•ولد عام 1920. •بدأ نشاطه السياسي مبكرا في حزب الاستقلال. •في عام 1959 انفصل عن حزب وأنشأ الاتحاد الوطني للقوى الشعبية. •عين رئيساً للمجلس الوطني الاستشاري. •بسبب معارضته لسياسة الحكومة، اضطر للرحيل إلى جنيف. وبعد وفاة الملك محمد الخامس قرر العودة. •انتخب عام 1962 نائباً في الدارالبيضاء. •اختطف واغتيل في باريس يوم الجمعة 29 أكتوبر/ تشرين الأول 1965. ولد المهدي بن بركة في الرباط في يناير 1920 ، كان أبوه تاجرا صغيرا يبيع السكر والشاي ، في حي بوقرون ، قرب زاوية سيدي قاسم. بدأ دراسته في المسجد، قبل أن يدخل مدرسة لعلو، ثم كوليج مولاي يوسف ، فثانوية كورو . كان المهدي بن بركة بشهادة أساتذته وأصدقائه تلميذا متفوقا في الرياضيات و التاريخ والعلوم واللغة الفرنسية. بدأ حياته السياسية في إطار كتلة العمل الوطني ، وهو في سن الخامسة عشر ، كان من المواظبين على "الورد" في ضريح سيدي العربي بن السايح، وكان عضوا في الفرقة المسرحية التابعة لقدماء المدرسة اليوسفيةبالرباط، ومثل أدوارا في مسرحيتي "لقيط الصحراء" و"غفران الأمير". حصل المهدي بن بركة سنة 1939 على القسم الثاني من الباكلوريا في الرياضيات. كان من المفروض أن يلتحق بجامعة باريس ، لكن قيام الحرب العالمية الثانية ، دفعته إلى التوجه إلى الجزائر ، حيث حصل هناك سنة 1942 على الليسانس في الرياضيات. وابتداء من السنة الدراسية 942-1943، بدأ حياته المهنية بالكوليج المولوي وثانوية كورو بالرباط . اعتقل بن بركة مباشرة بعد مظاهرت يناير 1944، و بعد التوقيع على وثيقة المطالبة بالاستقلال. بعد خروجه من السجن سنة 1945 ، سيعين مديرا إداريا للجنة التنفيذية لحزب الاستقلال ، ليشرف بعد ذلك على تحضير إصدار جريدة العلم ، وتحديد خطها السياسي. قدم المهدي بن بركة وعبد الرحيم بوعبيد مذكرة عن الحالة بالمغرب إلى الأممالمتحدة ، التي كان يوجد مقرها في البداية بباريس . اعتقل في فبراير 1951 ، وفرضت عليه الإقامة الجبرية في المنفى ، ليطلق سراحه في أكتوبر 1954 . لعب الرجل دورا بارزا في الاتصالات التي تمت مع عدد من الأوساط الفرنسية المساندة لاستقلال المغرب ، لبحث إمكانية استقلال المغرب ، موازاة مع حركة المقاومة التي انتشرت في عدد من المناطق بالمغرب. استطاع بن بركة أن يحافظ على عدة توازنات داخل حزب الاستقلال الذي عقد مؤتمرا في ديسمبر/كانون الاول1955 . انتخب رئيسا للمجلس الوطني الاستشاري بعد حصول المغرب على استقلاله. دخل المغرب منذ سنة 1956 منعطفا جديدا ، كان له الأثر على تشكل موازين القوى في مغرب ما بعد الاستقلال ، وستعكس هذه التأثيرات على حزب الاستقلال أيضا ، الذي عرف مخاضا استمر ثلاث سنوات ، أدت إلى ميلاد الاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1959 . بين 1956 و1959 ، كان المهدي بن بركة ، محاضرا ومنظرا ومشرفا على التنظيم ومحددا للخط السياسي للحزب، وإلى جانب عدد من المحاضرات التي ألقيت في مدن مغربية عدة ، في صيف 1957 كان بن بركة وراء مشروع طريق الوحدة ، الذي تكلف بإنجازه 12 ألف شاب ، ، ويتعلق الأمر بشق طريق