يتنفس ابناء الشعب الفلسطيني الصعداء عندما يسمعون عن قرب تشكيل حكومة وحدة وطنية تخرجهم من حالة الحصار التي يعيشونها، والتي أوصلت نسبة لا بأس بها منهم الى حالة المجاعة ، ثم لا تلبث أن تخيب آمالهم من خلال تصريحات تصدر من هنا او هناك على لسان بعض المسؤولين في الحزب الحاكم أو في أحزاب المعارضة . وإذا كانت التجربة الفلسطينية الفريدة من نوعها قد قادت الرئيس الراحل ياسر عرفات إلى ممارسة السلطة والمقاومة معا ، فإن حركة حماس خاضت نفس التجربة بدخولها الانتخابات التشريعية في كانون ثاني الماضي ، وفوزها في هذه الانتخابات مما مكنها من تشكيل الحكومة الفلسطينية الحالية برئاسة السيد اسماعيل هنية ، وإذا كانت تجربة الرئيس الراحل قد دفعت الطرف الآخر إلى محاصرته في مقره في رام الله حتى وفاته مسموما ، فإن حكومة حماس أيضا تعرضت للحصار هي والشعب الفلسطيني ونأمل أن لا تكون نهاية هذه التجربة كنهاية الرئيس عرفات .والذي يهمنا هو الصراع ما بين حركة فتح وحركة حماس على السلطة ، هذا الصراع الذي طغى على اولويات الشعب الفلسطيني وهي التحرر والاستقلال وبناء الدولة المستقلة بعاصمتها القدس الشريف ، وبما اننا نحن ابناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وفي قطاع غزة أبناء مناطق السلطة الفلسطينية أكثر ابناء شعبنا تأثرا وتأثيرا من النزاعات المحلية، فإن من حقنا التساؤل إذا ما كان وصول حزب ما إلى الحكم يعطيه الحق بتجويعنا وزيادة اذلالنا مقابل بقائه على كرسي حكم منقوص لا سيادة له .لكن ما يبعث الأسى هو تصريحات بعض المسؤولين سواء في الحزب الحاكم أو في المعارضة كلما وجدوا أنفسهم في مأزق – حول امكانية الحرب الاهلية - ، فقد صدرت تصريحات عن مسؤول كبير، وفي أكثر من مناسبة، وأكثر من موقف بانه إذا حصل كذا وكذا فإن هذه هي الوصفة الناجحة للحرب الأهلية ، وهذه التصريحات بمثابة تحريض لتباعه بأن يستعدوا لحرب أهلية ، كما أنها في نفس الوقت تهديد لخصومه بان الحرب ال،هلية أمر حتمي إذا لم يوافقوه على كل شيء ، فهل الحرب ال،هلية بهذه السهولة ؟؟وهل دماء ابناء شعبنا رخيصة إلى هذا الحد ؟؟ وهل الصراع على السلطة سيريق دماء أبناء شعبنا التي نجت من آلة الحرب الاحتلالية ؟! وهل الأمور وصلت إلى درجة إذا لم أحصل على ما أريد فعليّ وعلى اعدائي يا رب؟الرواتب : معروف أن الموظفين محدودو الدخل ، ويعتاشون على الراتب الذي يستلمه كل واحد منهم في آخر كل شهر ، أما وقد دخل الحصار على الشعب الفلسطيني شهره السابع ، ورواتب الموظفين مقطوعة ، فإن قدرة الاحتمال عند هؤلاء الموظفين قد وصلت إلى ما دون الصفر، وقطع رواتب الموظفين يؤثر أيضا على السوق الاقتصادي بمجمله ، مما يعني ان الشعب الفلسطيني بأكمله يعاني ، وتزداد معاناته خصوصا في الضفة الغربية لعدم قدرته على الوصول إلى أراضيه الزراعية نتيجة لجدار التوسع الاحتلالي ، ويأتي من هناك من يتهم الموظفين المضربين بانهم مضربون لتحقيق اهداف سياسية أهمها اسقاط الحكومة ، ومع ان هناك أكثر من جهة سياسية محلية وجهات اجنبية معنية بإسقاط حكومة حماس إلا ان ذلك لا يعني بأي شكل من الاشكالان اضراب الموظفين سياسي وليس نقابيا ، والأدهى من ذلك ان تجد احد المسؤولين في الحزب الحاكم وقد وقف امام وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ليعلن بأن الموظف الذي يشارك في الاضراب مطالب بأن يقدم استقالته لان عمله في وظيفة رسمية بمثابة عقد استخدام بينه وبين الحكومة، وإذا لم يلتزم بشروط المستخدم فعليه أن يترك العمل ! ونسي صاحبنا أن صاحب العمل يدفع راتبا للمستخدم كل شهر ، ونسي ان الحكومة في خدمة الشعب وان الشعب في خدمة الوطن ، وان المسؤولية تكليف لا تشريف .ولا يسعنا إلا أن نحمل المسؤولية للجهات الاجنبية والمعادية وللتخاذل العربي الرسمي في محاصرة الشعب الفلسطيني وتجويعه ، لكن الحكومة الفلسطينية مطالبة هي الاخرى بان تتدبر أمرها وتوفر الحياة الكريمة لأبناء شعبها ، او التخلي عن هذه المسؤولية .