[email protected] الأصل في الدين مصدره الإيمان، والإيمان منبع التحلي بالقيم النبيلة، المستمدة من النص الديني، وتربية المجتمع على التحلي بتلك القيم، التي توجه المسلكية الفردية، والجماعية، التي تتحول، عن طريقها، إلى قوة مادية، ترفع من مكانة المجتمع الإنساني، الذي يتجسد في مجتمعات المومنين بالدين الإسلامي، التي تصير بفعل التحلي بالقيم النبيلة، والفاضلة، مجتمعات إنسانية متطورة، في جميع المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.غير أن المسلمين، في بلدانهم، تحولوا بفعل أدلجة الدين الإسلامي، إلى متأسلمين، على وزن متدينين، ليصيروا بذلك ممارسين للدين الإسلامي تظاهرا، ورياء، حتى يقال عنهم بأنهم متمسكون بالدين الإسلامي، وممارسون لشعائره، ومبالغون في تلك الممارسة، آناء الليل، وأطراف النهار، ودون أن يصير ذلك وسيلة للتحلي بالقيم النبيلة. ومعلوم أن الغاية من الدين الإسلامي، على مستوى الإيمان به، وعلى مستوى ممارسة الشعائر الدينية، وعلى مستوى المعرفة الواسعة بمضامين نصوصه المختلفة، وعلى مستوى علاقة المومن / المسلم بجميع أفراد المجتمع، أنى كان جنسهم، أو لونهم، أو عقيدتهم، أو لغتهم، هي التحلي بالقيم النبيلة، المستمدة من مختلف النصوص الدينية: (الكتاب، والسنة، وعمل أهل المدينة)، كما يقولون، وما رد في السيرة النبوية، وما يمكن أن يقاس عليها، والعمل على نشر تلك القيم بين الناس، بقطع النظر عن كونهم مسلمين، أو غير مسلمين، حتى تصير قيم الدين الإسلامي، متخللة للمجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وجزءا لا يتجزأ من بنياتها، من أجل أن تصير خالية من كل مظاهر الفساد، التي تسيء إلى المجتمع الإنساني. وإذا كان الإيمان بالدين الإسلامي، لا يؤدي إلى نشر قيم الدين الإسلامي بين جميع أفراد المجتمع، فإن الإيمان به، كعدم الإيمان به، خاصة، وأن العديد من النصوص تؤكد ذلك، كقوله تعالى: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء، والمنكر)، وكما يؤكد ذلك ما ورد في الحديث: (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء، والمنكر، فلا صلاة له)، ويمكن أن نقيس عليها: من لم ينهه صومه عن الفحشاء، والمنكر، فلا صوم له، ومن لم تنهه زكاته عن الفحشاء، والمنكر، فلا زكاة له، ومن لم ينهه حجه عن الفحشاء، والمنكر، فلا حج له، ويمكن أن نقول فيه أيضا، قياسا على ما ذكرنا، من لم ينهه إيمانه عن الفحشاء، والمنكر، فلا إيمان له. والذين يدعون الإيمان بالدين الإسلامي، ويبالغون في ادعاء المحافظة على الشعائر الدينية، إنما يمارسون التدين، نظرا لكونهم يمارسون في المجتمع، كل أشكال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وخاصة أولئك الذين يمارسون أدلجة الدين الإسلامي، ليحرفوا بذلك مضامين النصوص الدينية، حتى يصير ذلك التحريف في خدمة مصالحهم، ومصالح أحزابهم، وتوجهاتهم المؤدلجة للدين الإسلامي. ومعلوم أن الدين الإسلامي، في أصله، جاء ليصحح التحريف الذي لحق بالأديان السابقة، والمترتب عن أدلجة تلك الأديان، كما جاء في القرءان: (وقالت