لازالت الانتظارية القاتلة والتماطل غير المبرر السمة البارزة التي تطبع الملف المطلبي للأساتذة الملحقين سابقا بدول الخليج العربي. فبالإضافة إلى النقطتين المتعلقتين بمسألة تسديد مستحقات سنوات الإلحاق للصندوق الوطني للتقاعد وللتعاضدية العامة للتربية الوطنية، والتي لم تعرف بعد طريقها للحل، فإن مشكلا عويصا آخر ينضاف إليها مع استئناف فئة الأساتذة الملحقين (المشكلة من الأسلاك الثلاثة) عملهم بالمغرب ألا وهو التأخير غير المقبول في صرف رواتبهم، والذي قد يطول لعدة سنوات ليزيد من تأزيم وضعيتهم المادية ويأجج شعورهم بالتذمر والإحباط. فمنذ أن تطأ قدم الأستاذ الملحق سابقا بلده الأم، يبدأ مشواره الأول بالاستفسار عن التعيين الذي قد لا يظهر إلا أواخر شهر شتنبر، مما قد يؤوله البعض ويعتبرونه "آخر من التحق" ليدخل على إثر ذلك في دوامة أخرى قبل أن يثبت العكس ويتضح أنه جرت العادة بأن يوقع على محضر الدخول بتاريخ الفاتح من شتنبر باعتبار أن فترة الإلحاق تنتهي يوم 31 غشت. ثم بعد استئنافه للعمل، يبدأ مسلسل المعاناة الحقيقية ويشرع في القيام بزيارات متكررة لكل من مقر وزارة التربية الوطنية ومديرية الموارد البشرية دون أن يتلقى جوابا شافيا وردا مقنعا عن استفساراته حول تسوية وضعيته الإدارية والمالية، بحيث يصبح الجواب المتوقع عن تساؤلاته مألوفا ومحبطا في نفس الوقت ألا وهو عدم توفر المناصب المالية أو التحجج بوجود أخطاء في الملف أو بوجود الملف قيد الدراسة. فحسب روايات بعض الأساتذة الملحقين سابقا، فإن التأخير في صرف الرواتب، والذي دام سنتين وأكثر بالنسبة للبعض (17 حالة) وسنة كاملة (24 حالة) دون أن تتوصل الوزارة الوصية إلى إيجاد حل ناجع وسريع لهذا المشكل، قد ساهم بشكل كبير في تأزيم أوضاعهم المعيشية وخصوصا مع تزامن بعض المناسبات التي تتطلب مصاريف إضافية كالدخول المدرسي وحلول شهر رمضان الأبرك ناهيك عن مصاريف الأعياد وسد مختلف الحاجيات خصوصا إذا استحضرنا الزيادات المتكررة التي عرفتها بعض المواد الأساسية والخدمات وأثمنة المحروقات والماء والكهرباء... وغيرها، والتي يعاني منها ذلك الموظف والأجير الذي يتقاضى أجره بشكل عادي فكيف بذلك الموظف الذي لم يتوصل بمرتبه منذ حولين كاملين. فبالمقارنة مع أشقائنا الأساتذة التونسيين الملحقين سابقا، فإن وزارة التربية والتعليم بتونس تعمل على صرف رواتبهم ابتداء من الشهر الثالث بعد التحاقهم بالعمل باحتساب آخر وضعية إدارية قبل الإلحاق حتى يتمكن الأستاذ من تلبية حاجياته الضرورية على أن تتم التسوية الإدارية والمالية بشكل نهائي بعد ذلك بشهور قليلة. وتأسيسا لما سبق، فإن التأخير الحاصل في التسوية الإدارية والمالية وبالتالي عدم صرف رواتب الأساتذة الملحقين سابقا بدول الخليج العربي، وأغلبهم من سلطنة عمان، قد أضحى يعتبر معضلة اجتماعية غير مسبوقة بحيث أصبح يشكل كابوسا مفجعا يقلق نوم وراحة هذه الفئة التعليمية ويجعل من حياتها اليومية معاناة مستمرة من أجل ضمان القوت اليومي وتلبية متطلبات العيش وسد مختلف الحاجيات، الشيء الذي يتطلب تدخلا فوريا وحلا عاجلا من لدن الجهات المسؤولة لتضع حدا للانتظارية والمعاناة التي يكتوي بنارهما الأساتذة الملحقين سابقا.