الدوران السريع حول الحبال داخل حلبة الملاكمة، هي استراتيجية يستعملها الملاكمون لإنهاك منافس قوي لهم، بجعله يواصل الحركة والدوران، وهي استراتيجية يتم استعمالها في مجال الإعلام بالمغرب، وتظهر هذه الاستراتيجية عندما نبحث عن مكانة الأمازيغية في إعلامنا المغربي المقروء والمسموع وخاصة المشاهد.فمجال الإعلام والاتصال بالمغرب يفتقد لرؤية شاملة تؤهل الإعلام الأمازيغي ليؤدي دوره الثقافي واللغوي، في إطار الولوجية الإعلامية والخدمة الإعلامية التي تفرض تمكين المواطنين الأمازيغ من وسائل إعلام تخاطبهم بلغتهم الأم ( اللغة الأمازيغية ) وتلبي أفق انتظاراتهم واهتماماتهم الإنسانية.ما ينتظر المنتوج الإعلامي الأمازيغي في الغد القريب، هو تشخيص الوضعية الراهنة والتحديات المستقبلية، بهدف بلورة حلول عملية للمشاكل وصياغة رؤية جديدة لآفاق الإعلام الأمازيغي، . ومن هذه المشاكل ماهو سياسي "استراتيجية الدوران" يكمن في كون الحكومات والمقاربات الرسمية بالمغرب، تعتبر الإعلام شأنا سياسيا خطيرا، تعتمد فيه على شعار:" لا مجال للمس والاقتراب من هذه الدجاجة التي تبيض ذهبا". ومنها ماهو مهني واقتصادي يعود بالأساس إلى المعيقات المادية والتنظيمية التي تقف حاجزا أمام استمرارية التواصل الإعلامي، والافتقار في غالب الأحيان إلى أدنى شروط العمل الاحترافي.اتذكر هنا قناعة ثقافة الرعي لدى الأمازيغ والتي تقول: أن الناي تؤنس الراعي لكنها كذلك تجعل الماشية تقبل بنهم على العشب الطري. لن أضع هنا مقاربة بين قناعة الرعي والإقبال بنهم على العشب، وبين قناعة الاتصال والإقبال بنهم على وسائل الإعلام، لكني سأتساءل: إلى متى سيتحمل هذا الراعي حماقات من يخاطبه بلا وعي من خلال الشاشات الصغيرة دون الضحك على مقدميها لأنه بكل بساطة لا يفهم خطابهم الإعلامي ؟الإعلام الأمازيغي ليس حركة هوياتية ثقافية، ولا ينبغي اعتباره مجالا للتعبير عن المواقف والنضالات فقط، بل الإعلام الأمازيغي حاجة مجتمعية ملحة وله مكانته في المشهد الإعلامي المغربي التعددي والمندمج.أما العاصفة الإعلامية فهي قادمة لا محالة، وعلى من سيبقى في مكانه أمام العاصفة، أن يكتب اسمه ونسبه على ذراعه الأيسر بحبر لا يمحى للتعرف على هويته بعد هدوء العاصفة