حين تصبح معلوماتك سلعة .. من يحمي المغاربة من تسريبات البيانات؟    حزب العدالة والتنمية المغربي يواجه أزمة وجودية تهدد مستقبله السياسي    وفد رفيع من سفارة رومانيا بالمغرب يزور ENCG طنجة ويوقع بروتوكول تعاون أكاديمي    مقتل صحراويين في مخيمات تندوف : ائتلاف حقوقي يطالب بتحقيق دولي ضد الجيش الجزائري    الوزير بوريطة يبحث تعزيز الربط البحري بين ميناء أوروبي جديد وميناء طنجة المتوسط    الحوامض المغربية تلج السوق اليابانية    إسكوبار الصحراء.. الناصري يكشف عن علاقته ببعيوي والفنانة لطيفة رأفت    شرطة البيضاء توقف مواطنا نرويجيا    حادثة سير مميتة تودي بحياة شخص بإقليم الدريوش    ناصر بوريطة يواصل جولة دبلوماسية ناجحة لتعزيز دعم أوروبا لمغربية الصحراء    تنسيقية المتعاقدين بجهة الشمال تشتكي من "استفزازات نقابية"    خلال 2024.. المركز الجهوي للاستثمار بجهة الشمال وافق على مشاريع استثمارية بقيمة 85 مليار درهم قد تخلق حوالي 70 ألف فرصة شغل    إغلاق سلسلة "ب لبن" والحلويات الشهيرة في مصر بسبب التسمم الغذائي – التفاصيل والأسباب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    وفاة الفنان المصري سليمان عيد    من الرباط.. السفير الصيني بالمغرب لي تشانغ لين : الصين تعتزم عقد مؤتمر عالمي جديد للمرأة خلال هذا العام    كأس إفريقيا لأقل من 17 سنة.. أشبال الأطلس يطمحون لتجاوز عقبة مالي والتتويج باللقب    تزايد حالات السل اللمفاوي يسائل ضعف مراقبة سلاسل توزيع الحليب    بيان توضيحي لولاية أمن أكادير بشأن ادعاءات واهية لمنظمة    الهجرة والثقافة المغربية: تاريخ للإستكشاف    المعرض الدولي للنشر والكتاب يتعقب الفنون التمثيلية في الصحراء المغربية    دعم إنتاج الأعمال السينمائية.. الكشف عن مشاريع الأفلام المستفيدة برسم الدورة الأولى من 2025    مهرجان "جازابلانكا".. 26 حفلا موسيقيا يحييها 180 فنانا    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    نقابات التعليم تسجل غياب الإرادة السياسية لدى الحكومة في الوفاء بالتزاماتها وتحتج على "التسويف"    "حماس" تدعو إلى إنهاء حصار غزة    بيانات تكشف ارتفاع الإصابة بالتوحد وكذلك زيادة معدلات تشخيصه    من معشوق الجماهير إلى مرشح للبيع .. رودريغو يدفع ثمن الإخفاق الأوروبي    واشنطن بوست تدق ناقوس الخطر: البوليساريو شريك لإرهاب إيران في إفريقيا    أكادير يحتضن مؤتمر التنظير عنق الرحم وجوف الرحم والجهاز التناسلي    الارتفاع العالمي لسعر الذهب ينعكس على محلات المجوهرات في المغرب    شي جين بينغ وهون مانيت يتفقان على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وكمبوديا    إطلاق الشعب المتخصصة في فنون الزجاج بالمعهد المتخصص في الفنون التقليدية بمكناس، في سابقة على المستوى الوطني    شركة للطيران تمتنع عن نقل ثلاثة جثامين لمغاربة مقيمين بهولندا    الدورة التاسعة إياب من بطولة القسم الوطني الممتاز لكرة السلة : .