أثارت مذكرات رجل المخابرات المغربية السيد أحمد البخاري زوبعة وسط الحقل السياسي المغربي، لكشفه حقيقة بعض " الزعماء" الذين نصبهم المخزن على رأس " أحزاب سياسية" تآمرت على الشعب المغربي لأزيد من أربعة عقود ونصف. تلك الأحزاب التي زرعها المخزن في الجسد السياسي لضرب الحركة الوطنية وتقزيم دورها السياسي. حركتنا الوطنية عي الحركة الوحيدة في التاريخ المعاصر وربما على امتداد تاريخ الصراع السياسي، كافحت دون استيلامها للسلطة لأسباب معروفة لا يسمح المجال بذكرها. فالأحزاب التي كافحت وشكلت إطارا للحركة الوطنية هي حزب الاستقلال، حركة المقاومة وجيش التحرير- هذان المكونان رغم ارتباطهما بحزب الاستقلال إسميا إلا أنهما شكلا إطارا تنظيميا مستقلا عن قيادة حزب الاستقلال – وحزب الشورى والاستقلال والحزب الشيوعي المغربي، وما سواهم لا وجود له إطلاقا اللهم بعض أحزاب الأعيان التي كانت موالية للاستعمار والذين دفع المخزن ببعضهم لرئاسة " أحزاب سياسية" وهؤلاء من سلالة الإقطاع وخدام الاستعمار ومن ضمنهم السيد المحجوبي احرضان، فوالده كان من قواد الاستعمار كما انه كان من العناصر المغربية التي حاربت إلى جانب القوات الاستعمارية في مواجهة حركة التحرر الوطني في العديد من المستعمرات وبقي السيد احرضان مرتبطا بالدولة الاستعمارية ومخابراتها بعد الاستقلال الشكلي ينفذ توجيهاتها من خلال ممارسته السياسية فقد حاول هو وزمرة من أصحابه وأشياعه، تفتيت الوحدة الوطنية للشعب المغربي بتأجيجه للنعرة الطائفية التي واجهها الشعب المغربي في سنة 1930 من خلال الظهير البربري المشئوم باعتباره مؤامرة استعمارية تستهدف تمزيق وحدة الشعب المغربي في مقاومته للاستعمار. لقد حاول السيد المحجوبي احرضان استغلال الاغتيال الغادر للشهيد عباس المسعدي لضرب حزب الاستقلال، وخاصة القائد المناضل الشهيد بنبركة وذلك بإيعاز من المخزن ومخابراته والمخابرات الاستعمارية، كما ساند هذا [الزعيم] حركة التمرد لعامل إقليم تافيلالت عدى أوبيهي و بمباركة وزير الداخلية آنذاك لحسن اليوسي الذي فر إلى اسبانيا بعد انفجار التمرد، وهذه المساندة لم تكن سرا بل كان جهرا وجهارا.من المعلوم أن حركة عدى اوبيهي كان الهدف منها ضرب الحركة الوطنية وذلك بإيعاز من بعض الأطراف داخل المغرب التي كانت تعارض وترفض تسلم الحركة الوطنية للسلطة وذلك بتحالف مع الاستعمار الذي دعم حركة التمرد بالأسلحة والذخيرة والأموال.السيد المحجوبي احرضان سجله حافل ب[المنجزات] المناهضة للشعب المغربي وطموحاته المشروعة، وتجلى ذلك في تأسيسه لما عرف في تاريخنا السياسي ب[جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية] بقيادة وزير الداخلية آنذاك رضي اكديرة وبدعم من الجنرال الدموي اوفقير وبمساهمة رفيق احرضان الدكتور عبد الكريم الخطيب وعبد الهادي بوطالب واحمد بنسودة وادريس السلاوي واحمد باحنيني وعبد الرحمان الخطيب شقيق الدكتور الخطيب وغيرهم، فهؤلاء هم من سلطوا عناصر إجرامية على العديد من المناضلين والمواطنين لإرهابهم على مستوى التراب الوطني حتى يدعنوا للتصويت على[جبهة الدفاع على المؤسسات الدستورية] ومرشحيها من المرتزقة والخونة.