أعلن خالد الناصري وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة في الكلمة التي ألقاها بمناسبة اليوم العالمي للإعلام وقت الإعلان عن أسماء الفائزين بالجائزة الكبرى للصحافة يوم الأربعاء الماضي بمسرح محمد الخامس بالرباط عن إمكانية إطلاق القناة التلفزية الأمازيغية في غضون منتصف السنة المقبلة. وأكد الناصري بالمناسبة أن العمل على تهيئ وإعداد البرامج وكذا توفير الموارد البشرية لهذه القناة قد بدأ من مدة، وهو ما سبب في تأخير إطلاقها، واشار إلى أن هذا المشروع يدخل في إطار الارتقاء بالمشهد الإعلامي وتطويره وعصرنته والنهوض أكثر فأكثر بالعاملين فيه، معبرا كذلك عن أنه مشروع يندرج في إطار تثبيت الخيارات الإستراتيجية للديمقراطية وحرية التعبير التي تستند إلى مرجعية حقوق الإنسان والتنظيم القانوني المتطور بما يستجيب للتوجيهات الملكية السامية والتزامات الحكومة والتراكمات المحققة بفضل إسهام العاملين في مجال الإعلام. واعتبر الوزير أن اليوم العالمي للإعلام مناسبة سنوية تتيح لمختلف الفاعلين إمكانية تقييم منجزات البلاد في هذا القطاع الحيوي، واستشراف آفاق العمل في سياق إرادة راسخة للمضي قدما على درب مواصلة النهوض بهذا القطاع ، بما يؤهله لمواكبة التطورات المتلاحقة، ومسايرة المنافسة المتنامية، والاستجابة لحاجة الوطن وتطلعات المواطنين إلى إعلام عصري ومتطور وقادر على أداء دوره كاملا في تحقيق التنمية المستدامة للبلاد وتشييد صرحها الديمقراطي. وصلة بموضوع القناة «تمازيغت» التي تم التوقيع على دفتر تحملاتها مع بداية هذه السنة 2008، من طرف الحكومة المغربية والهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، والتي أمر صاحب الجلالة بإحداثها، فانها ستكون قناة ذات هوية مستقلة في شاكلة القناة الأولى، وإحداثها استجابة لمتطلبات الجمهور في الإعلام، ولملء الخصاص الذي لم تستطع القنوات الأخرى تغطيته؛ وستقدم برامج ثقافية فكرية وسياسية وبرامج ترفيهية من مسرح وسينما وبرامج للتوعية الاجتماعية والدينية، وغيرها من البرامج، كما أنها ستقدم نشرات إخبارية مستقلة عن القنوات الأخرى. فهي بذلك مطالبة بأن تكون أطرها وتقنييها، وتحضر برامجها في استقلالية تامة عن القنوات الأخرى. و قد سبق للقاء الذي جمع بين وفد من الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي ووزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة والوفد المرافق له التطرق إلى ما أكده الوزير في تصريحه لوسائل الإعلام من التزام الحكومة بإنجاز هذه القناة تنفيذا لتعليمات صاحب الجلالة، وتلبية لرغبة المواطنين الذين طال انتظارهم لعشرات السنين من عهد الاستقلال، حرموا فيها من حقهم في الإعلام. غير أنه رغم كل هذا لا يزال المغاربة ينتظرون إنجازهذا المشروع الذي سيكون بتحقيقه قد خطى المغرب خطوة إيجابية في طريق تحقيق دولة ديمقراطية تتحقق فيها المواطنة الحقة. وفي هذا الإطار نبه ابراهيم أخياط الكاتب العام للجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي في مداخلة ألقاها أخيرا في معهد الإعلام والاتصال بالدار البيضاء إلى ضرورة ووجوب إلحاح الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري على إدماج الأمازيغية في القنوات الجديدة التي ستحدث، ووجوب تخصيص نسبة محترمة من بثها للأمازيغية، احتراما لهوية المغرب الثقافية والحضارية وانسجاما مع واقع المغرب في تعدده اللغوي والثقافي. وأشار أخياط إلى أن آخر المستجدات في ملف الإعلام الأمازيغي، يتعلق باللقاء المذكور الذي تم بين أعضاء مكتب الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، ووزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة يوم 11 يوليوز 2008؛ والذي جاء على إثر اللقاء الذي تم بين السيد عباس الفاسي الوزير الأول، وأعضاء المكتب الوطني للجمعية في فبراير 2008 حول القضية الأمازيغية بصفة عامة، وحول تعامل الحكومة مع هذا الملف. وقد قدمت الجمعية وثيقة كأرضية لهذا الحوار، تحدثت فيها عن السياسة الجديدة للدولة المتعلقة بتدبير الشأن الأمازيغي المنصوص عليه في خطاب العرش لسنة 2001 وخطاب أجدير لنفس