ديربي محلية بالعاصمة بين الفتح والجيش    أولمبيك خريبكة يوضّح واقعة محاولة انتحار أحد لاعبيه    مغرب الحضارة : نداء من أجل المستقبل … شبابنا كنز المملكة ومستقبلها    فوربس: المغرب يضع لبنات مونديال 2030 بإشراف ملكي وتخطيط شامل    ممثلون عن اليهود في بريطانيا يدينون العدوان الإسرائيلي في غزة    احتجاجات بالمزونة التونسية تنديدا بمصرع 3 تلاميذ وبتهميش المدينة    مهرجان "تيم آرتي" يختار مواهب الراب الشابة في دورة جديدة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    إيقاف السباح التونسي أحمد الحفناوي 21 شهرا بسبب انتهاكات لقواعد المنشطات    بطولة ألمانيا.. دورتموند المحبط يسعى الى بطاقة دوري الابطال    وضع المعايير لملء استمارة الإحصاء لأداء الخدمة العسكرية برسم فوج المجندين لسنة 2025    روبيو: على أوروبا أن تقرر ما إذا كانت مستعدة لإعادة عقوبات إيران    مجلس الأمن يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة في السودان    استشهاد 15 فلسطينيا في غارة إسرائيلية جديدة على غزة    توظيف مالي لأزيد من 46 مليار درهم من فائض الخزينة    بعد ستة أشهر من الغياب.. الصحفي حمزة رويجع يكشف الحقيقة بشجاعة: نعم، أصبت باضطراب ثنائي القطب    ندوة وطنية تتدارس تجربة محمد الشيخي في رؤيا وتشكيل الشعر المغربي    الاعتداء على أستاذ يسلب حرية تلميذ    عاجل | هزة أرضية قوية تُثير الهلع بمراكش وتامنصورت    وزارة الصحة تخلّد اليوم العالمي للهيموفيليا وتطلق حملة تحسيسية وطنية لمكافحة هذا المرض    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصطفى صوليح : حل حزب البديل الحضاري رسالة إلى العدالة و التنمية .. و اليسار الموحد و العدل و الإحسان.

حاوره إدريس ولد القابلة رئيس تحرير المشعل * ○ كيف تقرأون ، أستاذ المصطفى صوليح ، قدوم السلطة التنفيذية على حل حزب البديل الحضاري؟ ● أولا الواقع أن يوم الأربعاء 20 فبراير 2008 سيظل ماثلا في ذاكرة الحياة السياسية في بلادنا ، ليس فقط لأنه في هذا اليوم أصدر السيد الوزير الأول ، دفعة واحدة و دون أي تنبيه أو تحذير سابقين ، مرسوما تم بمقتضاه حل حزب فتي هو حزب البديل الحضاري ، و إنما أيضا لأن هذا القرار قد تم إعماله في سياق تضمن تهديدا بحل أحزاب و بعدم السماح بتأسيس أحزاب أخرى و بمعاقبة باقي الجمعيات أو المنظمات أو الأحزاب القائمة كلما أتاحت فضاءاتها لهياكل أخرى بغرض عقد اجتماعات تنظيمية أو تأسيسية أو إعلامية لا تنال الرضا من قبل وزارة الداخلية ، و ذلك كما هو الحال بالنسبة للحزب الاشتراكي الموحد في تسامحه مع فعاليات كل من حزب البديل الحضاري و حزب الأمة غير المرخص له . و بالإضافة إلى ذلك ، فإن السرعة التي بواسطتها أخرجت وزارة الداخلية المادة 57 من رف قانون الأحزاب مصحوبة بتعليل تهويلي جدا و سلمته للسيد الوزير الأول ليتلوه في صيغة المرسوم إياه ، و ما تلاه من اتخاذ قرارات أخرى تمثلت في التعجيل بتشميع جميع مقرات الحزب و حجز ممتلكاته و تجميد