اليهود عزير بن الله، وقالت النصارى المسيح بن الله)، وكما جاء فيه أيضا: ( إن الله ثالث ثلاثة), وقد صحح القرءان ذلك بقول الله: (قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفؤا أحد)، وقد أشار القرءان الكريم، كذلك، إلى أن الله لا يعرف إلا بالإيمان بوجوده. ومعظم المدعين للإيمان بالدين الإسلامي، بأنهم يعرفون الله معرفة عينية، وعلمية دقيقة، إنما يدعون أمرا يبطله القرءان، كما جاء في قوله تعالى: (وسع كرسيه السماوات، والارض)، وقوله: (ليس كمثله شيء)، وقوله: (ولم يكن له كفؤا أحد)، وغيرها من الآيات التي لا نستطيع استعراضها في هذا المقام. والذين يدعون معرفة الله معرفة غير إيمانية، إنما يمارسون التحريف؛ لأن الله لا يعرف، وإنما يومن المسلمون بوجوده، ولعل أول نبي في الإسلام: إبراهيم الخليل، عندما حاول معرفة الله معرفة عينية، انتهى إلى خلاصة أشار إليها القرءان: (لا تدركه الابصار، وهو يدرك الابصار، وهو اللطيف الخبير). وما قام به علماء الكلام، من محاولة التعرف على الذات الإلهية، عن طريق رصد الصفات المأخوذة من ممارسة البشر، جاء متأخرا، لا يرقى، أبدا، إلى مستوى المعرفة الإيمانية، كما أن الاستدلال على وجوده بما يقع في الحياة العامة، والخاصة، إنما هو استدلال لا علمي، ولا يرقى إلى مستوى المعرفة الإيمانية أيضا، التي لا تحتاج إلى أي استدلال، بل بالسير على نهج إبراهيم الخليل، كما جاء في القرءان الكريم على لسانه: (إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات، والارض حنيفا، وما أنا من المشركين). ولذلك، فنحن إذا تأكد لدينا أن معرفة الله لا تكون إلا معرفة إيمانية، ولا يمكن أن تدرك لا بالأوصاف، ولا بالاستدلال، كما ذهب على ذلك علماء الكلام. والذين يدعون الآن بأنهم يعرفون الله معرفة يقينية، غير إيمانية، لا علاقة لهم لا بالإيمان، ولا بالإسلام؛ لأن النصوص الواردة في القرءان الكريم، كلها تدل على أن معرفة الله معرفة عينية، ويقينية، غير إيمانية، غير واردة، كما اشرنا في ذلك إلى الآيات الواردة في هذا الشأن. وهذه المعرفة التي يدعيها الجاهلون بأن معرفة الله لا تكون إلا إيمانية، هي التي تقودهم إلى تقديس غير الله، كما يحصل يوميا، ومن قبل أناس يدعون وصايتهم على الدين الإسلامي، إما بحكم ارتباطهم بالمؤسسة المخزنية، وخاصة إذا كانوا أعضاء، فيما صار يعرف بالمجالس العلمية، أو بحكم كونهم أئمة للمساجد، أو مؤذنين بها، وإما بحكم انتمائهم إلى هذا الحزب، أو ذاك، من الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، أيديولوجيا، وسياسيا. ومعلوم، كذلك، أن تقديس غير الله، يقود إلى الشرك بالله، والشرك بالله لا ترجى المغفرة منه، كما جاء في سورة الأعراف: (إن الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دمن ذلك لمن يشاء). ونحن عندما نتتبع ما يجري في حياتنا اليومية، وفي معظم مساجدنا، وفي مختلف الأضرحة، وحتى في علاقة المسلمين المغاربة بمن يسمون بالعلماء، من أعضاء المجالس العلمية المخزنية، وبالمنتمين إلى الأحزاب السياسية المؤدلجة للدين