من أجل: مساجد لأداء الشعائر الدينية. مسلمين بلا حمولة أيديولوجية. مجتمع بعيد عن تغلغل أدلجة الدين الإسلامي. المحافظة على سلامة الدين الإسلامي من التحريف. [b] تعتبر المساجد، ومنذ مجيء الدين الإسلامي، مدرسة، ومقرا للجماعة، ودارا للقضاء، وجامعة، وقاعة للمحاضرات، ومقرا للمؤتمرات، وغير ذلك، مما يمكن إنجازه في المساجد، بالإضافة إلى أداء الشعائر الدينية، المرتبطة بالمساجد، مما يجعله، تاريخيا، مصدرا للعديد مما يوصف بمظاهر الحضارة العربية / الإسلامية. ومع التطور الذي عرفته البشرية، ونظرا لكون سعة المسجد، لم تعد قادرة على استيعاب مختلف الأنشطة، التي يحتاجها المجتمع، فاستقلت المدرسة، والجامعة عن المسجد، واستقلت دار الجماعة، واستقلت المحكمة، وغيرها، وبقيت المساجد خاصة بأداء الشعائر الدينية المرتبطة بها، ومصدرا للإشعاع المعرفي / الديني بالمجتمع. ونظرا لدور المساجد في الإشعاع الديني بين المسلمين، ونظرا لكون عامة الناس، وخاصتهم، يرتبطون بالمساجد، فقد صارت المساجد محط أنظار: 1) الحكام، الذين يحرصون على توظيفها لتضليل المسلمين، بالفهم الخاص بالحكام للدين الإسلامي، والذي لا يمكن اعتباره إلا أدلجة للدين الإسلامي، من أجل تضليل المسلمين، وجعلهم يعتقدون أن ذلك الفهم، هو الفهم الصحيح للدين الإسلامي. 2) الجماعات، والأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، الساعية إلى استغلال المساجد، للتغلغل بين المسلمين، وإقناعهم بتأويل تلك الجماعات، والأحزاب، للدين الإسلامي، حتى يعتقدوا، كذلك، أن ذلك الفهم، هو الفهم الصحيح للدين الإسلامي، من أجل تجييشهم وراءها، في أفق الوصول إلى السلطة، لبناء "الدولة الإسلامية"، التي تعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية. وبصيرورة المسجد مصدرا للسيطرة على المسلمين: أيديولوجيا، وسياسيا، من قبل الحكام، أو من قبل الجماعات، والأحزاب، المؤدلجة للدين الإسلامي، ليفقد بذلك دوره، كمصدر للإشعاع الديني، الذي يبث القيم الدينية، والإنسانية النبيلة في المجتمع. فلماذا نجد أن المساجد صار تفقد دورها التاريخي، ودورها الديني، في نفس الوقت؟ لماذا تحولت إلى مصدر للسيطرة الأيديولوجية على المسلمين، وفي كل بلد من بلاد المسلمين؟ لماذا يعتبرها الحكام مصدرا للسيطرة على المجتمع؟ لماذا تقصدها الجماعات، والأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، من أجل توظيفها، في أفق السيطرة على السلطة؟ أليست وظيفة المساجد، في صيغتها النهائية، هي تمكين المسلمين من أداء شعائرهم الدينية، وتقديم الإرشاد الديني، لمن هم في حاجة إليه؟ فلماذا، إذن، يلجأ الحكام إلى توظيف المساجد، للتمكن من السيطرة الأيديولوجية، باسم الدين الإسلامي على المجتمع؟ ألم يكتفوا بالمناهج التعليمية، المرصعة بسيادة أيديولوجية الحكام، الموظفة للدين الإسلامي؟ أليس الإعلام، الذي يتحكم فيه الحكام، وسيلة لتسييد أيديولوجية الحكام، المرصعة بالدين الإسلامي؟ لماذا لا تلجأ الجماعات، والأحزاب، المؤدلجة للدين الإسلامي، إلى المساجد، لبسط سيطرتها الأيديولوجية؟ أليس ذلك دليلا على عجزها، عن بسط تلك السيطرة الأيديولوجية، بوسائلها الخاصة؟ أليست هذه الجماعات، والأحزاب، المؤدلجة للدين الإسلامي، متوهمة بأنها تحتل مكان الأنبياء، والرسل، في العلاقة بالسماء، كما يفعل حكام المسلمين؟ ألا تدعو الضرورة إلى قيام لجان الأحياء، والدواوير، والمداشر، والقرى، بحماية المساجد، من قيام الحكام، والجماعات، والأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، باستغلالها، لنشر أدلجة الدين الإسلامي؟ ألم يحن الوقت، بعد، لنشر الوعي بين المسلمين، بضرورة تحييد المساجد، باعتبارها أمكنة لأداء الشعائر الدينية؟ فالمسجد كمدرسة، والمسجد كمحكمة، والمسجد كدار للجماعة، لم يعد موجودا. والمسجد كمكان تتوفر فيه شروط طهارة المكان، لأداء الشعائر الدينية، هو الذي لا زال مستمرا إلى حين. وهو ما يعني أن دوره التاريخي، والحضاري، لم يعد قائما، وأن دوره الديني، هو الذي يبقى مستمرا إلى حين، كما هو الشأن بالنسبة للكنيسة، والبيعة. ونظرا لأن المسلمين يقصدون المساجد في أوقات الصلاة، لأداء شعائرهم الدينية، فإن مؤدلجي الدين الإسلامي، سواء كانوا حكاما، أو جماعات، أو أحزابا سياسية، صاروا يدركون أهمية المساجد، لإشاعة أدلجتهم للدين الإسلامي، من أجل إحكام القبضة الأيديولوجية على المجتمع. فالمساجد، إذن، لم تعد متفرغة للوظيفة الدينية، كما يظهر ذلك من خلال الممارسة اليومية في المساجد، بقدر ما أصبحت لها وظيفة أيديولوجية، وسياسية. فالوظيفة الأيديولوجية تتمثل في تحويل المساجد، إلى فضاءات، لإشاعة أدلجة الدين الإسلامي بين المصلين، من قبل الحكام، كما يحصل من خلال خطب الجمعة، ومن خلال دروس الوعظ والإرشاد، التي تلقى في المساجد، من قبل من سماهم الكاتب الفلسطيني إيميل حبيبي، ب "فقهاء الظلام"، ومن قبل الأحزاب المختلفة، في أدلجتها للدين الإسلامي. والوظيفة السياسية، تتمثل في اعتبار المساجد، فضاءات، لإشاعة المواقف السياسية للطبقة الحاكمة، كما حصل قبل استفتاء فاتح يوليوز 2011 في المغرب، بمناسبة المصادقة على الدستور المغربي الجديد، ولإشاعة المواقف السياسية للأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، حتى تصير تلك المواقف معروفة بين المسلمين، الذين يرتادون المساجد، بمناسبة صلاة الجمعة، وبمناسبة إلقاء دروس الوعظ، والإرشاد، لتصير، بذلك، تلك المواقف، جزءا لا يتجزأ من الدين الإسلامي، ليصير، بذلك، الدين الإسلامي محرفا إيديولوجيا، وسياسيا. وبذلك تصير المساجد مجرد مكان، لتكريس السيطرة الأيديولوجية، والسياسية، على المسلمين بصفة خاصة، وعلى المجتمع ككل، بصفة عامة، من قبل الطبقة الحاكمة، ومن قبل الجماعات، والأحزاب المختلفة، المؤدلجة للدين الإسلامي، ليصير بذلك المسلمون، ومجتمعاتهم، ضحايا التضليل الأيديولوجي، والسياسي الممارس عليهم، من قبل الحكام، في كل بلدان المسلمين، ومن قبل الجماعات، الأحزاب المختلفة، المؤدلجة للدين الإسلامي. وتحويل المساجد إلى أمكنة لتكريس السيطرة الأيديولوجية، والسياسية، يرجع إلى: 1) كون المساجد مقصدا للمسلمين، في أوقات الصلاة، وفي صلاة الجمعة، مما يسهل مأمورية الاتصال بالناس، وبالمسلمين، وتعبئتهم أيديولوجيا، وسياسيا. 2) كون مضامين النصوص الدينية المختلفة، القابلة للتأويل، تتيح إمكانية التوظيف الأيديولوجي، والسياسي، من خلال تداول تلك النصوص، في المساجد المختلفة، وبتأويلات مختلفة. 3) كون الاعتقاد السائد بين مرتادي المساجد، أن ما يروج بين الناس، الوفدين إلى المساجد، من أجل أداء الصلوات المختلفة، هو من عند الله، مع أنه إنتاج بشري، يهدف إلى تقويل النص الديني ما لم يقله. ولذلك اعتبرنا: أن المساجد، يعتبرها مؤدلجو الدين الإسلامي من الحكام، ومن الجماعات، والأحزاب السياسية، وكافة المنظمات الجماهيرية المؤدلجة للدين الإسلامي، وسيلة، من الوسائل التي تمكنهم من الاتصال بالوافدين عليها، لأداء الصلاة، ودون بذل أي مجهود، ودون تكلفة من أحد، حتى يتأتى تعبئتهم أيديولوجيا، وسياسيا، انطلاقا من التوظيف الأيديولوجي، والسياسي للدين الإسلامي، ومن أجل أن يعتقد أولئك الوافدون على المساجد، أن الدين الإسلامي الحقيقي، هو ما يروجه مؤدلجو الدين الإسلامي من الحكام، ومن الجماعات، ومن الأحزاب السياسية، المؤدلجة للدين الإسلامي. والجهات المؤدلجة للدين الإسلامي: حكاما، وجماعات، وأحزابا سياسية، عندما تقصد المساجد لإشاعة أدلجة الدين الإسلامي، فإنها تسعى إلى: 1) تثبيت السلطة القائمة على أساس أدلجتها للدين، لإعطائها الشرعية الدينية، التي تضمن لها الاستمرار في الحكم، إلى حين. 2) تمكين الجماعات، والأحزاب السياسية، المؤدلجة للدين الإسلامي، والمدعومة من قبل النقابات، والجمعيات المؤسسة كذلك، اعتمادا على أدلجة الدين الإسلامي، من شرعية السعي إلى الوصول إلى السلطة، لبناء الدولة الإسلامية، التي تعمل على تطبيق "الشريعة الإسلامية". وهذا السعي إلى استغلال مرتادي تلك المساجد المختلفة، نابع أساسا من قبول مرتادي تلك المساجد، إلى استهلاك كافة الخطابات، التي لها علاقة بالدين الإسلامي، مهما كانت تلك الخطابات مؤدلجة للدين الإسلامي، حتى وإن كانت محرفة لحقيقة الإيمان، ولحقيقة الإسلام.[ /B]