صفعات قوية تلك التي تلقتها الجزائر من ثلاثة كفوف نهاية الأسبوع الماضي، وذلك بعد أن أصيبت آمالها في تنظيم دورة جيدة لألعاب البحر الأبيض المتوسط في مقتل، نتيجة انسحاب أبرز 3 دول في تاريخ التظاهرة، ويتعلق الأمر بإيطالياوفرنسا وإسبانيا، وهو الأمر الذي لن يكون تأثيره رياضيا فقط، بل أيضا سياسيا واقتصاديا يمسُ بسمعة الدولة النفطية وقدراتها على توفير البنى التحتية المناسبة لاستقبال الوفود داخل نطاق جغرافي إقليمي محصور ودُوله متجاورة. وكانت إيطاليا، البلد الذي حاولت الدبلوماسية الجزائرية طيلة الأسابيع الماضية، تطوير علاقتها به وتقديمه كشريك "استراتيجي" من الناحيتين السياسية والاقتصادية، وكبديل لإسبانيا عقب إعلان هذه الأخيرة دعمها لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية، (كانت) أول بلد يعلن رسميا انسحابه من الدورة ال19 للألعاب المُقررة بمدينة وهران خلال الفترة ما بين 25 يونيو و5 يوليوز 2022، الأمر الذي كان بمثابة صدمة للرأي العام الجزائري، خاصة بعد ربط الأمر بعدم جاهزية البلد لاحتضان هذه المنافسات. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، إذ يوم أمس الأحد تأكد رسميا اعتذار فرنسا وإسبانيا عن المشاركة في الدورة، وأعاد هذا القرار إلى عدم جاهزية البنى التحتية لاستقبال المشاركين، الأمر الذي أكده عزيز درواز، محافظ ألعاب البحر الأبيض المتوسط، الذي كشف بأن الأمر بدأ بانسحاب اتحادي الفروسية في البلدين بسبب عدم توفر الموانئ الجزائرية على بنية آمنة ومُجهزة لاستقبال الخيول، قبل أن يتطور الأمر إلى انسحاب الوفود المنتمية لجميع الأصناف الرياضية. وفي تصريحات إعلامية قدمها بلهجة مرتبكة، ندد المسؤول الجزائري بالمبررات التي ساقتها إيطالياوفرنسا وإسبانيا معتبرا أن تلك الدول هي التي عليها أن تتحمل مسؤولية المشاركة في التظاهرة من عدمها لأن الأمر يتعلق بقرارها الخاص، منتقدا المبررات التي ساقتها إسبانيا تحديدا لكونها ربطت الأمر بخلل في جاهزية بنية الاستقبال لدى الموانئ الجزائرية، في حين فضلت إيطاليا الانسحاب في صمت، مشددا على أن بلاده كانت قد قررت سلفا التكفل ماديا بدخول وتنقل الخيول. وأثرت الأخبار المتداولة عن عدم قدرة الجزائر على استقبال التظاهرة بالشكل المطلوب، بشكل واضح على سمعة البلد وجودة بناه التحتية، لدرجة الحديث عن نقل تنظيم بعض الرياضات إلى دول أخرى، وهو الأمر الذي أكده درواز في تصريحات نشرتها صحيفة "النهار" إذ قال إن البرتغال راسلت بلاده للتساؤل حول إشاعة نقل تنظيم منافسات الفروسية إلى فرنسا، قبل أن ترد عليها بالنفي، واصفا ما أعلنت عنه إسبانيا تحديدا بأنه "مبررات كاذبة". ويُسَوِّق المحافظ الجزائري لألعاب البحر الأبيض المتوسط إلى أن الألعاب ستكون ناجحة بالنظر لتأكيد 12 دولة لمسشاركتها، وهو أمر لا يبدو مضبوطا لأنه تحدث عن المغرب ضمن قائمة تلك الدول، في حين أن الرباط لم تؤكد مشاركتها في ظل أن جارتها لا زالت مصرة على إغلاق الحدود البرية والمجال الجوي أمام وفودها، وبغض النظر عن ذلك، فإن مشاركة 12 دولة فقط يمثل انتكاسة للألعاب، إذ في دورة "تاراغونا" الماضية في إسبانيا التي نُظمت سنة 2018 شاركت 26 دولة. ويبقى غياب إيطالياوفرنسا وإسبانيا لوحدها ضربة قاسية للألعاب، لأن الأمر يتعلق بالدول الثلاث الأكثر تتويجا بميداليات الألعاب منذ دورتها الأولى في الاسكندرية المصرية سنة 1951، إذ يملك الإيطاليون ما مجموعه 1967 ميدالية ملونة، ويتوفر الفرنسيون على 1550 ميدالية، في حين حصد الإسبان 1126 ميدالية، بفارق كبير عن تركيا صاحبة الرتبة الرابعة ب637 ميدالية، علما أن دولا أخرى لا زالت لم تؤكد مشاركتها إلى الآن، منها تونس الجارة الأخرى للجزائر.