وهكذا تم حرق المواطنين في منطقة الغرب حيث كان يرأس عمالتها احمد بن سودة حتى إن الزعيم الوطني المرحوم علال الفاسي رفض مد يده لابن سودة قائلا له: لن اسلم على من احرق المسلمين كما استعمل المسخرون من طرف قيادة الجبهة السيئة الذكر العصي والسلاسل وهتك أعراض المواطنين والمناضلين حيث وصل الأمر في منطقة الشياظمة بإقليمالصويرة اقتياد المناضلين والمواطنين وإرغامهم على درس الشوك حفاة سنة 1963 أما الادعاء بمعارضة احرضان لرضا اكديرة فأسبابها معروفة حيث طالب احرضان بحصة من الحقائب توازي حصته من النواب الذين زور لهم اكديرة مقاعدهم، لكون الأخير كان وزيرا للداخلية، حيث حصل الحركيون حسب نتائج اكديرة أغلبية مقاعد الجبهة في البرلمان في حين أن أصحاب اكديرة حصلوا على أغلبية الحقائب الوزارية في حكومة احمد باحنيني دون أن يكون لهم ما يوازيها على مستوى مقاعد البرلمان المزور، كانت هذه من الأسباب التي أدت إلى الصراع مع اكديرة ذلك الصراع الذي انتهى بالانقلاب الذي نظمه اكديرة ضد احرضان بمسرح محمد الخامس في منتصف عقد الثمانينات والتجاء الأخير إلى أسبانيا.كما ان احرضان وأصدقاءه المؤسسون لجبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية هم من وقفوا مع المخزن بعد قمع الحركة الاتحادية سنة 1963 لإرجاع أملاك الخونة . وبعد القمع الدموي الشرس لسنة 1973 أعلن المخزن وبمباركة حوارييه عن سياسة المغربة التي تمت بواسطتها توسيع قاعدته الاجتماعية على حساب القوى التقدمية والديمقراطية بعد العزلة التي عاشها النظام المخزني إثر المحاولتين الانقلابيتين لسنتي 1971 و 1972 وانتفاضة 3 مارس 1973.كما ان المحجوبي احرضان وحلفاءه ساندوا عملية تعويض المعمرين عن أملاكهم التي اغتصبوها من الشعب المغربي منذ عقد الحماية والتي تم توزيعها على الخونة وكبار موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين والمستنفدين في أجهزة الشرطة والمخابرات وهذا التعويض تم على حساب المال العام ودون إرجاع تلك الأراضي لأصحابها الشرعيين مما خلف أحداثا دموية كما هو الحال في منطقة أولاد اخليفة ومنطقة تسلطات بمراكش. أما رفيقة الدكتور عبد الكريم الخطيب فقد شارك في كل المؤامرات التي نفذها [الزعيم] الحركي وحقيقة هذا الدكتور وعلاقته بحركة المقاومة وجيش التحرير فقد رواها لي المرحوم السي محمد بن موسى الذي توفي باكادير في ربيع 2004 والذي هو احد المؤسسين الفعليين لحركة المقاومة وجيش التحرير والذي قضى أزيد من عقد في سجون النظام.قلت أكد لي هذا المقاوم الكبير بعد خروجه من السجن صحبة سعيد بونعيلات في ماي 1972 وبمدينة أسفي بمناسبة استضافته من طرف المناضلين الاتحاديين بقوله: إن الدكتور عبد الكريم الخطيب كان دوره في المقاومة لا يتعدى الدعم المالي والعلاج وقال كذلك:[اليوم الذي كنا نأتيه إلى عيادته كان يسلمنا دخله في ذلك اليوم].أما عن مسؤوليته كرئيس للمقاومة وجيش التحرير فذلك ناتج عن الصراع الذي كان بين أجنحة هذه الحركة، والذي كان مكلفا بتأجيجه بارتباط مع القصر، علما أن انطلاقة جيش التحرير كانت في فاتح نونبر 1955 وكانت عودة محمد الخامس في 16 نونبر من نفس السنة حيث انسحب جيش التحرير بعدها من المناطق التي كانت تحتلها فرنسا في اتجاه المناطق المحتلة جنوبا من طرف الاستعمار الأسباني، وقد كان الدكتور الخطيب وبتحريض من القصر يناهض هذا التوجه لكون الأخير وبارتباط مع جهات خارجية يتوجس من هذا الوجود، لأنه كان يدرك أن انتصارات جيش التحرير في الجنوب من شانها التأثير على القرار السياسي . ومن المعلوم أن جيش التحرير واصل كفاحه وعملياته الفدائية إلى قلب الصحراء المغربية على أمل تحريرها وتحرير موريتانيا باعتبارهما آنذاك جزءا من التراب الوطني والذي كانت حدوده ممتدة لغاية نهر السنغال.