مجلس النواب يصادق بالإجماع على 27 اتفاقية دولية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    العملاق ‬البريطاني ‬‮"‬ساوند ‬إنرجي"‬ ‬يعد ‬ببداية ‬الإنتاج ‬التجاري ‬للغاز ‬بالمغرب ‬في ‬الخريف ‬المقبل    أكادير تحتضن النسخة السابعة من معرض "أليوتيس" للصيد البحري    متى ‬ستسحب ‬سوريا ‬الجديدة ‬اعترافها ‬بالجمهورية ‬الوهمية ‬؟    ترامب يجدد دعوته لضم كندا ويعلق الرسوم الجمركية مؤقتًا    هاكرز يخترقون أنظمة مرتزقة البوليساريو ويخطون عبارة "الصحراء مغربية"    فرنسا.. بايرو ينجح في إقرار الميزانية ويفلت من حجب الثقة    الدولي المغربي آدم أزنو ينتقل إلى بلد الوليد الإسباني    التونسي لسعد جردة الشابي مدربا جديدا للرجاء    السرقة والتهديد بالسلاح الأبيض يطيحان بثلاثة أشخاص بأولاد تايمة    اعتقال جانح في خنيفرة بعد مواجهة استخدم فيها الرصاص    سفيان البحري.. رحل عن دار الدنيا فجأة: كيف عاش أيقونة التواصل الاجتماعي لحظاته الأخيرة    مجلس النواب يصادق على مشروع قانون يتعلق بمدونة الأدوية والصيدلة    رسوم صينية تطال واردات أمريكية    نظام جنوب أفريقيا يتقرب من الحكومة السورية الجديدة بعد سنوات من دعمه لبشار الأسد    انتشال جزء من جسم الطائرة بعد الكارثة الجوية في واشنطن    دول عربية تجدد رفضها تهجير سكان غزة في "رسالة مشتركة" لوزير الخارجية الأمريكي    المدير العام للمنظمة اليابانية للتجارة الخارجية: المغرب يوفر بيئة أعمال ذات جاذبية استثنائية    تبون يعترف بلسانه بواقع النظام الصحي الجزائري.. الفشل والوعود الفارغة    التونسي الشابي مدربا جديدا للرجاء البيضاوي خلفا لحفيظ عبد الصادق    أميان الفرنسي يعلن تعاقده مع آيت بودلال على سبيل الإعارة من رين    العصبة تتراجع عن تقديم مباراة الوداد والحسنية    ياسين بونو يتوج بجائزة أفضل حارس في الدوري السعودي    نقابيو بني ملال يقرّرون التظاهر يوم "الاضراب العام" تضامناً مع حراس الأمن الخاص المطرودين من العمل    الرباط: مجلس المستشارين يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    توقعات طقس اليوم الثلاثاء بالمغرب    كيوسك الثلاثاء | تكلفة الإيجار بالمغرب أرخص من 118 دولة في العالم    الرباط: تنصيب الأعضاء السبعة الجدد بأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات    مطارات المغرب استقبلت نحو 32 مليون مسافر خلال سنة 2024    إسبانيا.. توقيف 7 أشخاص يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم "داعش" بالتعاون الوثيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    فرقة مسرح سيدي يحيى الغرب تحتفي بكتاب "الذاكرة السياسية والعدالة المغرب/ الأرجنتين    الشيخ بلا يكتب : "إلى الأصوات التي أدمنت التجريح في كل شيء جميل ..! "فقراء إداولتيت" تراث عريق يستحق الاحتفاء والتثمين"    أولاد تايمة.. توقيف 3 جانحين في قضية سرقة باستعمال السلاح الأبيض    أمطار الخير تنعش آمال الفلاحين بإقليم الحسيمة بعد سنوات الجفاف    بنسبة تزيد عن 20%.. الجهة الشرقية تسجل أعلى معدلات البطالة    بورصة البيضاء تنهي التداول بالأحمر    الشرطة الهولندية تلقي القبض على البطل العالمي بدر هاري في أمستردام لهذا السبب    الذهب يسجل مستوى قياسيا مرتفعا مع زيادة الطلب بعد رسوم ترامب الجمركية    أكثر من مليوني مغربي يرتادون السينما في 2024 وعائدات تصوير الأفلام الأجنبية ترتفع إلى 1.5 مليار درهم    "بوحمرون" يستنفر المدارس بعد العطلة .. والوزارة تتمسك بتدابير صارمة    إسبانيا.. بدء محاكمة روبياليس في قضية "القبلة" المثيرة للجدل    ثورة علمية : رقاقات قابلة للزرع لعلاج قصور القلب    "أمر دولي" يوقف فرنسيا بمراكش    "دوغ مان" في طليعة شباك تذاكر السينما بأمريكا الشمالية    سناء عكرود تعرض فيلم "الوصايا" عن معاناة الأم المطلقة    خيرات تدخل السايح إلى المستشفى    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    مستحضرات البلسم الصلبة قد تتسبب في أضرار للصحة    أطباء مختصون يعددون أسباب نزيف الأنف عند المسنين    استئناف محاكمة أفراد شبكة الاتجار الدولي بالمخدرات التي يقودها رئيس جماعة سابق    تفشي بوحمرون : خبراء يحذرون من زيادة الحالات ويدعون إلى تعزيز حملات التلقيح    النجمة بيونسيه تفوز للمرة الأولى بلقب ألبوم العام من جوائز غرامي    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ارض المجاهدين آثار وعمارة
