1. الرئيسية 2. اقتصاد "كاماز" الروسية لصناعة الشاحنات تضع المغرب ضمن أولوياتها للتوسع داخل القارة الإفريقية الصحيفة - خولة اجعيفري الثلاثاء 11 مارس 2025 - 13:11 منذ ما يقرب العقد من الزمن، تلوح شركة "كاماز" الروسية، عملاق صناعة الشاحنات، بطموحها لدخول السوق المغربية، لكن دون أن يتحقق هذا الحلم، وقد عادت اليوم، الشركة مجددًا لتضع المملكة ضمن أولوياتها في خطتها التوسعية داخل القارة الإفريقية، فما الذي يجعل السوق المغربية مغرية لهذا المصنع الروسي؟ وهل تحمل هذه العودة فرصًا حقيقية أم أنها مجرد إعلان جديد دون خطوات فعلية؟ نقلت وكالة الأنباء الروسية ''تاس''، هذه المحاولة الجديدة في قصاصة جاء فيها بأن شركة كاماز الروسية، الرائدة في مجال صناعة الشاحنات الثقيلة، تضع السوق المغربية ضمن أولوياتها التوسعية في إفريقيا، حيث أكد قسم الصحافة التابع للشركة لوكالة الأنباء الروسية أن كاماز تسعى إلى التوسع في أسواق جديدة، وعلى رأسها المغرب، نظرًا لما يمثله من مركز اقتصادي وبوابة استراتيجية نحو القارة الإفريقية. وقال ممثلون عن الشركة لوكالة الأنباء الروسية: "لدينا حضور قوي في العديد من الدول الإفريقية، ونرغب في تعزيز وجودنا عبر اختراق أسواق جديدة، من بينها السوق المغربية". ولم يكن اهتمام "كاماز" بالسوق المغربية وليد اللحظة، بل سبق أن حاولت الشركة دخول هذا المجال منذ ما يقرب من عشر سنوات، لكنها لم تحقق النجاح المنشود، رغم تكرار تصريحات مسؤوليها حول الرغبة في الاستثمار في المملكة، فيما اليوم، ومع التحولات الاقتصادية والاستراتيجية التي يشهدها المغرب، تجد الشركة الروسية نفسها أمام فرصة جديدة، فهل تنجح هذه المرة في تحقيق ما فشلت فيه سابقًا؟ اهتمام كاماز بالسوق المغربية ليس محض صدفة، بل يأتي في سياق توجه أوسع للعديد من الشركات الروسية التي تبحث عن موطئ قدم في إفريقيا، وسط تحولات جيوسياسية واقتصادية متسارعة، وصحيفة "إزفستيا" الروسية كانت قد كشفت في وقت سابق أن كبار مصنعي السيارات الروس، مثل GAZ وAvtoVAZ، يشاركون أيضًا في هذا السباق نحو السوق المغربية، مما يعكس إدراك روسيا المتزايد لأهمية المغرب كمركز اقتصادي محوري في المنطقة. من جهة ثانية، فإن المغرب اليوم ليس كما الأمس ولم يعد مجرد سوق استهلاكية، بل أصبح واحدًا من أهم مراكز التصنيع والتجميع في إفريقيا والعالم العربي، حيث يحتضن مصانع كبرى لشركات عالمية مثل رينو، بيجو، وستيلانتيس، مما يجعل مناخ الأعمال في المملكة جاذبًا للاستثمارات الكبرى، خاصة في مجال صناعة السيارات والشاحنات. ورغم الفرص المغرية التي يوفرها المغرب، فإن دخول "كاماز" لن يكون سهلًا، فالسوق المغربية، رغم كونها مفتوحة للاستثمار، إلا أنها تخضع لمعايير تنافسية صارمة، خاصة في ظل وجود لاعبين كبار في قطاع السيارات والشاحنات، كما أن الشركات الأوروبية والآسيوية رسخت وجودها بقوة، وتتمتع بعلاقات متينة مع الحكومة المغربية، مما يضع "كاماز" أمام اختبار حقيقي في قدرتها على تقديم عروض تنافسية تواكب تطلعات السوق المغربية. بالمقابل، فإن التحديات لا تتوقف عند المنافسة التجارية فحسب، بل تشمل أيضًا العوامل السياسية والدبلوماسية، فالمغرب يرتبط بعلاقات اقتصادية وتجارية وثيقة مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يشكل حاجزًا أمام الشركات الروسية في ظل العقوبات الغربية المفروضة على موسكو عقب الأزمة الأوكرانية. كما أن المغرب يتبنى سياسة اقتصادية واضحة المعالم تستند إلى الاستدامة البيئية والتحول نحو الطاقات النظيفة، وهو ما قد لا يتماشى تمامًا مع نماذج الشاحنات التي تنتجها كاماز، التي تعتمد بشكل كبير على المحركات التقليدية التي تعمل بالوقود الأحفوري، ما لم تطور الشركة الروسية نماذج صديقة للبيئة تتماشى مع الاستراتيجية المغربية في هذا المجال، فقد تجد صعوبة في اختراق السوق المحلية. وفي العموم، يبقى السؤال: هل ستتمكن كاماز أخيرًا من تحقيق رغبتها بالدخول إلى السوق المغربية أم أن التحديات التي حالت دون تحقيق ذلك في الماضي ستبقى عائقًا أمامها؟ المشروع قابل لمختلف الاحتمالات في ظل التطورات الاقتصادية السريعة التي يشهدها المغرب، والانفتاح المتزايد على الاستثمارات الأجنبية، والتي قد تكون الفرصة مهيأة أمام الشركات الروسية لخوض غمار المنافسة، بما فيها كاماز إذا استطاعت تقديم عرض متكامل يلبي تطلعات السوق المغربية، ويتماشى مع استراتيجيات المملكة في قطاع النقل والتصنيع. حتى ذلك الحين، ستبقى كاماز أمام اختبار جديد في قدرتها على اختراق سوق معقدة لكنها واعدة، وستكشف الشهور القادمة ما إذا كانت هذه المحاولة التي أعلن عنها في وكالة الأنباء الروسية، ستختلف عن سابقاتها، أم أنها ستظل مجرد إعلان جديد يضاف إلى قائمة محاولات لم يكتب لها النجاح.