طوله 60 كلم يربط بين تاونات وكتامة. كان بن بركة تواقا إلى الاستفادة من تجارب بعض الدول كالصين والاتحاد السوفياتي في توظيف طاقة الشباب من أجل تنفيذ مشاريع اقتصادية واجتماعية كبيرة. تأسس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في 6 سبتمبر/أيلول 1959 ، حين أعلن جزء من مكونات حزب الاستقلال ، في 25 يناير 1959، عن تأسيس الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال ، بعدما عز التعايش بين ما كان يعرف بالجناح اليساري داخل حزب الاستقلال والعناصر النقابية وجناح المقاومة ، وبين أطراف أخرى داخل الحزب. وإذا كان الجناح النقابي وجناح المقاومة ، قد دفعا باتجاه التصعيد ، فإن المهدي بن بركة ، حاول في البداية أن يجد توافقا بين الأطراف جميعها ، لكن يظهر أن الرجل اتخذ قرارا في يوليو/تموز 1958 ، بتبني توجه النقابيين والمقاومين ، ويبدو أن إفشال قيام حكومة علال الفاسي في دجنبر 1958، كانت وراء اتخاذ قرار الانفصال عن حزب الاستقلال. لعب المهدي بن بركة دورا أساسيا من حيث التوجيه التنظيمي أو السياسي للتنظيم الجديد ، ويظهر ذلك من خلال التحكم في مجرى انعقاد المؤتمر يوم 6 شتنبر . عرفت سنة 1960 صراعا قويا بين توجهين داخل الساحة الوطنية المغربية ، تمحور حول المسار الذي ينبغي أن يأخذه المغرب ، خصوصا بعد الإجراءات الاقتصادية والسياسية التي اتخذتها حكومة عبد الله إبراهيم ، وأدى ذلك إلى إقالة الحكومة في مايو/أيار 1960. في هذا الزمن استشعر المهدي بن بركة خطورة التحول الذي سلكه المغرب، ولذلك لم يعد إليه بعد ترأسه لوفد الاتحاد الوطني إلى مؤتمر الشعوب الإفريقية الذي انعقد بتونس ، وتوج التوجه العالمي الجديد لبن بركة، بانتخابه رئيسا للجنة السياسية لمنظمة التضامن الإفريقي الآسيوي ، في شهر أبريل 1960، والتي عقدت مؤتمرها الثاني بكوناكري بغينيا.. حضر بن بركة بالقاهرة ، يوم 23 مارس/آذار، المؤتمر الثالث للشعوب الإفريقية ، وقام بجولة في الشرق الأوسط، مركزا على تحرير الشعوب من الهيمنة الاستعمارية. شارك بن بركة أيضا في المؤتمر الثالث لمنظمة التضامن الأفرو أسيوي ، الذي انعقد في باندونغ . بدا نشاط المهدي بن بركة يأخذ بعدا عالميا من خلال مشاركاته المتعددة في المؤتمرات الجهوية والقارية حول مناهضة الاستعمار وتحرير الشعوب. كان حضور المهدي بن بركة في القاهرة مناسبة للالتقاء مع محمد بن عبد الكريم الخطابي ، ولعب الزعيم الاتحادي دورا كبيرا إلى جانب عبد الله إبراهيم في تغيير عدد من مواقفه حول الاستقلال وحكومة عبد الله إبراهيم ، خصوصا موقف الحكومة من جلاء القوات الأجنبية ، وأحداث الريف التي وقعت أواخر 1958 وبداية 1959 . أصبح إذن المهدي بن بركة مرجعا لمحمد بن عبد الكريم في عدد من القضايا المرتبطة بالمغرب وبحركات التحرر في العالم ، خصوصا منذ تبوأ بن بركة مسؤوليات في عدد من المؤتمرات الجهوية والقارية. عاد المهدي بن بركة إلى المغرب يوم 15 مايو/أيار 1962 ، حيث كان في استقباله في مطار الرباط-سلا ، المئات من مناضلي الحزب ، واستقبلوا هذه المرة ، ليس فقط عضو