أعاد العشرات من الحقوقيين إسبانيا، بين أمس السبت واليوم الأحد، مطالب بمحاسبة رجال أمن إسبان بتهمة التسبب في مأساة 6 فبراير التي وقعت في عام 2014 بشاطئ تراخال بمدينة سبتة، عندما فقد 14 مهاجرا على الأقل حياتهم نتيجة تدخل عنيف من عناصر أمنية تابعة للحرس المدني الإسباني. وشهدت مدينة سبتة أمس السبت، وعدد من المدن الإسبانية الأخرى، كبمبلونا، وقفات احتجاجية لعدد من الأفراد الحقوقيين، الذين لم يستطيعوا هذه السنة تنظيم مسيرات احتجاجية كبيرة بسبب الأوضاع الوبائية، وجددوا مطالبهم السابقة، بإعادة محاكمة رجال الأمن المتورطين في هذه القضية، لوجود دلائل على الاستعمال المفرط للقوة، الأمر الذي أدى إلى مصرع 14 مهاجرا على الأقل في مأساة 6 فبراير 2014. وتعود تفاصيل هذه المأساة إلى 7 سنوات مضت، عندما أقدم عدد من المهاجرين السريين الذين ينحدرون من دول جنوب صحراء إفريقيا على تنفيذ دخول جماعي إلى سبتة عن طريق السباحة الحرة انطلاقا من أحد الشواطئ المغربية، إلا أنهم عند وصولهم قبالة شاطئ تراخال بسبتة قُوبلوا بتدخل عنيف من طرف عناصر بحرية الحرس المدني. ووفق ما أظهرته فيديوهات وصور للواقعة، إضافة إلى رواية عدد من المهاجرين الناجين، فإن عناصر الحرس المدني أطلقوا الرصاص المطاطي على عدد من المهاجرين لمنع وصولهم إلى ضفة شاطئ تراخال، وتركوهم يصارعون للبقاء داخل المياه. ونتج عن هذا التدخل العنيف للحرس المدني مصرع 14 مهاجرا، منهم من لقي حتفه غرقا نتيجة العياء، وأخرون لقوا حتفهم جراء تعرضهم للرصاص المطاطي الذي أدخل بعضهم في الغيبوبة وغرق نتيجة ذلك، في حين شُلت حركة أخرين نتيجة قوة الرصاص المطاطي ليجدوا أنفسهم عرضة للغرق. التدخل كان عنيفا ومأساويا بشكل كبير، وقد أظهرت صور بعض المهاجرين الناجين، الضرر البالغ الذي تعرضوا له جراء استهدافهم بالرصاص المطاطي من طرف عناصر الحرس المدني، وهو ما دفع بعدد كبير من الحقوقيين في إسبانيا والعالم للمطالبة بمحاسبة المتورطين في هذه المأساة. وتقرر متابعة 16 عنصرا من الحرس المدني من طرف القضاء الإسباني في مدينة قادس، لكن المحكمة قررت بعد عدة جلسات، إخلاء سبيل المتهمين وإغلاق القضية، بدعوى عدم وجود دلائل تدين المتهمين في مصرع المهاجرين الستة عشر، وأن الوفيات نتجت عن الغرق، في حين أن تدخل الحرس المدني كان تدخلا شرعيا وقانونيا. الجمعيات الحقوقية المدافعة عن المهاجرين في إسبانيا والعالم، رفضت الحكم القضائي، ولازالت إلى حدود اليوم تطالب بإعادة فتح ملف القضية من جديد، ومحاسبة المتورطين باعتبارهم المسؤول الأول عن مصرع المهاجرين الستة عشر، من أجل رد الاعتبار لأرواحهم ولأهاليهم.