الإسلامي، نجد أن معظم المسلمين يقدسون المساجد، أو الأضرحة، أو الأشخاص الذين يؤمون الصلوات الخمس في المساجد، أو الذين يعتبرون أعضاء في المجالس العلمية المخزنية، أو المنتمين إلى الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، إنما يعتبرون من المشركين بالله، ولذلك لا ترجى المغفرة لهم يوم القيامة. وهؤلاء الذين يمارسون الشرك بالله، بطريقة، أو بأخرى، لا يدركون أن مجيء الدين الإسلامي، هو من أجل وضع حد للشرك بالله، الذي يسيء إلى كرامة الإنسان، وتحريره منه، وتوحيد عبادة الله، ونبذ عبادة غير الله، حتى يتحرر، وأن لا يصير اعتقاده في غير الله غير وارد أبدا، من أجل أن يصير المجتمع متحررا من المعتقدات الخرافية، التي تتناقض مع حقيقة الإيمان، وحقيقة الإسلام. وما يمارس اليوم باسم الدين الإسلامي، مما لا علاقة له بالدين الإسلامي، يركز على الشكل، دون الجوهر في هذا الدين. فالاهتمام بالمساجد على مستوى الإعداد، وعلى مستوى الزخرفة المبالغ فيها، وعلى مستوى المظهر الداخلي، والخارجي، وعلى مستوى الصوامع، وإعداد الفضاءات الجميلة حول المساجد، للإيحاء بأنها مساجد مقدسة من قبل المسلمين، يجب أن يعملوا على عبادتها من غير الله، بدل إخلاص العبادة لله، خاصة إذا بنيت من أموال غير مشروعة، المتوفرة بدون حدود، لدى تجار المخدرات، الذين يعطون لأموالهم تلك الشرعية الدينية، عندما يلجأ كل واحد منهم إلى بناء مسجد معين، يصير معبودا من قبل مرتاديه. والذي نعرفه، ويعرفه المسلمون القدامى، والمحدثون، والمعاصرون، أن المساجد إنما تبنى من أجل اعتبارها فضاء، يحرص القيمون عليه على طهارته، حتى يصير صالحا لأداء الصلوات الخمس، ولأداء صلاة الجمعة، نظرا لكون الصلاة لا تصح إلا بطهارة المكان، إلى جانب طهارة الحدث، وطهارة الخبث، وطهارة الثياب التي يرتديها المصلي. وما سوى ذلك، فالمساجد أماكن عادية، يجب تجنب تقديسها، حتى لا يصير ذلك التقديس شركا بالله. والاهتمام المبالغ فيه بإمام الصلاة، من منطلق الاعتقاد بأنه ينوب عن الله، في إمامة المصلين، يقود كذلك إلى تقديس الإمام، مع أن الإمام هو مجرد مستأجر، إما من قبل الجماعة، أو من قبل وزارة الأوقاف، لإمامة المصلين في أوقات الصلاة المعروفة، وما سوى ذلك، فهو مجرد إنسان عادي، يجري عليه ما يجري على الناس جميعا في المجتمع، بقطع النظر عن جنسهم، وعن معتقداتهم، وعن الطبقات التي ينتمون إليها، وعن اللغات التي يتواصلون بواسطتها. وكل تقديس لإمام الصلوات الخمس، أو لإمام صلاة الجمعة، أو لإمام صلاة التراويح، أو للمحدث، أو غيره، إنما يدخل في إطار عبادته من غير الله، أو مع الله، مع أنه مجرد بشر، لا يتجاوز كونه يأكل، ويشرب، ويتسوق، ويتزوج، ويلد الأولاد، وغير ذلك، مما يلزم البشر جميعا. وعبادته من غير الله، يدخل في إطار تأليه غير الله، أو الشرك به، وهو ما لا يتناسب مع إخلاص العبادة لله، وتحرير جميع أفراد المجتمع من المعتقدات الفاسدة، التي لا تعكس إلا التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي لا زال يعشش، ويفرخ في مجتمعات