القيادة الحزبية ، بل أيضا رمزا من رموز مقاومة الاستعمار القديم والجديد على السواء ، واستقبال رجل أصبح له صيت عالمي. لكن الحزب الذي تركه بن بركة في يناير 1960 ، لم يعد نفس الحزب في مايو/أيار 1962، فقد تولد صراع قوي بين الجناح النقابي والسياسي وانفجر علنا منذ نهاية 1961. لاشك أن انعقاد المؤتمر الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، وتقديم بن بركة لتقريره، الذي حمل في صيف 1965 ، اسم الاختيار الثوري، سيطرح أمام بن بركة ومرة أخرى ربط قضايا التنظيم بالمعارك السياسية الكبرى، وأن حضور النقابي بقوة داخل التنظيم السياسي يحد نوعا ما من الأهداف التي يمكن أن يحققها الاتحاد الوطني ، الذي أراده بن بركة إطارا سياسيا أكبر من خارطة المغرب ، بربطه بحركات التحرير العالمية آنذاك ، ويتجلى هذا المنظور في الخطاب الذي ألقاه في اجتماع لمؤتمري إقليمالرباط/سلا . في مقدمة الاختيار الثوري الذي كان بن بركة ينوي نشره في دار الطليعة ببيروت ودار ماسبيرو بباريز ، كتب بن بركة في شهر يوليو/تموز 1965 ، عن ظروف كتابة تقريره في مايو/أيار 1962 ما يلي : " لقد كنا في شهر ماي 1962 – عندما قدمت هذا التقرير للكتابة العامة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية –على وشك عقد المؤتمر الثاني للحزب ( 25-27 مايو/أيار 1962 ) ، وكنت بعد عودتي من إقامة اضطرارية في الخارج، أرى من الواجب أن أبدي لرفاقي خلاصة نقد ذاتي للمراحل التي قطعتها حركتنا من قبل ، مع بعض الخطوط الرئيسية لمهامنا في المستقبل . إن أي حركة سياسية تطمح في أن تكون حركة ثورية لا يمكنها أن تعيش وتنمو إذا هي لم تقم من حين لآخر بتحليل شامل وديناميكي للمجتمع الذي تعمل فيه حتى تستطيع أن تقرر خطتها على أسس علمية ، وأن تتنبأ إلى حد بعيد بأحداث المستقبل ، وقد كنا في حاجة إلى مثل هذا التحليل، ليس فقط لمناسبة شكلية هي انعقاد المؤتمر ، ولكن على الأخص لأننا كنا على أبواب تحول كبير في سير حركتنا التحريرية . والواقع أن مثل هذا التحليل هو ما يطالب به مناضلو الحزب عندما يلحون على قادته بالإفصاح عن برنامج ، وليس البرنامج هنا هو مجموعة التدابير التي يلتزم الحزب باتخاذها عندما يصل إلى الحكم ، بل هو الخط السياسي الذي يوضح معارك الماضي ، وما انطوت عليه من مظاهر النصر والفشل ويرسم ملامح المستقبل . لقد كانت تعترضني وأنا أكتب هذا التقرير عدة أسئلة حرصت على الإجابة عليها ، فكنت أتساءل : كيف يمكننا أن نعد مناضلي الحزب لمعارك المستقبل إذا لم نمكنهم من فهم التيارات التي وجهت الأحداث المعاصرة في بلادنا ، وإذا لم نشرح لهم المعنى الحقيقي للاستقلال ، والظروف التي تحقق فيها ، والأخطاء التي جعلت الحركة التحررية تحرم من مكاسب نضالها ؟ كيف نجعلهم يفهمون التردد الذي طبعت به خطواتنا الأولى بعد إعلان الاستقلال ، إذا لم نكشف لهم النقاب عن المعارك المريرة التي كنا نخوضها لتحقيق أتفه الإصلاحات في الحكومات التي كنا نساهم فيها ؟ وقد اقتنعت بأن العرض الموضوعي لأخطائنا ونقصنا في الماضي هو السبيل الوحيد لإعدادهم لمعارك المستقبل . ولم يكن من المتيسر في حدود هذا التقرير أن أقوم بتحليل نقدي شامل لحركة التحرر الوطني في المغرب ، ولا بعرض دقيق لنشاط الحكومات المتعاقبة بعد الاستقلال ، لكن كان المهم – بالنسبة للغرض من التقرير – الاعتماد على بعض الوقائع أو الأحداث الخاصة لإلقاء بعض الضوء ،مثلا على موقفنا من نقطة تحول هامة في تاريخنا، مثل تسوية إكس ليبان أو لشرح الأسباب الموضوعية والذاتية التي جعلت القيادة السياسية تفلت من أيدينا بينما كنا الأغلبية الساحقة في البلاد حتى نستخلص من كل ذلك العبرة لسلوكنا في المستقبل..." في شهرسبتمبر/أيلول من نفس السنة توجه المهدي بن بركة وعبد الرحيم بوعبيد إلى الاتحاد السوفياتي على رأس وفد حزبي . وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني نظم مهرجان في الرباط للتضامن مع كوباوالجزائر ، ونبه بن بركة أمام جمهور الرباطيين ،إلى أن " هناك مشاكل خطيرة ببلادنا لن يحلها دستور ينزل من السماء أو يطلع من الأرض. المهم هو كيف سنخرج الاستعمار من البلاد ، وكيف نستخرج مليون هكتار من يد المعمرين؟ كيف سنحل مشاكلنا مع الاستعمار الجديد؟ كيف نضمن لبلادنا مكانتها اللائقة بها في إفريقيا والعالم العربي وفي المحيط الدولي..." في يوم 14 من شهر نوفمبر/تشرين الثاني 1962، اجتمعت اللجنة المركزية للحزب بالدارالبيضاء ، وأصدرت قرارا بمقاطعة الدستور ،" بعدما حللت الوضعية التي نشأت عن قرار الحكم المطلق بالقيام باستفتاء في موضوع دستور مصنوع، طبخ في الخفاء وبمساعدة فنيين أجانب في خدمة الاستعمار القديم والجديد. وبعدما درست النتائج التي ستنجم من هذه العملية المزدوجة سواء على الصعيد الوطني أو بالنسبة لمجموع المغرب العربي، تنبه ( اللجنة المركزية) إلى أن ما يسمى بالاستفتاء في نطاق نظام الحكم الفردي الإقطاعي القائم منذ سنة 1960، إنما هو عملية منافية من أساسها للديمقراطية وشكل من أشكال الاختلاس السياسي . إن الحكم المطلق الذي استحوذ منذ مايو/أيار 1960 على الشؤون المالية والاقتصادية وسيطر على الجيش والشرطة وإدارة الشؤون الخارجية والداخلية جاد في تجنيد كل هذه الوسائل للضغط على الشعب المغربي حتى يتأكد سلفا من نجاح العملية......" أصدرت الكتابة العامة في اليوم التالي بيانا حول الحيثيات العملية لقرار اللجنة المركزية حول مقاطعة الاستفتاء . وجاء الجواب سريعا على بيان اللجنة المركزية في شكل محاولة الاغتيال التي تعرض لها بن بركة يوم 16 نوفمبر ، بين الصخيرات و بوزنيقة ، حينما كان متوجها إلى الدارالبيضاء برفقة المهدي العلوي. أصيب بن بركة في عموده الفقري ، ونقل إلى ألمانيا لمواصلة العلاج. ورغم مرضه كتب مقالا ، نشر في التحرير يوم إجراء الاستفتاء ، كان بمثابة محاكمة "للنظام". كان أيضا من الأجوبة على موقف الاتحاد الوطني من دستور 1962، تفجير قنبلة في مطبعة جريدة التحرير.