السنة وفي الظهير المحدث والمنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية؛ هذه السياسة التي تهدف إلى الحفاظ على الأمازيغية والنهوض بها وضمان إشعاعها في الفضاء الاجتماعي والثقافي والإعلامي الوطني والجهوي والمحلي، لكون الأمازيغية ملكا لجميع المغاربة بدون استثناء ومسؤولية وطنية ومكون أساسي للهوية الوطنية. وتوخى اللقاء المساهمة في إنجاح إدماج الأمازيغية في المجال السمعي البصري وفي باقي وسائل الإعلام والاتصال. وفي هذا الصدد تقدمت الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي بالعديد من المقترحات أولها العمل على بلورة السياسة الجديدة للدولة المتعلقة بتدبير الشأن الأمازيغي في كافة مجالات الإعلام والاتصال وتحقيق تكافؤ الفرص بين العربية والأمازيغية في وسائل الإعلام العمومية والعمل على تجنب استعمال المصطلحات أو المفاهيم أو التعابير التي تخدش هوية المغاربة أو تمس بكرامتهم من قبيل ? البربر? الفرس البربري، الأهازيج ... إضافة إلى فتح تخصص في المعهد العالي للإعلام والاتصال لتكوين إعلاميين متخصصين في الأمازيغية وتحسين وتجويد البرامج التلفزية والإذاعية، بتأهيل وإعادة تأهيل الأطر العاملة وتوظيف كفاءات جديدة والزيادة في حجم البرامج الناطقة بالأمازيغية تحقيقا لمبدأ تكافؤ الفرص المشار إليه أعلاه ورفع الميز عن البرامج والأخبار بالأمازيغية في القنوات التلفزية التي تبث في الأوقات الميتة للبث والتعجيل بإخراج قناة ?تامازيغت? إلى حيز الوجود مع تمكينها من الموارد المالية والبشرية اللازمة للقيام بدورها في تحقيق السياسة الجديدة للدولة في مجال الإعلام. وكان المقصود بإدماج الأمازيغية في الإعلام الوطني هو فتح المجال للأمازيغية لغة وثقافة، لتنال حقها المشروع في البرامج التلفزية بالقناتين الأولى والثانية، هذه البرامج يجب أن تشمل تقديم الأخبار بالأمازيغية، وكذلك برامج تتناول جوانب الثقافة الأمازيغية من مسرح وسينما، وبرامج فكرية وسياسية واجتماعية، تتناول كافة قضايا الوطن، وقد كان المطلوب تخصيص حوالي 30 بالمائة من البث الوطني للبث بالأمازيغية. غير أن هذه النسبة لم تحترم حتى الآن، رغم أن دفاتر التحملات تنص على ضرورة احترام ما تم الاتفاق عليه من طرف القناتين. وبعد انطلاق القناة الرياضية، طرح سؤال على فيصل العرايشي رئيس الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، حول مصير ما تم الاتفاق عليه في دفتر التحملات، جاء رده بما معناه أنه يفضل خلق قناة أمازيغية خاصة. والكثير من الناس فهموا من هذا التصريح أن هناك احتمال وجود أطراف تتجه وتعمل داخل هذه الشركة للتخلص من الأمازيغية داخل القناتين، وعزلها في قناة خاصة. وقد أثار هذا التصريح ضجة وانتفاضة من طرف الحركة الأمازيغية، ليس لأنها ضد خلق قناة أمازيغية، بل لأن الفعاليات الأمازيغية تضطلع بأن تكون الأمازيغية موجودة بجانب اللغات الأخرى في القناتين، لأنهما قناتان وطنيتان، ويجب أن تعكسا التعدد اللغوي والثقافي للوطن، ومن شأن هذا الحضور أن يخلق إحساسا وشعورا باللغات والثقافات المغربية، كإرث وواقع ثقافي وطني يجب أن يعتز به كل مواطن، فهذا التعدد وهذا الغنى في الثقافة الوطنية يجب النظر إليه كظاهرة صحية وليست سلبية. والخطير هو في خلق قنوات منفصلة عن الثقافة المغربية، سيتولد عن هذا التباعد انقطاع في الأفكار، ينتج عنه مفاهيم متباعدة أو حتى متضاربة داخل هوية واحدة ضمن شعب واحد. وأكد أخياط في المداخلة المشار إليها سابقا أن الحركة الأمازيغية بهذه النظرة قد عبرت عن غيرة وطنية عالية، وفي تطابق مع شعارها الدائم: الوحدة في التنوع. ونتيجة لهذا الموقف الوطني من طرف الحركة الأمازيغية، فإنها بقيت متشبثة بضرورة تخصيص نسبة 30 بالمائة من البث الوطني في القناتين، وتم تدارس هذا الموضوع من طرف المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في دورة استثنائية يوم 27 أكتوبر 2006، ورفع ملتمسا إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل إضفاء رعايته السامية على مشروع إنشاء قناة أمازيغية، بجانب تشبثه بحق الأمازيغية في القنوات الوطنية الأولى والثانية.