أرصدته البنكية ربما بناء على المادة السادسة من قانون مكافحة الإرهاب ،، قد تغيت شل حركة أغلب أعضائه ، غير المتابعين ، و منعهم من الاتصال ببعضهم و التنسيق بينهم في سبيل اتخاذ ما يجدونه مجديا من الناحية القانونية في سبيل الطعن القضائي ضد القرار إياه و من الناحية الإعلامية في اتجاه إخبار الرأي العام الوطني و الدولي بوجهة نظرهم فيه . ثانيا لا أعتقد أن حزب البديل كان هو في حد ذاته المقصود من قرار تفكيكه ، فهو على كل حال حزب فتي حيث لم يحصل على الترخيص له إلا في سنة 2005 و صغير جدا ، إذ لا يتوفر إلا على حوالي 28 فرعا و لم يستقطب سوى 0.3% من مجموع المصوتين في الانتخابات التشريعية ليوم 07 شتنبر 2007 ، و بالتالي فإن حله مثل الإبقاء عليه لا تأثير له مباشر لا على الحياة البرلمانية و لا على الحياة الجماعية المحلية أو الجهوية و لا حتى على الحياة الإعلامية ، بل إن المقصود هو تهديد أحزاب أخرى بالخضوع لنفس الإجراء ، كما هو جاري الآن بشكل رسمي بخصوص الحزب الاشتراكي الموحد وبشكل غير رسمي في شأن حزب العدالة و التنمية ،،، و كما هو جاري أيضا بالنسبة لحزبي الأمة و العدل و الإحسان ، غير المرخص لهما ، في سبيل أن يبادرا اختياريا إلى حل أجهزة هيكليهما . ثالثا إن الحياة السياسية في بلدنا العزيز لن تستوي أبدا إلا إذا استوت فيه الديمقراطية بما تقتضيه من دستور تعاقدي و غير مطعون فيه من قبل أي من مكونات الإطار الحضاري للمجتمع المغربي ، و من فصل حقيقي و فعلي بين السلط و من إقرار عملي بسلطة القضاء و استقلالها و عدم التدخل في أحكامها النهائية إلا بما يتوافق مع إعمال صكوك القانون الدولي لحقوق الإنسان ، و من مشاركة متساوية بين جميع المواطنين في تدبير و تسيير الحياة العامة ، و من مساءلة و محاسبة لا يفلت منهما أي كان من الناس المنتمين للبلد أو المقيمين فوق ترابه الوطني ... إنه ليس إلا في البلدان الديمقراطية وحدها حيث يتم سن القوانين و غيرها من التشريعات لكي تحمي المواطنين و تكفل حقوقهم و حرياتهم و ليس لكي تحمي مصالح الحكام و هواجسهم ضد المواطنين ، و في هذا السياق لا داعي لمقارنة قانون الأحزاب المغربي بقوانينها في شتى البلدان الديمقراطية و من بينها كمثال ألمانيا و فرنسا حيث يكون حل حزب ما أصعب بكثير جدا من تأسيسه ، و حيث الحرية هي الأصل و القيود استثناء و التعدد يعني الإقرار بالاختلاف و ليس بالإجماع و القضاء هو الجهة ذات الاختصاص في الفصل في المنازعات الناجمة عن ممارسة الأحزاب السياسية لنشاطها و منها منازعات حلها ،،،إذ يكفي، مثلا أيضا ، العودة إلى اليمن حيث تنص المادتان 34 و 35 من قانون الأحزاب على أنه : » .... لا يجوز حل حزب أو تنظيم سياسي أو وقف نشاطه أو تعطيل قرار من قراراته إلا بموجب حكم قضائي تصدره المحكمة بناء على طلب مسبب من رئيس لجنة الأحزاب يوافق عليه أعضاء اللجنة بحل الحزب أو التنظيم، وذلك إذا فقد الحزب أو التنظيم شرطاً من شروط التأسيس المحددة بالقانون، أو إذا ارتكب الحزب أو التنظيم