رغم الإصابة في عموده الفقري ، سافر بن بركة إلى تنزانيا ليشارك في مؤتمر منظمة التضامن الإفريقي الآسيوي ، الذي انعقد في الأسبوع الأول من شهر فبراير 1963 شكلت سنة 1963 زمنا صعبا في البيت السياسي المغربي ، استعملت فيه بعض القيادات الاتحادية خطابا قويا ضد حملات القمع الموجهة ضد الحزب من طرف " النظام " و" الحكم الفردي" . من أهم هذه الخطابات، الاستجواب الذي أجرته مجلة جون أفريك مع المهدي بن بركة وعبد الرحيم بوعبيد ، في عدد 8-14 أبريل/نيسان 1963 ، وجاء هذا الاستجواب مباشرة بعد قيام جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية، التي أسسها رضى اكديرة وعبد الكريم الخطيب وأحمد العلوي والمحجوبي أحرضان وآخرون.، وأكد بن بركة وبوعبيد : " أن الخصم الحقيقي هو الذي يرفض أن يقوم بالمهمة التي أسندت له، أي الحكم الذي يجب أن يسمو فوق الأحزاب، والذي تحول إلى زعيم لتحالف المصالح، إننا نتحدث عن الملك، واكديرة ليس إلا ظله، وليس له وجود سياسي حقيقي ، اللهم إلا التعبير بوفاء عن آراء سيده". رغم الجو المتوتر بين قيادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والقصر ،أصدرت الكتابة العامة يوم 2 مايو/أيار 1963 بيانا "إلى الشعب المغربي حول انتخابات مجلس النواب " - التي جرت يوم 17 مايو/أيار - وقرر الاتحاد الوطني المشاركة فيها " لنسف المؤسسات المزورة من الداخل "، وفاز فيها بن بركة بمقعد في دائرة يعقوب المنصور بالرباط.لكن انشغالات المهدي بن بركة والتزاماته الخارجية والصراع النقابي السياسي داخل الحزب حتمت عليه العودة إلى الخارج ، كان ذلك يوم 15 يونيو/حزيران 1963. عرج على بيت عبد الرحيم بوعبيد ليودعه قبل سفره ، وكان هذا آخر سفر له قبل اغتياله في سنة 1965. في يوليو/تموز1963 ،كان المهدي بن بركة في مهمة رأب الصدع الذي حصل بين مصر وسوريا ، كانت علاقاته جيدة مع جمال عبد الناصر ،في الوقت الذي تربطه زمالة خاصة مع قيادة البعث السوري، وهذا الموقع في العلاقات السورية المصرية إلى جانب محاربته للصهيونية في إفريقيا، قد يفسر مشاركة أجهزة إسرائيليية في عملية الاغتيال. شن المهدي بن بركة إبان تحركاته في الخارج حملة قوية ضد الحضور الإسرائيلي في إفريقيا ، وكان منبر المؤتمر الأفرو آسيوي ، إطارا يفضح فيه بن بركة سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين ، القائمة على اغتصاب الأرض وحرمان شعب بكامله في حقه في الوجود ، في الوقت الذي كان فيه التسرب الإسرائيلي في إفريقيا وآسيا مبنيا على المساعدات التقنية والعسكرية. .في هذا الإطار قدم بن بركة، في الندوة التي نظمت في القاهرة يوم 5 أبريل/نيسان 1965 ، عرضا حول : " إسرائيل والتغلغل الصهيوني في إفريقيا " فضح فيه سياسة إسرائيل الحقيقية في القارة السمراء. بعد اعتقالات يوليوز 1963 ، بقي بن بركة في الخارج ، لأن رأسه كانت مطلوبة بقوة، ويتجلى ذلك من خلال مجريات محاكمة الرباط في 1964، وسيكون نصيبه من المحاكمة ، الإعدام ، وهو الثاني بعد أن حكمت عليه محكمة عسكرية في خريف 1963، حكما مماثلا ، لأنه اتخذ موقفا مناهضا للحرب التي قامت بين المغرب والجزائر . انعقد في مايو/أيار 1965 المؤتمر الرابع لمنظمة التضامن الأفروآسيوي، وانتخب بن بركة منسقا للجنة التحضيرية لمؤتمر القارات الثلاث، والذي كان مقررا أن