المسلمين، ومنها، بطبيعة الحال، المجتمع المغربي. والاهتمام المبالغ فيه، على مستوى المظهر الخارجي للمصلين: على مستوى اللباس، الذي صار يشبه لباس دول الخليج إلى حد كبير، ولا ينقصهم إلا ما يضعونه على الرأس، الذي يكتفون فيه بوضع القبعة البيضاء، أو البيضاء المزخرفة بألوان مختلفة، والتي تحتل جزءا من مؤخرة الرأس، تماما كما يفعل اليهود، وكهنة النصارى، بالإضافة إلى إسدال اللحى، التي تشبه لحى كهان اليهود، أو لحى السيخ. وهذا المظهر الذي صار يميز المصلين، يعتبر مظهرا مقدسا، يعبد كذلك من غير الله، أو يعبد إلى جانب عبادة الله، ليشكل بذلك شركا بالله، مع أن اللباس، وكيفما كان هذا اللباس، ليس مشروطا فيه أن يشبه لباس الخليجيين، بقدر ما يشترط فيه أن يستر العورة، وأن يكون طاهرا، لضمان صحة الصلاة. وإلا، فإن المصلي يعبد لباسه، ولحيته، ومظهره الخارجي، ليصير بذلك جاحدا لعبادة الله، أو مشركا به، مما يجعل إيمانه غير سليم، وإسلامه غير صحيح، وعبادته مشكوكا فيها. والاهتمام بمكبرات الصوت، التي تزعج النوام، كما تزعج المرضى، والعجزة، والأطفال، هو اهتمام مبالغ فيه، إلى درجة الهمجية، من قبل القيمين عليه، يفقد الناس العاديين راحتهم، وكأن الدين يؤخذ بالقوة، لا باللين، وأن الصلاة التي هي مجرد وسيلة للامتناع عن ممارسة الفحشاء، والمنكر، كما جاء في القرءان الكريم، أصبحت بقوة ارتفاع مكبرات الصوت المرعبة، وسيلة لإرهاب المسلمين في بيوتهم، وفي كل مظان تواجدهم، مما يجعلهم يفقدون الاطمئنان في حياتهم العامة، والخاصة، خاصة، إذا كانت تلك المكبرات لا تكتفي ببث الآذان، لتبث كذلك الصلوات الخمس، وصلاة التراويح، وصلاة الجمعة، وبقرار من القيمين عليها. فكأن الله لا يسمع، وكأن الناس لا يسمعون، وكأن من قرر المجيء إلى المسجد، لأداء صلاة الفريضة، وصلاة النافلة، لا يكفيه ذلك، ما لم يكنس بيته من البشر المتواجدين فيه: رجالا، ونساء، وأطفالا، مرضى، وعجزة، من أجل إظهار الإسلام بمظهر القوة، التي ترهب الكفار، والملحدين. ونحن نعلم أن كل من نطق بالشهادتين ليس كافرا، ولا يمكن أن يكون كذلك، وإننا نحن كمسلمين، نرث إيماننا من آبائنا، وأمهاتنا، ولا يحق لنا أن نعتقد شيئا آخر، غير الدين الإسلامي. ومن غير المسلمين يوجد أهل الكتاب، ممن نصفهم باليهود، والنصارى. وأهل الكتاب مومنون، والمومنون يجب احترامهم، وتقديرهم، واحترام معتقداتهم، لا أن نرعبهم إذا تواجدوا بين المسلمين، خاصة إذا كانوا جيراننا، الذين جاء في الحديث حولهم: (والله لا يومن، والله لا يومن، والله لا يومن، قيل من يا رسول الله، قال الذي لا يامن جاره بوائقه). والجار قد يكون مسلما، وقد يكون كتابيا، وقد يكون كافرا، وملحدا، ومع الاختلاف في المعتقد، يجب احترامه، واحترامه جزء من الدين الإسلامي، وعدم احترامه لا علاقة له بالدين الإسلامي. ولذلك، فاعتماد مكبرات الصوت، بتلك الطريقة الهمجية، ودون الاكتفاء بنقل الآذان، بالدعوة إلى مختلف الصلوات الخمس، والنافلة، إنما هو لإرهاب المسلمين في المدن، والقرى، وعلى مدى التراب الوطني، وفي كل بلاد