لم يتسبب دخول زعيم جبهة "البوليساريو"، إبراهيم غالي، إلى إسبانيا بجواز سفر جزائري يحمل هوية مزورة، إلى تذكير ضحايا الجبهة من الصحراويين بمعاناتهم مع جرائم التعذيب والاغتصاب والتصفية الجسدية فحسب، بل تسبب أيضا في إعادة فتح جرح غائر في قلوب المئات من المواطنين الإسبان من سكان جزر الكناري الذين كان أفراد من عائلاتهم ضحايا هجمات الانفصاليين في السبعينات والثمانينات، الأمر الذي أكدته رئيسة جمعية الكناري لضحايا الإرهاب لوسيا خيمينيز. وأعد دخول غالي إلى الأراضي الإسبانية تذكير أهالي أرخبيل الكناري بالجحيم الذي عاشوه طيلة 13 عاما نتيجة هجمات مسلحي البوليساريو على المدنيين، خاصة وأن الحكومة الإسبانية بررت دخوله بأنه كان "لأسباب إنسانية من أجل تلقي العلاج"، في حين يراه الضحايا وعائلاتهم كمتورط في أعمال إرهابية كان على السلطات الإسبانية أن تخضعه للمحاكمة، خاصة وأن الجرائم التي قامت بها الجبهة لا تسقط بالتقادم وتصنف كجرائم ضد الإنسانية. ورغم أن غالي أُخرج من إسبانيا بداية الشهر الجاري مباشرة بعد مثوله أمام المحكمة العليا لمواجهة تهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية اتهمه بها صحراويون يحملون الجنسية الإسبانية، إلا أن صفحة دخوله لم تطو بعد بالنسبة لضحايا الكناري الممثلين في الجمعية الكنارية لضحايا الإرهاب "أكافيت"، والذين استنكروا عدم قبول الشكوى المقدمة سنة 2012 بشأن ارتكاب زعيم البوليساريو لجرائم ضد الإنسانية ولإبادات جماعية، بالإضافة إلى عدم وجود أي إشارة إلى ذلك الموضوع خلال ظهوره أمام القضاء عن بعد. وترى الجمعية المذكورة أن غالي هو "العقل المدبر" الذي أمر بتنفيذ الهجمات والاغتيالات وعمليات الخطف الجماعي والإصابات الخطيرة وحالات الاختفاء للعمال والصيادين وطواقم السفن في المياه الأطلسية لجزر الكناري وذلك خلال الفترة الممتدة ما 1973 إلى أواخر سنة 1986، وهي نفسها الفترة التي كان فيها مسلحو الجبهة الانفصالية يحملون السلاح ضد المغرب. وأعربت رئيسة الجمعية، لوسيا خيمينيز، التي كان والدها أحد ضحايا اعتداءات البوليساريو، عن دهشتها من صمت المحكمة العليا عن هذه الجرائم بعد 9 سنوات من تقديم الشكوى، مبدية أسفها لأن غالي استقبل في إسبانيا "لأسباب إنسانية" بينما تعرض مواطنون إسبان للتعذيب والقتل من قبل المنظمة التي يرأسها، مشددة على أن هؤلاء الضحايا مدنيون. وطالبت الجمعية بالاعتراف بضحايا الإرهاب في جزر الكناري، منتقدة في الوقت ذاته ما وصفته "تواطؤ الأحزاب السياسية الكنارية مع البوليساريو والتخلي التام عن الأرامل والأيتام، كما نددت ب"التواطؤ الكبير لوسائل الإعلام" التي تعتبر هذه الاعتداءات مجرد "حوادث عمل أو حالات اختفاء". ومنذ تأسيسها سنة 1973، نفذت جبهة البوليساريو مجموعة من الأعمال العدائية ضد القوات الإسبانية التي كانت لا تزال موجودة في الصحراء المغربية إلى جانب استهداف الصيادين الإسبان وخلال تلك الهجمات قتلت الجبهة أكثر من 274 ضحية في جزر الكناري ما دفع حكومة فيليبي غونزاليس عام 1985 إلى طرد عناصرها من الإقليم إثر هجوم على البحرية الإسبانية التي كانت تسهر على عملية إطلاق سراح صياد اختطفته الميليشيات.