رغم أن الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وألمانيا كانت تبدو أكثر تعقيدا من نظيرتها مع إسبانيا، بعدما بادر الملك محمد السادس في خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب يوم 20 غشت الماضي إلى إبداء استعداده لطي صفحة الخلاف مع مدريد، إلا أن الإسبان صاروا مقتنعين أن برلين التي شهدت ميلاد حكومة جديدة مؤخرا، قد قطعت أشواطا كبيرة وأبعد منهم في المصالحة مع الرباط، بل وبناء "تحالف" معها يشمل دعمها في ملف الصحراء. ويبدو هذا "الاقتناع" واضحا في مجموعة من وسائل الإعلام الإسبانية، ومن بينها صحيفة "فوث بوبولي" صاحبة المصادر القوية داخل الجيش الإسباني، والتي ترى أن ألمانيا "ستنضم إلى حلفاء المغرب الأقوياء"، معتبرة أنها ثالث دولة مؤثرة على الساحة الدولية تصنع علاقات دبلوماسية قوية مع المغرب في الآونة الأخيرة بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل، الأمر الذي سيتضمن دعم الرباط في طرحها لحل قضية الصحراء. وأوردت الصحيفة أن المستشار الألماني الجديد، أولاف شولتز، زعيم الحزب الديمقراطي الاشتراكي، الذي خلف أنجيلا ميركل رسميا في منصب المستشارية يوم 8 دجنبر الجاري، أبدى دعمه للمغرب في ملف الصحراء من أجل إنهاء الأزمة الدبلوماسية بين البلدين المستمرة منذ ماي من هذا العام، عندما استدعت الرباط سفيرتها من برلين وقطعت علاقاتها الدبلوماسية مع ألمانيا لعدة أسباب، أبرزها "عداءها" للمملكة في قضية الصحراء. ويبني التقرير توقعاته استنادا إلى ما جاء في بلاغ لوزارة الخارجية الألمانية بخصوص العلاقة مع المغرب أول أمس الاثنين، والذي كان من بين أولى مواقف الحكومة الجديدة على لسان وزيرة الخارجية أنالينا بايربوك، إذ أورد أن برلين تدعم المبعوث الأممي الجديد ستافان دي ميستورا، لإيجاد حل سياسي عادل ودائم وقبول للطرفين، لكنه أيضا أشاد ب"مساهمة المغرب المهمة" في إيجاد حل لهذا النزاع عبر تقديمه مبادرة الحكم الذاتي سنة 2007. واعتبر التقرير أن الخطوة الألمانية تنضاف لسلسة من الاعترافات بجدوى الطرح المغربي الذي اتخذته "قوى عظمى" أخرى في الأشهر الماضية، وتحديدا إعلان الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، في دجنبر من العام الماضي، اعتراف بلاده بالسيادة المغربية على الصحراء، وهو الأمر الذي أتى متزامنا مع إعلان إقامة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإسرائيل، الأمر الذي عبرت الحكومة الألمانية الجديدة عن "ارتياحها" له. وكانت إسبانيا تسير على نهج ألمانيا في عهد ميركل داخل الاتحاد الأوروبي، من حيث رفض الخروج عن "الحياد التام" في ملف الصحراء، ورفض الإعلان عن دعم مبادرة أي طرف ضد آخر، غير أن خطوتها الأخيرة تجعلها أقرب إلى فرنسا التي تعلن بشكل صريح دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، الأمر الذي قد يفرض على مدريد مراجعة حساباتها لطي صفحة الأزمة الأسوأ مع المغرب منذ سنة 2002 والتي عمرت منذ أبريل من هذا العام.