المسلمين، وغير المسلمين، وإرهاب غير المسلمين المتواجدين في هذه البلدان، وعلى جميع المستويات، ومن أجل أن يفقدوا راحتهم أمام قوة، وجبروت الدين الإسلامي، الذي صار يكتسح كل شيء، بما في ذلك اطمئنان الناس، وراحتهم، مهما كان لونهم، أو جنسهم، أو معتقدهم، أو لغتهم. والاهتمام بكيفية أداء الصلاة، هو كذلك اهتمام شكلي، يهدف إلى قولبة أداء الصلاة، من بدايتها: على مستوى إعداد الصفوف، وكيفية الوقوف، وكيفية وضع اليدين على الصدر، وكيفية الركوع، وكيفية السجود، وغير ذلك من التفاصيل، التي يعتبر التركيز عليها، والاشتغال بتتبعها، مذهبا للخشوع، الذي هو شرط أداء الصلاة، وقضاؤها، وإلا، فلا صلاة للمصلي، إذا ذهب عنه الخشوع، لأنه، حينها، سوف ينشغل بأمور أخرى، بعيدة عن الصلاة. وقد كان المفروض أن يترك المصلون على حريتهم، رجاء حصول الخشوع، وأن يعوض كل ذلك بالاهتمام بالتحلي بالقيم النبيلة، التي يستمدها المسلمون من الدين الإسلامي، ومن نصوصه الدينية الثابتة بالخصوص، بدل الانشغال بكيفية أداء الصلاة، التي يمكن أن ننظم فيها دروسا خارج أو قات الصلاة، في مختلف المساجد، حتى يستوعب المسلمون الكيفية الصحيحة، التي تؤدى بها الصلاة، أو تقضى، طلبا للخشوع أثناء القيام بها. والاهتمام بأدلجة الدين الإسلامي، من السمات التي تحضر في شكليات أداء الصلوات الخمس، وهذه الأدلجة، تستهدف توظيف الدين الإسلامي توظيفا أيديولوجيا، وسياسيا، إما لمصلحة الطبقة الحاكمة، وإما لمصلحة الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، إبرازا للرغبة الحاضرة: إما في تأبيد الاستبداد القائم، وإما لفرض استبداد بديل، مما يجعل الدين الإسلامي، ومن خلال الصلوات الخمس، وصلاة الجمعة، وصلاة النوافل المؤداة بشكل جماعي، محكوما بالتصور المؤبد للاستبداد القائم، أو بالتصور الساعي إلى فرض استبداد بديل، كما حصل في العديد من البلدان، التي عرفت ما صار يدعى بالربيع العربي، الذي صار ينتهي بوصول التوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي إلى السلطة، لتكريس الاستبداد البديل، خاصة وأن هذه البلدان، عرفت استغلال الصلوات الخمس، لتحريض المصلين على التظاهر، ضد الأنظمة القائمة فيها. وهو أمر لم تتم أجرأته في المغرب، الذي لم يعرف خروج المظاهرات من المساجد، ولم تعرف مساجده رفع شعار (إسقاط النظام)، نظرا لتمكن المؤسسة المخزنية من التحكم في المساجد. وكيفما كان الأمر، فالاهتمام بالشكليات، في الصلوات الخمس، وفي صلاة الجمعة، وفي صلاة النوافل، التي تقام في المساجد بشكل جماعي، في شهر رمضان، لا علاقة له لا بحقيقة الإيمان، ولا بحقيقة الإسلام، مما يجعل المصلين ينشغلون بالشكليات، عن طلب الخشوع في الصلاة، الذي يعتبر مصدرا للتحلي بالقيم النبيلة، المستمدة من النصوص الدينية. فهل يعيد القيمون على الصلاة، في المساجد، النظر في الاهتمام بالشكليات، والاتجاه إلى الاهتمام بالجوهر؟ أم أن الجهل، والأمية، والتعصب، وأدلجة الدين الإسلامي، سيجعلهم يستمرون في الاهتمام بالشكليات، على أنها هي الدين الحقيقي؟ ابن جرير /محمد الحنفي