تعيش الحكومة الإسبانية أسوأ أزمة سياسية لها منذ تشكيلها من طرف بيدرو سانشيز، نتيجة ارتدادات الأزمات الديبلوماسية المتراكمة مع المغرب، والتي زادت قضية زعيم البوليساريو إبراهيم وغالي من حدتها، إضافة إلى الأحداث التي شهدتها مدينة سبتة في اليومين الماضيين جراء تدفق الالاف من المهاجرين، مغاربة وأجانب. وحمّلت العديد من الأطراف السياسية في إسبانيا، وعلى رأسها الحزب الشعبي بقيادة بابلو كاسادو، حكومة سانشيز أسباب هذه المشاكل التي تعانيها إسبانيا، نتيجة "أخطاء ديبلوماسية" ارتكبتها الحكومة مع المغرب، وفق تعبير كاسادو في مداخلة له بمجلس النواب أمام بيدرو سانشيز. وقال كاسادو، بأن الفوضى التي تعيشها الحكومة هي نقطة ضعف إسبانيا في علاقاتها مع الخارج، ومحملا هذه الحكومة ما يحدث في سبتة من تدفقات للمهاجرين بسبب أخطاء ديبلوماسية ارتكبتها حكومة بيدرو سانشيز في عدد من القضايا مع المغرب، ومن أبرزها استقبال زعيم البوليساريو إبراهيم غالي. وقالت الصحافة الإسبانية، أن بيدرو سانشيز رد بدوره بحدة على انتقادات بابلو كاسادو، وشكك في وقوف حزبه مع الحكومة الإسبانية، واتهمه باستغلال هذه المشاكل التي تتخبط فيها البلاد، من أجل الإطاحة بحكومته في هذه الظروف التي تتطلب تماسك الجميع، مضيفا بأنهم لن ينجحوا في إشارة إلى الحزب الشعبي. وليس الحزب الشعبي فقط الذي انتقد الحكومة الحالية، بل أحزاب أخرى يمينية، مثل "فوكس" بدوره وجه انتقادات لاذعة للحكومة، محملا إياها مسؤولية تدفقات المهاجرين على سبتة، ومستغلا الفرصة لتكرار أسطوانته المعادية للمغرب. ولا تُعتبر الأزمة الأخيرة المتعلقة بتدفق المهاجرين غير المسبوق إلى سبتة، هي سبب تصدع الحكومة من الداخل، حيث كشفت العديد من التقارير الإعلامية الإسبانية، أن حكومة بيدرو سانشيز تعاني من مشاكل وخلافات منذ تشكلها، خاصة بين الحزب الحاكم الذي يقود سانشيز وحزب "بوديموس" المشارك في الحكومة. كما أن أزمة إبراهيم غالي التي فجرت التوتر مع المغرب، كشفت تقارير إسبانية، أن خلافات كانت داخل الحكومة الإسبانية بشأن استقبال زعيم البوليساريو، حيث أعلن وزير الداخلية فيرناندو غراندي مارلاسكا، رفضه لهذا الاستقبال تفاديا للصدام مع المغرب، غير أن سانشيز أشر على استقباله بشكل سري من أجل العلاج. ولم تسر المخططات الإسبانية بتنسيق مع الجزائر لنقل غالي إلى إسبانيا للعلاج بوثائق مزورة كما كان مخططا لها، حيث سربت مجلة "جون أفريك" الفرنسية خبر وصول إبراهيم غالي لإسبانيا ودخوله إلى المستشفى لتلقي العلاج من إصابته من فيروس كورونا والسرطان، وقد كشفت مصادر مطلعة لموقع "الصحيفة"، أن المخابرات المغربية هي من التقطت معلومة دخول غالي إلى إسبانيا وسربتها للمجلة الفرنسية. ورغم أن وزارة الخارجية الإسبانية خرجت بعد ذلك بتصريح رسمي تُعلن فيه بأن استقبال زعيم البوليساريو كان لدواع إنسانية، إلا أن المغرب رفض التبريرات الإسبانية واعتبر أن ما أقدمت عليه هو ضرب لعلاقات حسب الجوار، وطالب إسبانيا بتقديم رودو مقنعة.