مرّ المغرب سريعا إلى إجراء عملي على درب إعادة العلاقات الدبلوماسية مع ألمانيا إلى طبيعتها، وذلك عندما أعاد يوم أمس الاثنين سفيرته في برلين، زهور العلوي، إلى منصبها الذي ابتعدت عنه منذ 6 ماي 2021 على خلفية الأزمة بين البلدين، وهي الخطوة التي لا تزال تبدو بعيدة في موضوع الأزمة مع إسبانيا، إذ لا تزال سفيرة المملكة في مدريد، كريمة بن يعيش، موجودة في الرباط على الرغم من محاولات الخارجية الإسبانية إقناع نظيرتها المغربية بإعادتها. وكان استدعاء السفيرتين متزامنا تقريبا، فرحيل بن يعيش عن مدريد كان في 15 ماي 2021، أي بعد 9 أيام فقط من عودة نظيرتها العلوي، غير أن مسار المصالحة بين المغرب وألمانيا أصبح سريعا جدا منذ إعلان وزيرة الخارجية الجديدة، أنالينا بايربوك، يوم 13 دجنبر الجاري، إشادتها بمبادرة الحكم الذاتي التي قدمتها الرباط باعتبارها تُساهم في إيجاد حل لنزاع الصحراء، وهي الخطوة التي ينتظر المغرب صدور مثيلتها عن إسبانيا. وتفاعلت الخارجية المغربية سريعا مع الخطوة الألمانية مبدية ترحيبها ب"الإعلان الإيجابي والمواقف البناءة التي تم التعبير عنها مؤخرا من قبل الحكومة الفدرالية الجديدةلألمانيا"، كما أعلنت عن عودة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين مع دعوة الحكومة الألمانية الجديدة التي يرأسها المستشار أولاف شولتز إلى "إقران التصريحات بالأفعال، بما يعكس روحا جديدة ويُعطي انطلاقة جديدة للعلاقة على أساس الوضوح والاحترام المتبادل". وبدا من خلال خطوة عودة السفيرة المغربية إلى برلين، أن الرباط تقرن بشكل مباشر أي حلحلة لأزماتها الدبلوماسية بخروج الطرف الآخر من "منطقة الراحة" في ملف الصحراء، كما سبق أن وصفها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، وهو ما يُفسر رفض الرباط إلى الآن القيام بخطوة مماثلة مع إسبانيا، حيث لا تزال حكومة بيدرو سانشيز تتفادى توجيه أي إشادة أو دعم علنيين لمقترح الحكم الذاتي، وهي الخطوة التي أقدمت عليها دول أوروبية كبرى، على غرار فرنسا وبريطانيا ثم ألمانيا، فيما تبنت الولاياتالمتحدةالأمريكية هذا المقترح كحل "وحيد" للقضية. وعرفت الحكومة الألمانية الجديدة بقيادة الحزب الديمقراطي الاشتراكي، كيف تُنهي القطيعة التي عمرت لمدة 8 أشهر تقريبا، على الرغم من أنها كانت تبدو أكثر تعقيدا من نظيرتها مع إسبانيا، إذ بينما عبر الملك محمد السادس صراحة في خطابه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، يوم 20 غشت 2021، عن استعداده للمصالحة مع مدريد، انتقد في الخطاب نفسه ألمانيا بشكل ضمني، حين طرق إلى تقرير المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية الذي دعا إلى فرملة تقدم المغرب في المنطقة المغاربية.