أزمة جديدة تلوح في الأفق بين الحكومة الإسبانية والحكومتين المحليتين لسبتة ومليلة، وذلك بسبب إعلان الحزب العمالي الاشتراكي الذي ينتمي له رئيس الوزراء بيدرو سانشيز وصاحب أكبر كتلة في البرلمان، رفضه لمقترحات الإعفاءات الضريبية التي قدمها وزراء مالية المدينتين المتمتعتين بحكم ذاتي عن طريق مجلس النواب، والتي تستند إلى ما يعتبره أصحاب المقترح أزمة خانقة تسببت فيها الإجراءات التي فرضها المغرب ل"خنق" اقتصادهما. ورفض الحزب العمالي الاشتراكي الموافقة على مقترح صادر عن وزيرة المالية في الحكومة المحلية لمليلية، دنيا المنصوري، المنتمية إلى حزب "التحالف من أجل مليلية" الذي يضم ذوي الأصل المغربي، وكيسي شانديراماندي، التي تشغل المنصب نفسه في حكومة مليلية، والمنتمية إلى الحزب الشعبي، رغم أن المقترح لم يصل إلى البرلمان فقد عن هذا الأخير والذي يقود المعارضة، ولكن أيضا عبر تحالف "كومبروميس" الاشتراكي الذي يمثل إقليم بلنسية. ورفض الحزب الأغلبي في البرلمان الإسباني هذه المقترحات والتي تفرض إدخال تعديلات على قانون المالية الخاص بسنة 2022، والتي تشمل أيضا رفع نسبة الحكومتين المحليتين من العائدات الضريبية الآتية من الدولة بنسبة 60 في المائة وإلغاء الضرائب على البضائع على غرار ما هو معمول به في جزر الكناري، عوض خفضها بنسبة 75 في المائة كما هو عليه الحال الآن، والمثير في الأمر هو أن الحزب العمالي عارض ذلك على الرغم من كونه جزءا من الأغلبية الحكومية في مليلية. وتعتبر الحكومتان المحليتان أن على الحكومة المركزية منحهما امتيازات ضريبية أكبر بسبب تضرر اقتصادهما من قرارات خارجية يصنفانها في خانة "الخنق الاقتصادي"، في إشارة إلى قرار المغرب منع التهريب المعيشي ووقف العمل بالجمارك التجارية وإغلاق الحدود البرية، علما أن المدينتين كانتا تعتمدان أساسا على النشاط التجاري والسياحي للمغاربة، وما ضاعف الأزمة هي إجراءات الإغلاق التي فرضتها جائحة كورونا. وتعتبر مدينة سبتة نفسها الأكثر تضررا من الأزمات الاقتصادية، ليس فقط بخصوص القرارات المغربية بخصوص النشاط التجاري والحركة على الحدود، ولكن أيضا لكونها عانت من أسوأ أزمة للهجرة غير النظامية في تاريخها شهر ماي من العام الماضي، عندما أوقفت الرباط مراقبتها للسياج الحدودي على خلفية أزمتها الدبلوماسية مع إسبانيا، ما أدى إلى وصول 12 ألف مهاجر سري إليها، من بينهم مئات القاصرين لا زالت حكومة المدينة تتكفل بهم إلى الآن.