وسجل الدكتور الخطيب حافل بما قدمه للمخزن في مرحلة الصراع بين القوى التقدمية والديمقراطية من جهة والمؤسسة المخزنية من جهة أخرى، فقد تم توظيفه لتأجيج الصراع داخل حركة المقاومة وجيش التحرير، ويحق لنا أن نتساءل عن مبلغ 300 مليون من السنتيمات التي أودعها الدكتور الخطيب في احد بنوك الرباط والمتواجد بشارع علال بن عبد الله والذي كان كل موظفيه من غير المغاربة كان ذلك في سنة 1962 فهذا المبلغ الضخم في تلك المرحلة من أين له به؟ كما كان له دور بارز في تأسيس [جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية] صحبة أعزائه الذين نكلوا بالمناضلين والمواطنين مقابل رئاسته لأول برلمان مزور في تاريخ المغرب السياسي الحديث وواصل الدكتور الخطيب [خدماته الجليلة] بتقديم الدعم اللوجيستيكي للمجرم النعماني الذي اشرف على اغتيال شهيد الحركة الاتحادية عمر بن جلون هو وثلة من القتلة المجرمين وذلك بتحريض القتلة وإيواء النعماني بضيعته بإقليمالجديدة ولولاه لقضى النعماني مع باقي القتلة المجرمين العقوبة التي لم ترق إلى مستوى الجريمة، ورغم اعتقال النعماني لم يقدم للمحاكمة رغم إبلاغ الملك للفقيد عبد الرحيم بوعبيد نبا اعتقال النعماني وقد صرح الفقيد بوعبيد أمام المحكمة بأنه اخبر من طرف أعلى سلطة في البلاد باعتقال النعماني إلا أن هذا الأخير غير موجود مع المتهمين المجرمين، كما أن ملفه غير موجود ضمن الملفات المقدمة للمحكمة وقد عرف النعماني نهاية مأساوية في حادث سير مدبرة حتى يتم طي ملف من شان استمرار النعماني حيا فضح الدكتور الخطيب وغيره من العناصر المرتبطة والمتورطة في عملية اغتيال الشهيد عمر بن جلون، وقد سبق للعميد الذي اشرف على التحقيق في عملية الاغتيال، بان تم استدعاؤه من طرف إدارة الأمن المركزية، وتم تهديده إن أفشى أسرار ملف اغتيال الشهيد هذه رواية رواها لي الفقيد المناضل الفقيه محمد البصري.كما كلف الدكتور الخطيب بترويض التنظيمات الأصولية داخل المجتمع المغربي، فحاول بداية مد الجسور مع رادكالي العدل والإحسان، إلا انه لم يفلح في ذلك مما دفعه إلى الالتفاف على جناح بنكيران المعروف بعلاقته المشبوهة مع المخابرات التي أكدها الباحث المختص في التوجيهات الأصولية الأستاذ محمد الظريف في برنامج في الواجهة . التي سبق له أن استضاف السيد بنكيران بحضور الأستاذ الظريف، وقد أكد له ذلك من خلال كرونولوجيا [الشبيبة الإسلامية] ، كما أكدها عميد الاستعلامات بالرباط الحاج الخلطي في استجوابه أخيرا مع جريدة الأيام. وهكذا قام الدكتور الخطيب بكراء سقف حزبه الذي كان يسمى ب [الحركة الشعبية الدستورية] الذي تحول إلى حزب [العدالة والتنمية] وبعدها قدم لهم سقف نقابته [الاتحاد الوطني للشغل] الذي أسسها في ابريل 1973 في أوج الحملة القمعية التي تعرض لها المناضلون السياسيون والنقابيون المنتمون إلى التنظيمات اليسارية.لقد أراد المخزن بواسطة الدكتور الخطيب من خلال هذا الكراء التشويش والتضييق على القوى الديمقراطية والتقدمية أملا في تحويل من اكترى السقفين إلى بديل سياسي ونقابي لقوى الصف التقدمي والديمقراطي والمركزيات النقابية المناضلة.هناك بعض أشياع الدكتور الخطيب يقولون أن المناضل الجنوب الإفريقي [نلسون مانديلا] في تقديمه للدكتور الخطيب شهد له ب[الكفاحية] إلا أننا نقول لهم أن المناضل مانديلا لا يعرف حقيقة الدكتور الخطيب كما يعرفها السادة المغاربة الذين عاصروا مسيرته السياسية والمناضلون الذين اختبروا السجون والتعذيب وكانوا من ضحايا مؤامرات الخطيب وحلفاؤه.