قال الأستاذ المقرئ الإدريسي في محاضرة اليوم الأخير لملتقى شبيبة العدالة والتنمية بمكناس أن القيم تعتبر المحرك الأساسي للتنمية وتفعيلها كقيم ايجابية يجعل الانسان يساهم وينسجم بشكل قوي نهضة امته.وقدم الأستاذ أبو زيد إطارا تعريفيا للقيم باعتبارها مطلقة في علاقتها بالإنسان وأنها مفاهيم تتميز في نفس الإنسان بالمطلقية و التعالي، بالاضافة الى طابعها الإنساني الحضاري، ودهب في تدقيق التعريف الى كون القيم هي كل معنى لا يقبل الانسان ان يتعامل معه بمنطق المساومة والمادة، وبدلك فالحرية والكرم والكرامة و التكافل ونبد الغش ورفض الفساد كلها قيم انسانية ايجابية متجدرة في نفس الانسان. وحدد الأستاذ ابو زيد محددات تعتبر من المصادر الأساسية للقيم، على رأسها منبع الدين الذي هو أحكام ومبادئ وأخلاق عليا وهو من اهم المصادر التي تمتح منها القيم، ثم قدم اللغة كمحدد ثان للقيم باعتبارها متحف وخزان مفاهيم وتجارب وتصورات، وكذلك هي مفتاح منظومة القيم، وكمحدد ثالث للقيم اعتبر التقاليد النافعة بمثابة خزان ضخم للقيم الفرعية،كما واعتبر الإرث الحضاري والتاريخي محددا رابعا أساسيا للقيم الإنسانية، وانتهى بتصنيف القيم الإنسانية الايجابية كمحدد خامس للقيم.وقال الاستاذ ابو زيد ان هده المحددات تعتبر مصادرا أساسية لتفعيل دور القيم وجعلها اداة للتنمية انتاجا وتطبيقا، كما أشار انه لا تناقض إذا ما حول الإنسان القيم إلى هدف، على اعتبار ان هدف الدين يعتبر مصدرا لهذه القيم، وأعطى عدة أمثلة واقعية توضح قوة القيم في تحريك حوافز الأمة نحو التنمية .وانتقل ابو زيد إلى اعطاء تعريفات لمصطلح التنمية الذي قال بأنه جاء كتطور لمفهوم النمو، و بين تميز التنمية عن النمو بمعالجتها الشاملة وتعاطيها مع جميع فئات المجتمع على عكس سيرورة النمو، كما أشار الى أن التنمية البشرية بدورها جاءت كتطور للتنمية، بمعالجة اشمل تعنى بمجالات عديدة.وطوال محاضرته أكد الأستاذ وبشكل دقيق ومن خلال أمثلة كثيرة على أن القيم لها دور أساسي في تفعيل آلية التنمية، وتناول كمثال قوي على ذلك النموذج الصيني الشيوعي الذي صمد رغم انهيار المعسكر الشيوعي والنماذج الشيوعية في العالم، وتمكنت الصين وحدها من مواصلة التنمية وأرجعت صمودها الى كونها طعمت التنمية بالقيم الكوفوشيوسية، بما يعني التنمية بالقيم الدينية، كما اشار الاستاذ ابو زيد الى تجربة الطالب الياباني طاكيو اوساهيرا الذي نقل تقنية المحرك الي بلده اليابان، في وقت كان المحرك حكرا على الدول الغربية(المانيا)، وبين الاستاذ من خلال قصة الطالب مدى تاثير المعتقدات الدينية اليابانية في مسيرة الطالب العلمية الناجحة والتي انتهت بتأسيس عصر ياباني جديد بتصنيع المحرك الياباني. وتوقف الاستاذ كذلك عند النموذج الهندي الذي عمل هو الآخر على تفعيل القيم الهندوسية في التنمية الهندية و نجاحه في دلك، وطرح ابو زيد سؤال مادا فعلت الدول العربية والإفريقية التي تخلت عن قيمها وأشار الى دول غرب افريقيا التي تخلت عن لغتها الام لتتمسك بلغة المستعمر الفرنسي، مما أدى الى استهلاكها لافكار المستعمرو استهلاك قيمه وبالتالي دخولها في مرحلة موت حضاري.وختم الاستاذ عرضة القيم بما نحن نحتاجه اليه بالضرورة في عملية تفعيل القيم للتنمية، وقال ان مرحلة اولى نحتاج فيها الى وضع الاطار التصوري ومرحلة ثانية نحتاج فيها الى استلهام النموذج الذي نمتح منه قيمنا والذي يجد اصله في نموذج عصر الصحابة الكرام، ومرحلة اخيرة نحتاج فيها الى تبيئة القيم بما يعني اعادة استنبات القيم حتى توالم المناخ الذي تعمل فيه.