محظورات محددة في القانون «، و إلى موريتانيا حيث الديمقراطية فيها ما تزال فتية لنكتشف أن المادة 26 من الباب الخامس من قانون الأحزاب السياسية المفرد لحل الأحزاب السياسية تنص على أنه يمكن أن يكون مرسوم الحل : » محل طعن أمام المحكمة العليا التي يجب أن تبث في ظرف الشهر التالي لتسلمها لعريضة الطعن « . ثم إنه ، و باعتبار أن التهديد هو جريمة مهما كانت الجهة التي يصدر عنها ، لا توجد أية جهة في البلدان الديمقراطية ، إدارية أو قضائية ، يمكن أن يخولها القانون حق تهديد أحزاب بالحل ، فما بالك إذا كان هذا الفعل سمة غالبة على مسار تاريخ الحياة السياسية في المغرب ، فالمرء يمكن أن يؤرخ لأحزابنا ، و خاصة منها المنتمية إلى الحركة الوطنية ، من خلال التغيير الذي لحق بأسمائها و أسماء جرائدها ....
رابعا قياسا على اجتهاداتها الأخيرة في ما يتعلق بحماية البلاد و العباد من تهديدات إرهابية كانت وشك الوقوع و ذلك باتخاذها ، خارج نطاق القضاء ، لإجراء حل حزب البديل الحضاري الفتي و الصغير بناء على مزاعمها بتوفر قرائن تثبت ضلوعه ، عبر قيادييه المعتقلين لدى الأجهزة الأمنية المعنية ، في هذه التهديدات المدججة بأسلحة لم تظهر أية علامة صدإ على وحداتها رغم أن عملية تسليلها إلى داخل البلاد تبتدئ من سنة 1991 ،،، ألم يكن جديرا بالسيد وزير الداخلية أن يطبق نفس اجتهاده على الإدارة العامة للأمن الوطني باعتبار ضلوع ضابطين أحدهما من درجة عميد ، أي من كبار أطرها الحاملين يوميا للسلاح ، في نفس الشبكة و باعتبار تغطية هذه الإدارة لكافة التراب الوطني و باعتبار التسهيلات التي قد يتيحها غير هذين الضابطين لمثل هذه الشبكات في مجال الوصول إلى المعلومات الأمنية و في مجال السيطرة على مختلف الأسلحة المتوفرة في المخافر و المخازن ذات الصلة دون الحاجة إلى المخاطرة بجلبها من خارج الحدود الوطنية كما في مجال تدريب الأفراد ذوي الاتجاهات الإرهابية ؟ ○ هل الأمر متعلق بحسابات أم أن تداعيات خطورة الوضع هي التي أملت ذلك القرار؟ ● أما عن خطورة الوضع فلا أحد يقول عكس ذلك . و على كل حال فليس بلدنا هو الوحيد الذي تتهدده مخاطر إرهابية ، غير أنه و على عكس البلدان الديمقراطية التي لا تتخذ من هذه التهديدات ذريعة لإرهاب المواطنين أفرادا و مجموعات و للانقضاض على حقوقهم و حرياتهم المتأصلة فيهم أو للانتقاص منها ، بل تراقب عن كثب بواسطة قضائها المستقل و لجان مؤسساتها المنتخبة كفاءة أداء أجهزتها الأمنية لمهامها التي تتقاضى عنها رواتب و تعويضات مستخلصة من ميزانية الدولة و ذلك دون تعدي مفرط أو ممنهج على كرامة الناس، إن 95% من مخاطرنا ، دون التذكير بخلاصات التقارير الوطنية الرسمية أو الدولية ذات الصلة ، تأتي من استشراء طاعون الفساد بكل أنواعه و أشكاله و مظاهره و إلا كيف أمكن ، مثلا ، لترسانة من الأسلحة المختلفة الأحجام أن تدخل البلاد و خلال فترات متباعدة من بواباته الحدودية رغم أنها توصف بالمحروسة ؟ كما تأتي من عدم الوفاء بالالتزامات المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الإنمائية و البيئية تجاه مختلف مكونات الإطار الحضاري للمجتمع المغربي ، و غياب التفكير الإستراتيجي في تخطيط و برمجة الأولويات و جدولتها ، و تجميد الإصلاحات المؤسساتية و اعتبار المطالبة بها مس بالمقدسات ، و الفشل الذريع و المتواتر في شتى التدخلات و في مقدمتها التعليم و الصحة و التشغيل و الإسكان و الوساطة بين الدولة و ضحاياها و الحوار بين ذوي الحاجات عموما و ذوي الحاجات الخاصة و بين الهياكل الرسمية أو الشبه رسمية الموضوعة لهذا الغرض... أكيد أننا نحتاج إلى أمن ، لكن إلى أمن كفء يقوم بمهامه الموكولة إليه دون تهويل سياسي أو إعلامي و باحترام تام للكرامة البشرية ... خاصة و هاهي المخابرات البلجيكية لا تؤكد الرواية المغربية حول الاغتيالات و محاولات الاغتيال التي قد يكون بلعيرج ارتكبها داخل التراب البلجيكي ، و هاهي معلومات أخرى تشير إلى أن الأسلحة التي زعم السيد وزير الداخلية بأن تاريخ إدخالها إلى المغرب في سنة 1992 لتزويد الشبكة الإرهابية المكتشفة في 2008 بها إنما كانت موجهة عبر التراب الوطني المغربي إلى المتطرفين الإسلاميين الجزائريين لتعزيز عتادهم في عمليات القتل آنذاك داخل الجزائر ... و أما عن الحسابات ، فأكيد أن للدولة المغربية مثلها مثل باقي دول العالم حساباتها الداخلية و الخارجية أثناء معالجتها لملف من الملفات بما فيها ملفات الإرهاب ،و إلا ما الذي يكون مثلا وراء تصريح مسؤول ليبي ، يوم الأحد 24 فبراير 2008 ، بأن بلده بصدد تفعيل مسطرة لتسريح عشرات ( أكثر من 90 ) من المعتقلين لديها ينتمون إلى الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا ؟ و في ذات السياق، يجدر الانتباه إلى إدعاءات صادرة عن عديد من المراقبين مفادها أنه في غضون الفترة المتزامنة مع اعتقال بلعيرج ، بشكل متساوق مع حملة غير مسبوقة ضد حزب الله من أجل تحويل صورته من حزب سياسي و حركة للمقاومة المسلحة الميدانية ضد إسرائيل ، باعتبارها محتلة لأشرطة ترابية من لبنان ، إلى حزب إرهابي و ذلك بموازاة مع التحضير لشن العدوان الأمريكي المرتقب على إيران، كانت كل من المخابرات الأمريكية و الإسرائيلية والفرنسية تتحدث ضمن تقارير أمنية عن المغرب باعتباره حلقة أضعف في المغرب الكبير أمام الخطر الشيعي . و غير خاف أن هكذا ادعاءات إذا ما صدقت ستقدم خدمة كبيرة للرئيس بوش في حروبه الاستباقية العالمية و ستظهر المغرب ، بتفكيكه لشبكة كانت إيران طرفا في تموينها بالأسلحة و المال و كانت هي و حزب الله من بين جهات أخرى تمد قيادييها بالاستشارات و تمكن أعضاءها من التداريب على استعمال السلاح ،،، بمثابة البلد الأول الذي أثبت للعالم و بالملموس بأن حزب الله حركة إرهابية و أن إيران دولة إرهابية و أنهما معا يصدران الإرهاب إلى باقي أنحاء العالم . ○ ألا تعتبرون ، أنه بمجرد تفعيل " قانون الإرهاب" تلغي جميع الحقوق، وهل تستقيم مثل هذه القوانين مع قواعد وآليات الدولة الديمقراطية، أم أنه باب من أبواب تكريس الاستبداد بدعوى التصدي لخطر الإرهاب؟ ● لنتذكر في البداية أن السلطة التنفيذية في المغرب قد استعملت مسطرتين مختلفتين تجاه حزبين متقاربين ، مسطرة مقاضاة حزب الأمة غير المرخص له في أفق حظره و الانتهاء من أمره بشكل نهائي و مسطرة الحل الفوري لحزب البديل الحضاري بواسطة مرسوم موقع من قبل الوزير الأول . بمعنى أن هذه السلطة يمكنها في كل حين أن تجد ضمن الترسانة القانونية العادية ( القانون الجنائي و مسطرته ، قانون الأحزاب ، قانون الصحافة ،قانون باقي الحريات العامة ، نصوص أخرى خاصة .. ) الموضوعة رهن إشارتها ما تستخرجه من فصول و مواد تخدم تأويلاتها و تعليلاتها للوقائع و الأحداث الجارية و طرقها في التصدي إليها ، و هي حين تلتجئ إلى قانون مكافحة الإرهاب المجاز من قبل البرلمان فإنما لتعمل بشكل أريح يعفيها من الانضباط حتى لالتزاماتها الوطنية و الدولية تجاه القواعد الأساسية المنصوص عليها ضمن وثائق القانون الدولي لحقوق الإنسان . فكيف ذلك ؟ إن هذا القانون يخل بجميع مقتضيات و أحكام الصكوك الدولية لحقوق الإنسان التي سبق للدولة المغربية أن صادقت عليها ،و ذلك لأنه تراجعي ، و يفسخ قاعدة أن تكون قرينة البراءة هي الأصل ،و يشرع جريمة التجسس بالمطلق على الأفراد و المجموعات من خلال التقاط اتصالاتهم خارج مراقبة القضاء أو البرلمان ، و يحفز على التعذيب في مخافر الشرطة ، و يجرد المشتبه فيه من حقه في الحماية أثناء وجوده داخلها و من حقه في الاتصال المبكر بأفراد أسرته و بمحاميه ، و يجيز الضغط عليه من أجل الاعتراف ضد ذاته و يطيل فترات الحراسة النظرية و يجيز إخضاع المقبوض عليهم للاعتقال الاحتياطي و يمس الحق في الحياة ، و يجرم الأفراد و المجموعات إلى أن يثبتوا براءتهم ، و يعتدي على حرية التفكير و التعبير ،و يحرم المقبوض عليهم عموما ، و خاصة منهم المقبوض عليهم عن طريق الخطأ ، من حقهم في العلاج و في التعويض و المساءلة . و بالإضافة إلى ذلك يعزز دور النيابة العامة و يضعف مكانة قضاء الحكم ، و بالتالي يزيد من هدر معايير المحاكمة العادلة . و هذا كله ، ليس من أجل تكريس الاستبداد ، كما قد يتبدى الأمر ، إذ لا مجال بعد الآن إلا للبناء الديمقراطي ، و لكنه اختيار قد تتداخل فيه عدة عوامل منها : العمل بأقل تكلفة عكس ما تتطلبه الكفاءة الأمنية المهنية و بالتالي دون جهد غير عضلي و دون ذكاء؛ إثبات أهمية المخططين و المسؤولين الأمنيين الحاليين و إشاعة مزاعمهم بخصوص حماية السلطات العليا و إبراز ادعاءاتهم في شأن قدرتهم على التدخل في الوقت المناسب لإنقاذ البلاد و مؤسساتها ؛ تهويل نتائج الخرجات الأمنية المضبوطة زمنيا لرهن الانتظارات التنموية الكبرى للبلاد في مختلف المجالات إلى آجال غير مسماة .. ○ ألا تدعو نازلة "حل حزب البديل الحضاري"، بهذه السهولة و الطريقة المتسرعة، إلى المطالبة بإعادة النظر في قانون الإرهاب في اتجاه الإلغاء؟ ● لنستحضر نوازل أخرى متعددة و كثيرا ما تتكرر ، مثل التنصت و الاختطاف و التعذيب و غيرها ،،، و هي نوازل منظور إليها مفردة أو جمعا ، تستدعي بلا شك القيام بحملات مكثفة من أجل الإلغاء التام لقانون الإرهاب و أنسنة القانون الجنائي و مسطرته ، و ذلك خاصة و أن عملية إجازة قانون الإرهاب من قبل البرلمان قد تمت في أجواء ترهيبية . لكن لنستحضر أيضا ، من جهة ، أن إلغاء قانون الإرهاب هو مطلب تستحيل تلبيته سواء على المدى القريب أو البعيد ما دام كل شيء يؤكد على أن الفعاليات السياسية و في مقدمتها الأحزاب بشقيها الحكومي و المعارض بالإضافة إلى البرلمان و المؤسسات المسماة بالوطنية ذات الصلة بتعزيز حقوق الإنسان في البلاد لن تنخرط في هكذا مطلب. و من جهة ثانية، أن منهجية سن القانون النابليونية في بلادنا ، إحداثا أو تعديلا ، هي جد معقدة ، بحيث يستدعي الأمر سنوات طويلة ، و ذلك خاصة و أن هذا القانون لم يوضع أصلا ليكون مؤقتا بل أدمج بالتمام و الكمال ضمن مدونة القانون الجنائي ليصبح مصيره مرهونا بمصير كل هذه المدونة . و من جهة ثالثة ، أن انخراط المغرب في عولمة ما يسمى بمكافحة الإرهاب يلزمه بجملة من المسؤوليات الداخلية و الجهوية و الدولية تزيد من لا جدوى المطالبة بالإلغاء . غير أنه ، و في مقابل ذلك ، تبقى ، مثلا ، عملية المطالبة بإخضاع التنصت للإشراف و المراقبة من قبل القضاء أو لجنة برلمانية ممكنة ، بالنظر إلى أنها لن تحرج الأحزاب السياسية خاصة و أن مرشحي كل هذه الأحزاب للانتخابات التشريعية الأخيرة قد ذاقوا مرارة نتائج التسيب في هذا التنصت ، بحيث أن نسخا من تسجيلات لمكالمات كانت قد أصبحت محط التداول بين الناس حتى في الشارع العام . و أن المطالبة بإلغاء و تجريم كل من الاختطاف و التعذيب و بمعاقبة ممارسي أحدهما أو هما معا و تعويض ضحاياهما لن تحرج هي بدورها أي أحد و ذلك خاصة و أن الدولة المغربية هي طرف في الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب و وقعت قبل سنة على الاتفاقية الدولية لمنع الاختفاء القسري و حماية الناس منه .. كما أن المطالبة بألا تبقى وزارة الداخلية أو غيرها من الأجهزة الإدارية أو ذات الاختصاص الأمني تجمع بين صفة طرف في القضايا الجارية و صفة حكم فيها ، لن تحرج لا الأحزاب السياسية و لا البرلمان و لا المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان . ختاما ، و إلى أن تشرع هذه الجهات في القيام بهذه المهمات غير القابلة للتملص منها مدعومة بخبرات الهياكل الحقوقية الوطنية المستقلة و غيرها ، جدير بالذكر أن المطالبة في شكلها الاحتجاجي وحده كثيرا ما تسيء للقضايا النبيلة المطروحة، لذلك يكون من الأنجع بذل جهد فكري ، تأملي ، مقارن ، اقتراحي ، قابل للتوافق و الإنجاز قبل برمجة خطوات و أشكال أية فعالية من فعاليات تلك المطالبة . ☺ المصطفى صوليح El Mostafa Soulaih كاتب ، باحث ، و مؤطر في مجال التربية على حقوق الإنسان و المواطنة من أطر اللجنة العربية لحقوق الإنسان ( باريس فرنسا ) .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.