ينعقد في يناير 1966 بهافانا. أن المهدي بن بركة أصبح شخصية أخرى غير تلك التي خرجت من مطار الرباط/سلا في 15 يونيو 1963 . أصبح يطالب بحل سياسي، في إطار رؤيته ومكانته الجديدة كزعيم لحركات التحرر العالمية، وذلك باتباع الخط التقدمي والأسلوب غير الرأسمالي ، وأن " التسوية الممكنة مع القصر" تمر عبر " تحقيق ديمقراطية سليمة ، وتطبيق إصلاح زراعي جذري ، والسهر على سياسة تضامن كلي مع النظم الثورية في البلاد العربية والإفريقية ، وأن هذه الشروط – التي هي بمثابة التزامات يجب أن يراقب احترامها كل يوم – ما تزال قائمة في الوقت الراهن (...) وأن هدفنا الأقصى لا يمكن أن يكون إلا بناء المجتمع الاشتراكي في المغرب " . لاشك أنه منذ أصبح المهدي بن بركة منسقا للجنة التحضيرية لمؤتمر القارات الثلاث ، ومنذ أن أصبح يلعب دورا في السياسة الإفريقية ، وفي الشرق العربي ، كانت أكثر من جهة تتمنى اختفائه من المسرح السياسي العالمي بطريقة "أرثوذوكسية" أو غير "أرثوذوكسية" . كان من الممكن لهذه الجهات أن تدبر و بسهولة عملية الاغتيال في أي مكان ، لكن يظهر أن خطة وضعت من لدن أجهزة فرنسية لتنفيذ عملية الاختطاف بواسطة أيادي مغربية وفرنسية ومساعدة تقنية أمريكية إسرائيلية ، بطريقة تبرز ظاهريا أن الطرف المغربي قد جند عملاء داخل جهاز الشرطة والمخابرات الفرنسية لاختطاف الرجل ، الذي يجب أن ينقل إلى المغرب ، لأن المسألة بالنسبة للمخططين يجب أن ينتهي أمر بن بركة في المغرب. كانت أجوبة بعض المتهمين أمام المحكمة ، توحي بوجود آلة ضخمة وراء عملية الاختطاف ، ولا أحد يستطيع تعدي الخط المرسوم له.والعنصر الذي أعطى للسانه حرية ما ، ويتعلق الأمر بفيكون ، لقي مصرعه ، في يناير 1966. كشفت " التحقيقات " داخل جهاز المخابرات الفرنسية غداة اختطاف بن بركة ، أن هذه المصالح كانت على علم بين من محاولات التقرب التي بدأ الجانب المغربي يخطط لها ، ويعود تاريخ أول تقرير حول الموضوع إلى يوم 30 أبريل 1965: يقول التقرير ما ترجمته : " كلف الجنرال أوفقير ، وزير الداخلية المغربي، والذي وصل باريس يوم 21 أبريل (1965) بربط اتصال مع المهدي بن بركة في محاولة لإقناعه العودة إلى المغرب مع رفاقه، فقد قرر الحسن الثاني ، بالفعل رفع مسطرة العقوبة التي اتخذت في حق زعيم الاتحاد الوطني للقوات الشعبية". فإن ما خفي من الوثائق و الأسرار أعظم ، وهذا يبرز التداعيات العالمية لهذه القضية إلى يومنا هذا، بحيث ما زالت الدول المعنية ترفض الرفع الجزئي أو الكلي للسرية عن ملف بن بركة ، وهذا يفسر بدون شك أن مصالحها مهددة داخليا أو خارجيا بالحقائق التي تحتضنها ملفات دهاليز عدد من الأجهزة الاستخباراتية العالمية. لقد أعطى بن بركة كل ما يملك لهذا الشعب ، فبادله هذا الأخير شعور الوفاء بحفر اسمه في الذاكرة المقدسة لوطن اسمه المغرب ، وكم من الرجال في وطننا من يحمل اسم المهدي. كان بن بركة شعلة من النضال والحركة داخل حزبه ، الاتحاد بما له وما عليه ، لكي يبقى ذلك النبراس الذي علقت عليه أجيال بكاملها أمل مغرب المساواة والعدل والحرية والديمقراطية.