود الاستعماري المفروض، منذ عام 1912، إذ خلد المغاربة أروع صور الوطنية الصادقة، وبذلوا أغلى التضحيات في سبيل عزة الوطن وكرامته والدفاع عن مقدساته. وتذكر سجلات التاريخ بالعديد من المعارك والانتفاضات الشعبية في كافة ربوع المملكة لمواجهة الاحتلال، لقن فيها المجاهدون لقوات الاحتلال دروسا في الصمود والمقاومة والتضحية، ومن أشكال الكفاح الوطني ما قامت به الحركة الوطنية، مع مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي، من نضال سياسي ارتكزت فيه بالأساس على نشر الوعي الوطني، وشحذ العزائم والهمم في صفوف الشباب، وداخل أوساط المجتمع المغربي بكل فئاته وطبقاته. ومن تجليات وإفرازات النضال الوطني، إقدام رجال الحركة الوطنية على تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال إلى سلطات الحماية يوم 11 يناير 1944، بتنسيق تام مع بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس، وما أعقب ذلك من ردود فعل استعمارية عنيفة، إذ جرى اعتقال بعض رموز ورجال الحركة الوطنية والتنكيل بالمغاربة، الذين أظهروا حماسا وطنيا منقطع النظير، عبروا من خلاله عن مساندتهم لمضمون الوثيقة التاريخية. وتجلت معالم المسيرة الوحدوية، بالجهاد الذي قاده جلالة المغفور له الحسن الثاني، من أجل التحرير واستكمال الوحدة الترابية، إذ استرجعت، سنتين بعد الاستقلال، طرفاية سنة 1958، ثم مدينة سيدي إيفني سنة 1969، كما استرجعت الساقية الحمراء، بفضل المسيرة الخضراء، التي كانت إحدى واجهات ثورة الملك والشعب، ثم وادي الذهب في 14غشت 1979، الحدث الذي كرس مسلسل الوحدة الترابية للمملكة. ويعيش الشعب المغربي عهدا جديدا بقيادة جلالة الملك محمد السادس، الذي يسير بشعبه نحو مدارج التقدم والحداثة، مواصلا مسيرة الجهاد الأكبر، وتثبيت وصيانة الوحدة الترابية وتحصين الانتقال الديموقراطي والإسراع به قدما إلى الأمام، وترسيخ مبادئ المواطنة الإيجابية، وتحقيق نهضة شاملة على كافة الأصعدة وفي كل الميادين والمجالات، وبناء اقتصاد عصري منتج ومتضامن وتنافسي، والانخراط في مبادرات وطنية كبرى، من أجل التنمية البشرية، ومواجهة الآفات الاجتماعية، والتصدي لمظاهر الفقر والأمية والفوارق الطبقية والجغرافية والمجالية، للارتقاء الموصول على درب النماء والتأهيل، لكسب رهانات الحاضر والمستقبل، وتعزيز مكانة المغرب كقطب جهوي وفاعل دولي.