نشر في أسيف يوم 02 - 02 - 2007

كما في عديد المرات التي زرنا فيها قرى دكالة نمضي هده المرة في ارض سيدي مصباح التي تترامى رحيبة في قلب مدينة الجديدة فتنوع محيطها الجغرافي وغنى موروثها التاريخي يجعلها في مستوى التحديات التي يرفعها المغرب ،قادرة على منح زوارها ذهولاً لا ينقطع يتولد منذ أن تطأ قدمك أرضها البكر وحتى موعد المغادرة ولعل هذا ما حدا بمستثمر فرنسي إنشاء دار للضيافة بجوار ارض المجاهدين الأرض التي كانت مهداً لمقاومة الاستعمار البرتغالي صعدت بنا السيارة الى الجنوب الشرقي من مدينة الجديدة على بعد خمس كلمترات في اتجاه مدينة آزمور فوق منخفض أرضي وجدنا آثار مدينة وسط قرية فقيرة وبسيطة يمكن لكل زائر أن يمسك فيها بملامح الطبيعة البكر وبتاريخ مجاهدين مغاربة ،قضينا بعض الوقت نقلب في زواياها نشم عبق الطبيعة و التاريخ المغربي وننهل من منابعه أصالة الحضارة المغربية فوجدنا أنفسنا أننا في القلب التاريخي الدكالي يضن علينا بالإجابات شح المصادر التاريخية فما تبقى فيها من أسوار ومسجد يجعلك تقف على حقيقتين ثابتتين ، أولهما أن هذا المكان ماكان ليصل لما هو عليه الآن من حالة التردي والابتذال بسب يد الإنسان وتقلب الزمان لولا الإهمال واللامبالاة
والحقيقة الثانية هي ان هده المنطقة تعد رهانا حقيقيا لتطوير وتنمية السياحة القروية، هذا النوع من السياحة الذي يستقطب سنويا على المستوى العالمي نحو 150 مليون سائح من بينهم 50 مليون سائح ينتمون للقارة الأوربية ، بيد أن المغرب لا يستفيد منها إلا بنحو 150 ألف سائح أجنبي تنقسم وجهاتهم ما بين مناطق الأطلس والصحراء والريف فجولة قصيرة لهده المعلمة كافية ليقتنع زوارها أنها عربية الهندسة والبناء والتصميم و أن قائمة أمثلة التدهور والتردي التي تتعرض له معالمها التي تتضمن شواهد من تاريخنا الإسلامي والفني والعسكري طويلة لا يكاد يستثني شئ ومع دالك لن يفلح النسيان الجارح في التقليل من أهميها، تقول عنها المصادر التاريخية أنها كانت منطقة لتجمع المجاهدين الذين كانوا يهاجمون البريجة المحتلة من قبل البرتغاليين، لتكون مدينة للمجاهدين الذين وجدوا موقعها الاستراتيجي مكانا حصينا تتجمع فيه قوافلهم التي كانت تنطلق منها لمقاومة الاحتلال البرتغالي للمغرب، وهكذا فقد اختير موقع المدينة لتكون مركزا لتخطيط العمليات الحربية للدفاع والهجوم، في مأمن من غارات المعتدين، وبذلك أصبحت مركز قيادة وملتقى تجمع المجاهدين ومقر سكناهم و لازالت قبور البعض منهم شاهدة على بطولتهم و أمجادهم التاريخية بمدينة آزمور مثل سيدي الضاوي و سيدي داود و سيدي غانم، عندما لامست أقدامنا ارض هده المدينة المتربة سري في داخلنا دبيب اللحظات الضائعة، فمن أين يبدأ البصر جولته ؟ وكيف يستريح الفضول الذي تبعثه المعلمة في النفس ؟ كل شئ فيها استقر في خرابه يجتر نسيانه ينجرف نحو العفونة والقادورات واكوام الاتربة والاحجار، وقفنا حائرين أمام أعمدة المسجد نجهل إن كان غير مسقوف او انهار سقفه، و بالرغم من حالة التردي التي يبدو عليها المسجد فلا زال شامخا وسط المدينة، و أما الأسوار فانمحت في أكثر أجزائها، أشلاء الحجارة و الأتربة متناثرة هنا و هناك ويبدو أن هناك تشابها في عناصره المعمارية و الزخرفية مع سائر المساجد المغربية ،لقد كان المفكر الفرنسي روجيه غارودي يقول: "جميع الفنون في الإسلام تصب في المسجد والمسجد يدعو إلى العبادة حتى لتكاد أحجاره تصلي ،وهاهي أحجار