لم تخلُ المظاهرات التي عادت بقوة في الجزائر مؤخرا، من مطالب انفصالية صادرة عن نشطاء بمنطقة القبائل الواقعة شمال البلاد، والتي تنتمي إليها مدينة خراطة التي شهدت أول أمس الثلاثاء مسيرة احتجاجية شارك فيها مئات الآلاف من المواطنين الغاضبين المطالبين بإسقاط النظام العسكري، الأمر الذي يطرح إمكانية عودة الدبلوماسية المغربية إلى لعب ورقة "حق القبائليين في تقرير المصير" التي سبق أن استخدمتها في 2015. وإلى غاية الآن يتفادى المغرب التفاعل رسميا مع الموجة الجديدة من الحراك الجزائري، المسنودة بتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والحكومية، والتي ترفض عودة النظام السابق في شخص مجموعة من القيادات العسكرية والوجوه السياسية التي أعادت فرض سطوتها على مفاصل الدولة، غير أن تلويح الجزائر بما تسميه "حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير" ودعمها المعلن لجبهة "البوليساريو" الانفصالية يجعل عودة المغرب إلى الملف القبائلي مطروحا. وفي نونبر من سنة 2015 طرح المغرب هذا الملف على طاولة النقاش بشكل رسمي، من خلال عمر ربيع، عضو اللجنة الدائمة الممثلة للمغرب في الأممالمتحدة، الذي دعا لمساعدة منطقة القبائل في الحصول على حكم ذاتي أو الاستقلال، موردا "يجب أن يُستمع للشعب القبائلي وأن تُحقق مطالبه، وعلى المجتمع الدولي أن يُساعده في ذلك وترافقه في مشروعه السياسي الذي يجب أن يؤدي إلى الحكم الذاتي أو الاستقلال". وداخل الأممالمتحدة أورد الدبلوماسي المغربي حينها أنه "لا بد من إسماع أصوات 8 ملايين شخص عاشوا في الصمت والخفاء طيلة سنوات"، وأضاف "سكان منطقة القبائل يعانون من الحصار ويتعرضون للعقاب الجماعي، كما أن زعماء المنطقة أجبروا على العيش في المنفى أما عائلاتهم فتتعرض للمداهمة". وإذا كانت جبهة "البوليساريو" تستفيد من احتضانها العلني من طرف السلطات الجزائرية، فإن فرحات مهني، رئيس "الحركة من أجل تقرير المصير في القبائل" ورئيس "حكومة جمهورية القبائل في المنفى"، مد يده إلى المغرب في نونبر الماضي عارضا عليه الاعتراف ب"الدولة القبائلية"، والقبول بافتتاح سفارة لها في الرباط وقنصلية في العيون واعتماد جواز السفر الذي تعتزم حكومته إصداره، وهو الأمر الذي لم تتفاعل معه الحكومة المغربية بشكل رسمي. وكانت قضية القبائل قد عادت إلى الواجهة مؤخرا بإصدار القضاء الجزائري حكما بالسجن 6 أشهر في حق الطالب وليد النقاش المتحدة من تيزي أوزو الذي ظل في السجن منذ 26 أكتوبر 2019 إثر مشاركته في مسيرة احتجاجية مطالبة بإسقاط النظام، حيث اتهم ب"المشاركة في مؤامرة والتحريض ضد سلطة الدولة"، واستند القضاء على انتمائه لحركة تقرير المصير في منطقة القبائل، وقد أكد بعد خروجه من السجن أنه تعرض للتعذيب.