فمناضلو الصف الوطني والديمقراطي التقدمي الذين عايشوا المراحل التي تلت سنة 1956 لديهم الكثير والكثير عن الدكتور عبد الكريم الخطيب ويعرفون عنه انه شارك في كل المؤامرات التي تعرضت لها الحركة الجماهيرية بدءا من اغتيال الشهيد عباس لمسعدي وأحداث الريف وحركة عدى اوبيهي وتصفية جيش التحرير وتأسيس [جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية] واغتيال الشهيد عمر بن جلون ومساوئه الكثيرة التي مست الحركة الجماهيرية.ففي الوقت الذي كان يشارك الدكتور الخطيب وبإيعاز من المخزن في تصفية الحركة الجماهيرية كان المناضل نيلسون مانديلا مغيب في سجون نظام الابارتايد، والجميع يعرف هزالة الإعلام في تلك المرحلة وخاصة بالنسبة لأشقائنا الأفارقة والعرب المشارقة، وبالمناسبة سأروي نكتة وقعت فعلا في سنة 1964 ليعلم القارئ ضعف الإعلام المشرقي والإفريقي وتخلفه كما كان يجري آنذاك في المغرب على عكس الإعلام الغربي الذي كان متقدما، إضافة إلى قربنا من القارة الإفريقية والنكتة هي كما يلي:بمناسبة زيارة الملك الحسن الثاني لمصر لحضور مؤتمر قمة دول عدم الانحياز الذي عقد في الإسكندرية وكان بصحبته الوزير رضا اكديرة الذي أجرت معه جريدة مصرية حوارا حول الأوضاع في المغرب، وقد كان آنذاك رضا اكديرة أسس حزبه[الاشتراكي الديمقراطي] فقد صرح لتلك الجريدة انه حال عودته للمغرب سيستقيل من مهامه الحكومية ليتفرغ لنشر الفكر الاشتراكي!.والدكتور الخطيب ينحدر من أسرة واسطية أي بمعنى أنها من المغرب الأوسط وهي الجزائر حاليا، ومن المعروف أن الوسطيين جلبهم الاستعمار ليسهلوا مأمورية العلاقة مع المغاربة ووظفهم كمترجمين بينه وبين السكان المغاربة.من خلال ما أدرجناه أعلاه يتضح أن الخطيب واحرضان هما من سلالة الوجهاء الذين عاشوا كأسياد أيام الاستعمار وبعد الاستقلال الشكلي أيضا.هناك بعض الناس تذرف الدموع، لكون السيد احمد البوخاري كأحد عناصر المخابرات قدم مساهمة في إعادة كتابة التاريخ المعاصر للمغرب، فالمعطيات التي قدمها السيد البوخاري تدخل ضمن المصادر التاريخية فتاريخنا المعاصر سبقت كتابته بشكل مغلوط من طرف مؤرخي البلاطات وهو تاريخ جراحات و انكسارات لابد من الكشف عنها حتى تتم الإجابة عن تساؤلات المواطنين عن الأسباب الحقيقية التي جعلت أوضاعنا تتسم بالقهر والمرارة.ملاحظة لابد منها:إن ما رواه السيد احمد البوخاري رجل المخابرات المغربية في سنوات الجمر، ليس بريئا فاعتقد أن المعطيات المنشورة وبتلك الدقائق والتفاصيل هي معطيات سلمت له من جهة ما في إطار الصراع بين مجموعة الحرس القديم من المخابرات ومجموعة مخابرات الحرس الجديد، إضافة إلى أن الدولة مطالبة بالكشف عن الحقيقة فإنها أوعزت إلى عناصرها من الحرس الجديد بإعطاء الضوء الأخضر للسيد البوخاري بالكشف عن بعض حقائق الماضي الدامي الأسود.بقي القول أن هناك بعض الأخطاء التاريخية أوردها البوخاري كاعتقال السيد اليازغي في 1963 فالسيد اليازغي لم يعتقل في 1963 وإنما في اعتقل في سنة 1971 وأطلق سراحه قاضي التحقيق آنذاك الأستاذ محمد عبد الخالق بابنة المحامي ألان بمراكش كما أن الشهيد عمر بن جلون لم يعتقل ضمن المجموعة التي حوكمت في محاكمة مراكش الكبرى سنة 1971 بل كان ضمن هيأة الدفاع ، أما إبراهيم العبدي الذي كان ضمن الثلاثة الذين اغتالوا الشهيد عباس المسعدي فيعرف بأسفي بإبراهيم ولد الميسية .