مسجد المجاهدين تصلي لتتخذ السلطات وكل معني بترميم وإعادة الاعتبار للمآثر المغربية الإسلامية بشأنها الإجراءات ،ثم نجيل البصر ، فيأخذنا المنظر الداخلي للمسجد إلى بهاء إسلامي أخر ،ساحة المدينة بكل ما فيه من قدسية ووضوح، حيث بدت تجليات الفنان المسلم في أبلغ صورها ، وتحوم حولنا أسراب لا تهدأ من العصافير،وما أن خرجنا إلى الرحاب المضاءة بشمس تصهر خيوطها رؤوسنا، حتى وجدنا نفسنا منطلقين بين الأحراش والاحواش ،توغلنا أكثر،فوجدنا في الجنوب الشرقي من المسجد فوهة شبيهة بفوهة بئر أو مغارة ،يقول عنها سكان المنطقة أنها فوهة سرداب طويل توشك أن يغلق فوهتها الأشواك. تسلقنا فوهة الصخرة وهبطنا بضع أمتار إلى جوف المغارة المظلم ،لم نكن مسلحين بعدة أو عتاد فولينا الأدبار،هواء رطيب وظلمة الأرض تغوص فيها مرافئ الزمان وتطفو، وحسب ما ذكره الشياظمي في ترجمته لكتاب مدينة آزمور و ضواحيها فان منازل السكنى في هده المدينة يظهر أنها كانت تمتاز بصغر حجمها باستثناء القصبة التي توحي بشيء من العظمة، و تقول نفس المصادر التاريخية أن مدخل المدينة الذي تكاد تضمحل معالمه في هذا المكان قد كان من الجنوب و أمامه "كركور" من أنقاض الجدران و على هذا "الكركور" راية بيضاء قال الشياظمي: إن رجلا مسنا كان يرعى أبقاره وسط هذه الأطلال وهذا العلم كان للمجاهدين، و زاد قائلا أن هذه القصبة هي دار القائد إسماعيل دون أن يضيف شيئا آخر.و يذكر أن الشياظمي حسب ترجمته لكتابه أنه زار هذه الاثارو كرر زيارتها فيما بعد.هذا إذن ما حكاه الشياظمي و هو وصف يعود إلى بداية القرن العشرين أما الموقع اليوم فقد أصبح عبارة عن خلاء وسط طبيعة منسية لا نعثر إلا على بقايا الأسوار التي لا تزال قائمة و المسجد الذي انهار سقفه ولازال يقاوم عوادي الزمن.وهبطنا من المدينة والأسوار لنستكمل طوافنا بأرجاء هذه المدينة وفي طريقنا التقينا امرأة عجوز كانت مستغرقة في رعي أغنامها هي احد سكان المنطقة البسطاء ،فعادت بالذاكرة إلى يوم كانت في العاشرة من عمرها،قالت أن مدينة المجاهدين كما أراها اليوم هي ليست كما كانت عليه قبل سنوات عندما كنت أعيش فيها ،إنني أراها اليوم وقد تغيرت كثيرا عما كانت عليه إذ طالها التهميش، ولم يبق فيها إلا روحها وطبيعتها البيئية الجميلة وان أهل المنطقة كما لازالوا إلى اليوم يقيمون داخلها الأفراح يوم السابع من العيد النبوي فتكثر في المنطقة المنتزهات البرية التي تلبس أحلى الحلل وأجمله تيمنا ببركة مجاهديها الأبرار،وكان أهل المنطقة ولايزالون يتبركون من تراب مدينة المجاهدين بمسح بعض منه على مرضى اللوزتين منهم خصوصا الأطفال ويذكر المواطن محمد الشعيبي من سكان الجديدة وأحد المهتميين والزوار الدائمين للمنطقة الذين تستهويهم تلك الآثار أن ما شاهده من معالم أثرية واعراف وتقاليد في إقليم دكالة يعد من أبرز الآثار عالميا، ، ولم يخف دهشته من عظمة تلك الأبنية وكيف استطاعت تلك السواعد القوية قص وحمل تلك الصخور إلى تلك المواقع، وأعرب أن تلك المعالم والقلاع تستحق المسارعة للحفاظ عليها ، فهو يعتقد أن تلك المآثر إذا ما تساقطت فإنه من الاستحالة إعادتها إلى سابق عهدها وأضاف قائلا : أستغرب تغييب هذه المآثر المهمة و القلاع الأثرية إعلاميا، فهي جديرة بإبرازها. كما أبدى استغرابه من عزوف رجال الآثار عن دراسة تلك القلاع وطرق بنائها الفريدة، كما تمنى على وزارة الثقافة ووزارة السياحة الإسراع في الحفاظ على مدينة المجاهدين، فهي كنز لا يقدر بثمن إن المحافظة على هده المعلمة واجب وطني تحتاج إلى التدخل للحفاظ على ما تبقى منها وإصلاح الأضرار التي لحقت بها فتركهما للزمن وعوامله الطبيعية وأيضا ليد الإنسان هو تفريط في ثروة وطنية مهمة لا سيما ونحن نتحدث على تنمية سياحة تقوم على الاستفادة من كنوز وتراث وطبيعة هذا الوطن وما هده الآثار وغيرها سوى نذر يسير من قلاع وقرى كثيرة تكتنزها منطقة دكالة

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.